ثقافة وفن

هل المسرح السوري «ليس بخير» حقاً؟ … عماد جلول لـ«الوطن»: المسرح السوري بخير وله ممثلوه

| هلا شكنتنا

يعتبر المسرح السوري من أهم المسارح العربية منذ سنوات طويلة، حيث حقّق لنفسه مكانة مهمة على الساحة الفنية وخاصة في مرحلته الذهبيّة، التي تمتد مابين الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين حتى نهاية الثمانينيات، حيث لمعت في تلك الفترة الزمنية نصوص مسرحية إبداعية ومميزة، وتجلى ذلك مع كتّاب ومخرجين وممثلين صنعوا نجاحات كبيرة من خلال مسرحيات مهمة تخطت حدود البلاد وجالت ضمن الدول العربية وحتى الأجنبية في بعض الأحيان.

المسرح السوري تفوق في مراحل معينة

وقد قدم المسرح السوري من خلال خشبته الكثير من الموضوعات المهمة التي استطاعت أن تحصل على انتباه الحضور، وتجعله قادراً على متابعة العرض المسرحي بكل تركيز وتمعن وحب، كما أن الممثلين المسرحيين السوريين يتمتعون بقدرة تمثيلية فريدة تجعلهم قادرين على إيجاد الأدوات التي تقربهم من الجمهور المسرحي، وهذا الأمر بالتأكيد كان له دور مهم في انتشار المسرح السوري وشهرته.

المسرح يتأثر بالظروف المحيطة… وغياب رواده له أثر كبير

ولأن المسرح مثله مثل أي شيء في العالم يتأثر بالظروف المحيطة به، ومع مرور السنوات بات المسرح السوري يعاني الكثير من الصعوبات ومن أهمها الإنتاجية وضعف النصوص المسرحية، حيث غيب الموت الكثير من رواد المسرح المبدعين، الذين كانوا يعملون على صناعة فن مسرحي حقيقي قادر على خلق حالة فنية مبدعة ومتميزة، بالإضافة إلى أن قلة المردود المادي العائد من المسرح أصبح يشكل عائقاً أمام قبول الممثل للمشاركة في المسرحيات.

وبالتأكيد لا يمكننا نسيان الأزمة السورية الخانقة التي تعرضت لها البلاد خلال الأحد عشر عاماً الماضية، حيث أصبحت الظروف القاهرة تؤثر في جودة المسرح وانتشاره ضمن البلاد العربية ما شكل عائقاً جديداً أمام تاريخ المسرح السوري.

غياب الممثلين عن المسرح… وتكرار الوجوه المسرحية

وإذا أردنا الحديث عن المسرح السوري اليوم نلاحظ بأن العاملين في المسرح من ممثلين ومخرجين وكتاب، ماهم إلا أشخاص محدودون يعملون من أجل شغفهم في هذا المكان الذي يعد الحلم الكبير لأي ممثل حقيقي، لذلك دائماً ما نرى الوجوه المسرحية تتكرر في كل عام، ونلاحظ أيضاً بأن أغلب الممثلين السوريين الأكاديميين والخريجين من المعهد العالي للفنون المسرحية يعتبرون المسرح السوري اليوم أشبه بالكائن المريض، لذلك يبتعدون عنهم ويقومون بتبرير هذا الغياب بكلمة «المسرح ليس بخير»، وهذه العبارة هي التي جعلتنا نتوقف عندها لنطرح السؤال الأهم!هل المسرح السوري متعب حقاً؟

جمهور المسرح موجود وحاضر

ولكي نتعرف أكثر على الوضع المسرحي في سورية، تواصلت «الوطن» مع مدير «مديرية المسارح والموسيقا» في سورية الأستاذ «عماد جلول» الذي قال: «المسرح السوري منتعش وحاضر وهو بخير، وعندما نقوم بالإعلان عن أي مسرحية نلاحظ بأن الجمهور يتوافد وبشدة لحضور المسرحيات، وهذا الأمر يؤكد لنا بأن المسرح بخير».

الممثلون الشغوفون بالمسرح موجودون

كما أضاف «عماد جلول»: إن الممثلين الحقيقيين والذين يمتلكون الشغف تجاه هذه المهنة موجودون ويعملون على تقدمة مسرحيات مهمة، مبيناً بأن القدير «غسان مسعود» قدم مسرحيات مهمة وحققت نجاحات كبيرة، كما أن القدير «أيمن زيدان» تفرغ بشكل دائم وعلى مدى عدة سنوات لتقديم مسرحيات متميزة وفق قوله.

الأوضاع العربية المسرحية متشابهة

وأكد جلول بأن الأوضاع وبشكل عام في المسارح العربية تشبه أوضاع المسرح السوري، حيث يتم التركيز على العمل الدرامي أكثر من المسرحي، كما أن بعض الممثلين يتوجه للدراما بسبب سهولة الانتشار والعائد المادي الأكبر، أما المسرح له جمهوره وممثلوه الخاصون به حسب قوله.

عدم مشاركة الممثلين في المسرحيات هو سبب تراجع المسرح

كما تواصلت «الوطن» مع المخرج «مأمون الخطيب» الذي أكد لنا قائلاً: «أعتقد أن سبب عدم مشاركة الممثلين في المسرحيات ليس بسبب أن المسرح ليس بخير، بل أحد الأسباب لتراجع المسرح هو عدم مشاركة أغلب الممثلين فيه، وهنا لا نلومهم، بسبب العائد المادي الضعيف وصعوبة الالتزام بوقت التحضير للعمل المسرحي الذي يتطلب وقتاً طويلاً والتزاماً قد يعيقهم عن المشاركة في الأعمال الدرامية مع ضعف المردود المادي، وعدم تقديم الشهرة اللازمة لهم كون أغلب الفنانين يسعون إلى تحقيق شرط الانتشار الجماهيري قبل الشرط الفني إلا فيما ندر».

الحل للنهوض المسرحي

أما عن رأيه بالحل الذي من الممكن أن يفيد في انتعاش المسرح ونهوضه، أوضح الخطيب بأن الحل الذي يفيد بنهوض المسرح يتمثل من خلال تقديم ودعم كل الإمكانات المادية والمعنوية واللوجستية للعاملين في المسرح، مضيفاً بأن الكتاب المسرحيين المهمين هم قلة في المسرح السوري، ويجب دعمهم إما بالمشاركة الفورية أو إقامة مسابقات للنصوص المسرحية الجيدة بهدف تحقيقها على الخشبة حسب قوله.

الصعوبات اللوجستية التي تواجه المسرح

كما أكد الخطيب بأن الصعوبات الأخرى لوجستية، مبيناً بأن الوضع العام الخدمي في سورية سيئ من ناحية إقامة البروفات ضمن أوقات التقنين الكهربائي وسوء الأحوال الجوية والأمراض، وكل هذا لا يساعد المسرح حسب رأيه.

الدعم المادي مهم جداً

كما أكد المخرج الخطيب أنه يجب أن يكون هناك دعم حقيقي في مسألة الأجور وتشجيع الفنانين ذوي الخبرة المسرحية والسمعة الأكاديمية الجيدة على العودة إلى المسرح.

الأزمة المسرحية هي أزمة قرارات وأزمة مادية لوجستية

وفي نهاية حديثه أكد المخرج مأمون الخطيب بأن كل العوائق الني تعيق المسرح حلها بيد الحكومة التي يجب أن تنظر إلى فن المسرح على أنه فن مهم في حياة المدينة، وليس نشاطاً فردياً يقوم على بضعة أشخاص أو أسماء تعمل في المسرح فقط بسبب حبها وإيمانها بهذا الفن، بل يجب أن يُنظر إليه على أنه ضرورة للمدنية والحضارة وليس برنامجاً كمّياً للعروض، وبالتالي هذه الأزمة هي أزمة مادية ولوجستية وأزمة قرارات يجب أن تدعم فن المسرح لتشجيع العاملين فيه على المواظبة وفق قوله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن