قضايا وآراء

تداعيات «طعنة» تركيا لروسيا على الحل السياسي

سامر ضاحي :

تضاربت الأنباء حول إسقاط المقاتلة الروسية على الحدود السورية التركية، فوزارتا الدفاع الروسية والأميركية تؤكدان أن الطائرة كانت ضمن الأجواء السورية، لكن تركيا تصر أنها دخلت مجالها الجوي.
ولعل أنقرة لم تسقط الطائرة لاعتبارات عسكرية فحسب، بل من باب التطورات السياسية الأخيرة على مسار الأزمة السورية التي أعقبت دخول الروس عسكرياً وسياسياً في آن واحد على خط الأزمة السورية، ما أدى إلى بداية انفراجة دولية على المسار السياسي لحل الأزمة.
وبدا أن الدخول الروسي على خط الأزمة هدد مصالح بعض القوى الإقليمية، فأنقرة تسعى بشدة لإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري في حين تسعى موسكو إلى إغلاق تلك الحدود بشكل نهائي في وجه مرور الإرهابيين والمسلحين، وبات واضحاً أن الهدف التركي هو إثبات الوجود في مفاوضات الحل السياسي التي تراجع الدور التركي فيها كثيراً بعد المشاركة الروسية إلى حد أن الائتلاف الذي شكلته أنقره ورعته «كل شبر بندر» مهدد بالانخراط ضمن وفد معارضة شامل سيفاوض الوفد الحكومي وفق بيان فيينا 2، في حين تريد انقرة أن تعوم هذا الائتلاف قبل انعقاد مؤتمر المعارضة السياسية والمسلحة في الرياض منتصف الشهر المقبل.
ولا يصح توقع عمل عسكري روسي ضد أنقرة، رغم أن الرئيس الروسي توعد «بعواقب وخيمة»، فموسكو تحسن التعامل مع المصالح والتناقضات الإقليمية، وبوتين يدرك تماماً أن الأمر يتطلب التعقل والهدوء كي لا ينعكس أي عمل متسرع على الساحة السورية المشتعلة أصلاً، وقد بدأت موسكو بإجراءات اقتصادية وسياسية حيث دعا وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي ألغى زيارته المقررة لأنقرة اليوم، لمواطني دولته إلى عدم السفر إلى تركيا ودعوة نواب روس إلى وقف الرحلات بين البلدين.
من المتوقع أن رد موسكو على إسقاط مقاتلتها سيكون في مناطق ريف إدلب واللاذقية حيث تنتشر وحدات الإرهاب بكثرة وتمدهما أنقرة بشريان متواصل من السلاح والمال والمشورة العسكرية، ولا سيما أن بوتين وصف الأمر بالـ«ضربة في الظهر وجهها أعوان الإرهابيين».
وكان من المفروض بعد تكرار أنقرة الادعاء بحوادث خرق جوي روسي لمجالها أن تكون توصلت مع موسكو إلى تفاهمات عدم تصادم كالتي اتفقت عليها موسكو وواشنطن لمنع حصول أي حوادث مشابهة لحادث اليوم، وقد تقود حادثة الطائرة إلى توقيع تفاهم كهذا، رغم أن البعض رجحوا أن التوقيع تم سابقاً، لكن حول الجهة الشرقية للحدود وليس من الجهة الغربية التي تريد تركيا أن تكون لها اليد الطولى في النفوذ، لكنها، كما يبدو، أسقطت المقاتلة الروسية لدفع موسكو إلى طاولة المفاوضات بعد الدعم الذي تلقاه أردوغان في الانتخابات البرلمانية، وبعدما طالب منذ يومين مجلس الأمن بحماية من سماهم «القرى التركمانية في وجه الاحتلال الروسي».
ويبدو أن موسكو بدأت خطوات جادة للرد فقطعت اتصالاتها العسكرية مع أنقرة، وأرسلت أنظمة دفاع جوي بحرية من طراز «فورت» إلى شاطئ اللاذقية، لتدمير أي خطر محتمل ومنع تكرار مثل هذا الحادث، بعدما استدعت الملحق العسكري في السفارة التركية بموسكو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن