رياضة

لم يكن الآتزوري أولها ولن يكون آخرها … تاريخ طويل من مفاجآت تصفيات كأس العالم طواحين هولندا الأبرز وإنكلترا الأقوى

| خالد عرنوس

طغى سقوط المنتخب الإيطالي لكرة القدم أمام نظيره المقدوني في نصف نهائي الملحق المؤهل إلى نهائيات كأس العالم المزمع إقامتها في قطر نهاية العام الحالي 2022 على سواه من الأحداث الكروية وسيبقى حديث أهل اللعبة الشعبية الأولى حتى انطلاق المونديال وسيكون مثالاً دائماً للمفاجآت الصارخة في عالم قطعة الجلد المدورة كما فوز الأورغواي على البرازيل في مونديال 1950 أو فوز أميركا على إنكلترا في النسخة ذاتها أو فوز الجزائر على ألمانيا الغربية في مونديال 1982 وسواها، ذلك أن الآتزوري له مكانة عالية جداً في تاريخ المونديال بفوزه بالكأس أربع مرات والأهم أنه بطل القارة العجوز قبل أقل من عام بينما نظيره من مقدونيا الشمالية لا يملك أي إنجاز يذكر سوى فوزه في مباراة للتاريخ على المانشافت الألماني في التصفيات الحالية، وشهد تاريخ التصفيات الخاصة بكأس العالم العديد من المفاجآت التي يمكن تصنيفها ضمن الكبرى وآخرها سقوط الآتزوري بالذات في تصفيات النسخة الماضية على الأراضي الروسية، في السطور التي التالية نحاول الإضاءة على بعض هذه النتائج على سبيل الذكرى.

فلاش باك

بداية وفي نظرة سريعة نذكر أن النسخة الأولى للمونديال ضمت 13 منتخباً وتمت فيها المشاركة بدعوات خاصة إلا أن معظم الأوروبيين اعتذروا وكذلك منتخب مصر، وفي النسخة الثانية بدأت التصفيات التي تفرز المتأهلين إلى النهائيات وقد شارك فيها 27 منتخباً وشهدت 27 مباراة وشهد التاريخ للسويد أن فازت على أستونيا في أول مباراة بالتصفيات في تاريخ المونديال بنتيجة 6/2 بتاريخ 11/6/1933، وفي آخر نسخة ضمت نهائياتها 16 منتخباً شارك فيها 107 منتخبات ولعب 252 مباراة، وشارك 109 منتخبات في تصفيات أول نسخة ضمت 24 منتخباً عام 1982، وفي 1998 بدأت التصفيات بـ174 منتخباً ولعبت فيما بينها 643 مباراة لمعرفة 30 منتخباً انضموا إلى فرنسا والبرازيل في النهائيات، وشهدت تصفيات النسخة الماضية 2018 مشاركة 210 منتخبات في التصفيات (رقم قياسي) وارتفع عدد المباريات إلى 872 مباراة (رقم قياسي أيضاً) قبل أن يتراجع العدد إلى 206 منتخبات في تصفيات 2022 والمقرر أن تلعب 825 مباراة قبل النهائيات.

أول بطلين.. ضحيتا 1958

في تصفيات 1954 سقط المنتخب السويدي أمام نظيره البلجيكي ضمن المجموعة الأوروبية الثانية ووجه المفاجأة أن البلاغولت كان ثالث النسخة الرابعة في البرازيل وقد خسر أمام شياطين بلجيكا الحمر مرتين بواقع 2/3 وصفر/2 ليودع البطولة قبل أن يعود في النسخة التالية ليحل وصيفاً للبرازيل على أرضه، وفي بطولة 1958 جاء سقوط الطليان أمام الإيرلنديين الشماليين ليكون مفاجأة التصفيات ليغيب الآتزوري أول المتوجين باللقب العالمي مرتين للمرة الأولى رغماً عنه وهو الذي لم يشارك في النسخة الأولى بمزاجه، وقد خسر في تصفيات السويد مرتين أمام البرتغال صفر/3 ثم أمام إيرلندا 1/2 محتلاً المركز الثاني وراء خضر بريطانيا.

ولم يكن غياب السيليستي الأورغوياني أقل وقعاً وهو بطل العالم مرتين حاله حال الآتزوري بل هو ثالث نسخة 1954 وقد خرج على يد منتخب الباراغواي لعدما تلقى هزيمة منكرة بلغت صفر/5 قبل أن يرد بهدفين ولأنه تعادل كذلك مع الكولومبي فقد حل ثانياً في المجموعة الثالثة لأميركا الجنوبية.

ثاني وثالث

مرة أخرى وقع المنتخب السويدي ضحية التصفيات وهذه المرة بعد حلوله وصيفاً للبطل، ففي تصفيات 1962 سقط البلاغولت أمام نظيره السويسري ضمن المجموعة الأولى والتي ضمت كذلك بلجيكا، وقد تساوى في نهاية منافساتها المنتخبان السويدي والسويسري بعد تبادلهما الفوز ليخوضا مباراة فاصلة في برلين الغربية (ألمانيا) وفاز الأخير 2/1 ليلحق بركب المتأهلين إلى تشيلي، ولم يكن ثالث مونديال 1958 أحس حالاً فقد سقط بالطريقة ذاتها بعدما تبادل الفوز مع نظيره البلغاري 3/صفر وصفر/1 وفي المباراة الفاصلة على أرض سان سيرو في ميلانو فاز البلغار بهدف كان كافياً لغياب الفرنسيين عن النهائيات.

وغابت المفاجآت عن تصفيات 1966 لكنها حضرت مجدداً في تصفيات النسخة التاسعة، ففي القارة الأوروبية جاء سقوط البرتغالي ثالث مونديال إنكلترا على غير موعد بل أكثر من ذلك فقد احتل إيزيبيو ورفاقه المركز الأخير في المجموعة التي ضمتهم إلى جانب رومانيا واليونان وسويسرا بعد هزيمتهم في ثلاث مباريات بواقع مباراة أمام كل فريق، أما المفاجأة الأضخم يومها فتمثلت بسقوط المنتخب الأرجنتيني وغيابه القسري عن البطولة للمرة الأولى بعدما احتل المركز الأخير في المجموعة اللاتينية الأولى بعد خسارتيه أمام بوليفيا بينتيجة 1/3 والبيرو بهدف وقد فاز على الأول بهدف وتعادل مع الثاني 2/2 إياباً.

آباء الكرة خارج عرسها

في نسخة 1974 غاب الإنكليز للمرة الأولى بعد سقوطهم بالتصفيات بطريقة مفاجئة أمام البولنديين ويومها صدرت إحدى أشهر الصحف الإنكليزية بعنوان يقول: «إنها نهاية العالم»، ففي المجموعة الأوروبية الثالثة فاز المنتخب البولندي على الأسود الثلاثة في وارسو بهدف قبل أن يفرض عليه التعادل بهدف لمثله في ويمبلي إياباً ما أعطى الصدارة والبطاقة المؤهلة إلى ألمانيا لنسور بولندا في واحدة من أقسى المفاجآت والتي لم تعادلها إنكليزياً سوى الهزيمة من أميركا في مونديال 1950.

وفي تصفيات الأرجنتين 1978 تكرر الغياب الإنكليزي عن النهائيات لكنها لم تكن بالمفاجأة الكبيرة ذلك أن المنتخب الإيطالي هو الذي تفوق على آباء الكرة ضمن المجموعة بفارق الأهداف بعد تعادلهما بالنقاط (10 نقاط لكل منهما) علماً أنهما تبادلا الفوز كل في ملعبه بهدفين دون مقابل، وفي الجانب الآخر سقط منتخب الأورغواي بغرابة في مجموعة ضمت أضعف فريقين في أميركا الجنوبية (بوليفيا وفنزويلا) وقد احتل السيليستي المركز الثاني وراء البوليفي.

لكل زمان دولة ورجال

وغاب السيليستي للمرة الثانية عن مونديال إسبانيا 1982 بعدما حل ثانياً في المجموعة الثانية وراء منتخب البيرو وأمام كولومبيا وقد خسر في مونتيفيديو 1/2 ثم تعادل في ليما 1/1 ووجه المفاجأة تمثل في أن السيليستي توج ببطولة العالم المصغرة مطلع عام 1981 على حساب إيطاليا وهولندا والبرازيل، والمفاجأة الأبرز في هذه التصفيات شهدتها المجموعة الأوروبية بخروج المنتخب الهولندي وصيف البطل في نسختي 1974 و1978 ويومها لم يقدر آخر نجوم تلك الحقبة الذهبية للطواحين بالصمود أمام منتخبي بلجيكا وفرنسا فحلوا بالمركز الرابع.

واستمر غياب الهولنديين مع فترة الركود التي أصابت المنتخب البرتقالي فخرج من التصفيات بعدما حل ثانياً في مجموعته خلف المنتخب المجري وفي الملحق خسر مجدداً أمام البلجيكي بهدف ولم ينفعه الفوز بهدفين لهدف بفعل نظام أفضلية الهدف خارج الأرض.

بطل أوروبا وثالث العالم

في 1990 وعقب انتهاء صلاحية الجيل الذهبي للمنتخب الفرنسي الذي توج باليورو 1984 وحل رابعاً في مونديال 1982 وثالثاً في 1986 جاءت النكسة بعدم التأهل إلى مونديال 1990 بعدما احتل المركز الثالث في المجموعة الخامسة وراء يوغسلافيا واسكتلندا وقد خسر على أرض الفريقين بنتيجة 2/3 وصفر/2 على التوالي ولم ينفعه التعادل مع الأول 2/2 والفوز على الثاني 3/صفر إياباً.

وتابع الفرنسيون خيبات الأمل ففشل بالتأهل إلى مونديال أميركا 1994 بعدما فشل في حجز إحدى بطاقتي المجموعة السادسة فحل ثالثاً بعد المنتخبين السويدي والبلغاري وقد وصل إلى المواجهة الأخيرة أمام المنتخب البلغاري في البارك دوبرنس وهو بحاجة إلى التعادل لا أكثر، وبالفعل تقدم الديوك بهدف كانتونا لكن سرعان ما أدرك كوستادينوف التعادل وعندما كان يجهز الفرنسيون للاحتفال بالتأهل وفي الثانية الأخيرة من الوقت الأصلي صعق كوستادينوف الجميع بهدف آخر منح البطاقة للبلغار والحسرة للفرنسيين.

ولم يكن الديوك وحدهم الذين أخفقوا بالتأهل فقد عاد الإنكليز إلى أفلامهم القديمة وغابوا عن تلك النسخة بعدما تفوق المنتخبان الهولندي والنرويجي في المجموعة وقد تعادل مع الثاني مرتين بينما تعادل مع الهولندي في لندن قبل أن يخسر صفر/2 في أمستردام، يذكر أن المنتخب الإنكليزي فاز يومها على سان مارينو 7/1 والهدف الوحيد كان الأسرع في مرمى منتخب الأسود الثلاثة تاريخياً وجاء بعد 9 ثوان.

الطواحين تتعطل مجدداً

لم يعد غياب الأورغواي يصنف ضمن باب المفاجآت فقد سقط السيليستي أمام السيليساو ولمصلحة بوليفيا في تصفيات 1994 وواصل التراجع في 1998 ليغيب مرة أخرى بعدما حلّ بالمركز السابع في التصفيات المجمعة التي جمعت 9 منتخبات بعد إعفاء البرازيلي بطل العالم منها، وعاد السيليستي إلى نهائيات 2002 لكن المنتخب الهولندي رابع مونديال 1998 أخفق بالحضور هذه المرة وذلك بعد حلوله ثالثاً في المجموعة الثانية التي ضمته إلى جانب البرتغال وجمهورية إيرلندا وقبرص وأستونيا وأندروا، وعاد السيليستي إلى سيرته الأولى مع الغياب المتكرر عن المونديال فخسر ملحق 2006 بركلات الترجيح أمام المنتخب الأسترالي بعد تبادلهما الفوز بهدف، ولم يكن مفاجئاً غياب المنتخب اليوناني لكنه اعتبر كذلك خاصة أن أبناء الفلاسفة توجوا على حين غرّة ببطولة أمم أوروبا 2004.

الآتزوري..يصدم مرتين

وجاء غياب المنتخب الإيطالي عن مونديال 2018 كأبرز مفاجأة منذ عقود وقد حدث على يد البلاغولت السويدي الذي فاز بهدف في سولنا وفرض التعادل السلبي في ميلانو ويومها حل ثانياً في المجموعة السابعة وراء اللاروخا الإسباني، واعتبر الغياب يومها تكملة لنتائج الآتزوري المونديالية بعد تتويجه باللقب الرابع عام 2006 فخرج من الدور الأول 2010 وكذلك في البرازيل 2014.

ولأن الفرق الكبيرة تمرض ولا تموت في عرف كرة القدم فقد عاد الآتزوري إلى الواجهة سريعاً بفضل المدرب روبرتو مانشيني فسجل سلسلة تاريخية من النتائج الإيجابية بمحافظته على سجله الخالي من الهزائم في 38 مباراة ناسخاً الرقم القياسي السابق للمنتخب الإسباني وقد استطاع تتويج هذه السلسلة باستعادته اللقب الأوروبي 2021 قبل أن يسقط في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية أمام اللاروخا الإسباني، ورغم ذلك فلم يتسرب الشك لعشاق الكرة الإيطالية بأن منتخبهم سيغيب عن المونديال، ورغم أنه لم يخسر في التصفيات لكنه حل وصيفاً للناتي السويسري في المجموعة الثالثة ليجبر على خوض الملحق فكان السقوط أمام المقدوني مريعاً ليكون الآتزوري أبرز الغائبين عن مونديال 2022.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن