ديكتاتورية المجتمع!!
عبد الفتاح العوض :
لو سألنا أنفسنا لماذا يكثر تعدد الوجوه لدى معظمنا؟!
لماذا كل منا لديه أكثر من لون.. وأكثر من رائحة وأكثر من موقف وفي أحيان كثيرة تكون متناقضة، ومتباعدة، وفيها خليط غير مفهوم ولا متجانس.؟
ثم إن هذه الألوان المختلفة ليست فقط ظاهرة للآخرين بل إن الفرد نفسه يدرك أن لديه وجهاً داخلياً يحبه ويؤمن به، ووجهاً خارجياً يقدمه للآخرين على أنه هو وأحياناً تكون القرابة بينهما معدومة!!
ربما قلة منا الذين يقولون: إن في هذا مبالغة من نوع ما، ولا أظن أن أحداً سينفيه أو أنه لم يلمس وجوده سواء في نفسه أم عند الآخرين.
قبل أن أفسر «لا أبرر» هذا السلوك أود أن أتحدث عن العمود الفقري في هذه الظاهرة وهي ما أطلق عليهم علماء الاجتماع «استبداد المجتمع».
ليست الطبقة السياسية فقط التي تمارس الديكتاتورية بل أيضاً المجتمع يفعل ذلك، وأخطاره وخطاياه في هذا المجال ذات تأثير أكبر وأشمل وأخطر.
الآن.. إذا سأل أي منا نفسه.. ما مرجعياته في الحياة؟ ما الجهات التي تؤثر في سلوكه وقراره؟ سيكون المجتمع بكل مكوناته حاضراً بقوة.. وربما تتباين أحجام جهات المجتمع، لكن المؤكد أنها مؤثرة وفاعلة سواء كنا نتحدث عن الأسرة، أو الدين، أو العمل أو الأصدقاء أو حتى ثرثرات الأقارب والأباعد.
علماء الاجتماع قالوا: «المجتمع يمارس نوعاً من القهر الاجتماعي» وأيضاً «التدخل المفرط للمجتمع في خصوصيات الأفراد يخلق نوعاً من التوتر والصراع النفسي».
صحيح أن أخلاق السلطة تؤثر في أخلاق المجتمع فالناس على دين ملوكهم.. لكن السلطة بالنتيجة هي نتاج مجتمعي، وأظن هنا نستطيع أن نفسر لماذا لدينا تعدد وجوه وتعدد مواقف.
لأن كلاً منا يحاول إرضاء الأسرة، فيلبس لها وجهاً، ويحاول إرضاء رجل الدين فيلبس له ما يناسبه وكذلك رب عمله، و…. وهكذا حتى لا يعرف الواحد منا أي وجه يناسبه.
قلة هي التي استطاعت أن تنسجم مع نفسها إلى حد ما ورغم صعوبة ذلك إلا أن الأثمان التي دفعتها دوماً كانت فادحة وكبيرة.
المقولة الأشهر.. ماذا يكسب الإنسان إن خسر نفسه وربح العالم.؟
مشكلتنا… خسرنا أنفسنا ولم نربح العالم.
أقوال:
«من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس، ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس». حديث شريف.
صمتُّ فقالوا كليل اللسان
نطقت فقالوا كثير الكلم
ضحكت فقالوا ألا تحتشم
بكيت فقالوا ألا تبتسم
مفتاح الفشل إرضاء كل شخص تعرفه.
هناك طريقتان ليكون لديك أعلى مبنى، إما أن تدمر كل المباني من حولك، أو أن تبني أعلى من غيرك.