من دفتر الوطن

الأوهام الممتعة

| عبد الفتاح العوض

هل كان من الممكن أن نحتمل الحياة بلا أوهام؟!

قلة من الأشخاص الذين ناقشوا كم الأوهام في حياتهم، ولو أراد أي منا الآن أن يسأل نفسه سؤالاً بسيطاً عن عدد الأوهام التي سقطت بالضربة القاضية مع الحياة.. مع حياته هو وليس مع الحياة بشكل عام فإننا سنجد العدد ليس قليلاً.

كم وهماً رافق كلاً منا منذ طفولته وهو الآن ينظر إلى الماضي ويضحك من نفسه وهو يقول كم كنت واهماً.

فرانسيس بيكون وهو فيلسوف إنكليزي اعتبر أن مجموعة من الأوهام تحاصر وتؤثر في العقل البشري.. أولها أوهام الكهف، وهي التي تتعلق بالشخص نفسه وبطبيعته وأوهام القبيلة أي تلك التي يفرضها المجتمع، ثم أوهام السوق وهي الناتجة عن تعاملات المجتمع وآخر نوع الأوهام الكونية التي يقدمها المفكرون من تفسيرات وتحليلات وسمَّاها أوهام المسرح.

دعوني معكم أركز على نوعين من الأوهام، نبدؤها من أوهام الشخص عن نفسه، فهي تمثل حالة خاصة في حجم تأثيرها على حياة كل منا.

ملخص هذا الوهم أننا نرى أنفسنا بصورة مختلفة عما يراها الآخرون ثم في دائرة أوسع نحن لا نرى الواقع كما هو وإنما نراه مع إضافة انطباعاتنا ومشاعرنا وخلفيتنا.

الأسوأ من كل ذلك أن الفرد يميل ليأخذ ويصدق الأشياء الإيجابية المتوقعة، لأن الدماغ وهنا- لب المشكلة- يجد صعوبة بالتعامل مع التشاؤم.

النوع الأخطر من الأوهام تلك التي حصلنا عليها من ثقافتنا ومجتمعنا لقد تعلمنا أشياء كثيرة صدقناها لأنها تتوافق مع الطبيعة البشرية في الميل للخير.

خذوا هذا الوهم الذي ما زلنا نحبه… ليس لدينا أدنى شك بأن «البطل الإيجابي» هو الذي سينتصر في نهاية الرواية، وأن قانون الغاب والقوي يأكل الضعيف ليس قانوناً يخصنا نحن البشر، بل هو قانون يخص الحيوانات في الغابة. ويمكن لكل منا أن يضع قائمة بأوهام كبيرة صدقها وأثبتت الحياة كما كانت كذبات صدقناها بكل طيبة.

يحتاج الإنسان إلى سنوات طويلة وقراءات أطول ليكتشف حجم الأوهام التي تحيط به. ورغم أن كثيراً من هذه الأوهام يصبح صادماً وواضحاً إلا أن البشر- معظم البشر- يرغبون فعلاً في عدم الوصول إلى مرحلة الإقرار بأن كثيراً مما كانوا يعتقدونه ليس إلا وهماً.

وببساطة- معنا حق- فماذا نفعل إن قدمنا ورقة اعتراف بحجم الغباء الذي نمتلكه.. وماذا نستفيد إن ألقينا أسلحة الوهم وقررنا مواجهة الحياة بكل قوانينها الوحشية.

هناك نوع من خداع النفس يكون له أثر مفيد.. مثلاً التفاؤل غير الواقعي.. يسميه علماء النفس تحيز التفاؤل، وهو ميل الإنسان للمبالغة بتوقع الأفضل وتقليل مخاطر الأسوأ… خداع الذات مهنتنا وإلا فلن نستمر بالحياة.

ثمة أوهام لا يمكن العيش دونها.. أوهام الكهف إن رأت النور ماتت ومتنا معها.

أقوال:

-إن الأوهام هي التي تجعل الحياة أمراً يمكن احتماله، لذلك يكره الناس الحقائق، لأنها تبدد الأوهام وتضعهم أمام مرارة الواقع.

– الإنسان دائماً يبحث عن الأوهام لأنه أجبن من أن يواجه الحقائق.

– من يستطع إيهام الجماهير يصبح سيداً لهم، ومن يحاول إزالة الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم.

– معظم الناس يظنون أنهم أذكياء ومرحون وجميلون.

– كم هو مزعج أن أوهامنا غالباً ما تكون أهم معتقداتنا.

-أحياناً لا يرغب الناس في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون تدمير أوهامهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن