قضايا وآراء

«الثالثة ثابتة»؟!

| أحمد ضيف الله

قررت المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الأول من آذار 2022، قبول الطعون المقدمة بحق رئاسة المجلس النيابي لإعادته فتح باب الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية مرة ثانية، مؤكدة في قرار الحكم «عدم دستورية إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية»، لكنها أتاحت «إمكانية إعادة فتح باب الترشيح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية لكن بقرار من مجلس النواب وليس من رئاسة المجلس».

المجلس النيابي كان قد أعلن في المرة الأولى في الـ31 من كانون الثاني 2022 أن عدد المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية بلغ 25 مرشحاً، بينهم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني الوحيد هوشيار زيباري الذي استبعدته المحكمة الاتحادية في الـ6 من شباط 2022، لكون المرشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون «ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومشهوداً له بالنزاهة والاستقامة»، وعندما فتحت رئاسة المجلس النيابي باب الترشيح مرة ثانية في الـ9 من شباط 2022 التي طعن بدستوريتها، بلغ عدد المرشحين للمنصب 33 مرشحاً، بينهم ريبر أحمد خالد بارزاني الذي جرى تمريره كمرشح وحيد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بدلاً من هوشيار زيباري.

المحكمة الاتحادية، نأت بنفسها عن فتنة إغلاق باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية نهائياً، معيدة الكرة إلى مجلس النواب وليس لرئاسته لفتح باب الترشيح مجدداً، وقد كان قرارها بمثابة حل وسط لكل المتنازعين من القوى السياسية، وفرصة أخرى من أجل التعاون والتوافق لترتيب أوراقهم، للخروج من الانسداد الحاصل في العملية السياسية منذ أشهر عدة، مانحاً وقتاً إضافياً للحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، للاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية.

المجلس النيابي أعاد فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية مرة ثالثة، معلناً في الـ15 من آذار الجاري أن عدد المرشحين بلغ 40 مرشحاً، من أبرزهم: الرئيس العراقي الحالي برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني، وريبر أحمد خالد بارزاني وزير داخلية إقليم كردستان مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني.

القوى السياسية العراقية، وبعد 5 أشهر من إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في الـ10 من تشرين الأول 2021، وحتى تاريخه، لم تتمكن من الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية، لتمريره بسلاسة في الجلسة النيابية المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية في الـ26 من آذار الجاري، ما يجعل المشهد السياسي العراقي في حالة تأزم مستمر بانتظار إيجاد مخرج لهذه الدوامة، ففَتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية لثلاث مرات لم يغلق باب الخلافات السياسية بين الحزبين الكرديين، الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، في الاتفاق على مرشح توافقي، حيث يصر كل منهما على تمرير مرشحه.

ومما يبدو أنه حتى تاريخه، كلا الحزبين سيذهب إلى الجلسة بمرشحه، الديمقراطي الكردستاني بريبر أحمد خالد بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني ببرهم صالح.

عقدة رئاسة الجمهورية المتمثلة في صراع القوى السياسية الشيعية الضاغطة باتجاه عدم تمرير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ما لم يتم الاتفاق مسبقاً على رئيس الوزراء وشكل حكومته، إن كانت أغلبية أم توافقية، والمتمثلة أيضاً في كسر الإرادات في الصراع الكردي الكردي، بشأن الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، هما سبب توقف أو انسداد العملية السياسية.

الإطار التنسيقي الذي يقوده نوري المالكي رئيس «ائتلاف دولة القانون»، يتحرك نحو إعلان كتلة جديدة باسم «الثبات الوطني» من خلال تحشيد أكبر عددٍ من النواب لمنافسة التحالف الثلاثي المكون من التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف القوى السنيةّ «السيادة»، الساعي إلى تشكيل حكومة «الأغلبية الوطنية»، وكلاهما ينشط لضم نواب من القوى السنيّة والكردية والمستقلين إلى جبهته.

العقبة التي سيواجهها كل من التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي، هو تأمين حضور ثلثي أعضاء المجلس النيابي الـ220 نائباً من أصل 329، عدد نواب المجلس، لانعقاد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، وهو أمر ما زال صعباً، في ظل ضبابية التحالفات بين الكتل السياسية، غير المستقرة وغير الناضجة، ما يجعل المشهد السياسي معقداً وصعباً بالمجمل، للخروج من حالة الانسداد السياسي الحالية.

صراع صامت مفتوح ما بين «الأغلبية الوطنية» و«الثبات الوطني»، وسباق لا تزال نتائجه غير واضحة، للوصول إلى أكبر عددٍ من المقاعدِ النيابيةِ، الذي لن يتضح إلا في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في الـ26 من آذار الجاري، لمن ينجح بجمع الثلثين لتمرير مرشحه، هذا إن عُقدت الجلسة.

في العراق فقط باب الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية يفتح ثلاث مرات! في سابقة غريبة لم تحدث قبلاً، وقد لا تنجح، على الرغم من المثل القائل «الثالثة ثابتة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن