اقتصاد

ورشة تعريفية حول نظم معلومات سوق العمل … القش لـ«الوطن»: تدريب القوى العاملة وفق متطلبات سوق العمل الحقيقية

| محمود الصالح

كشف الخبير في نظم معلومات سوق العمل أكرم القش عن عزم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على العودة إلى تنظيم سوق العمل بما يحقق الغايات والأهداف المرجوة منه.

وأكد القش في تصريح لــ«الوطن» أن هذا المشروع الوطني انطلق في سورية في عام 2004 لكنه توقف بسبب الحرب، ويتم الآن العمل على إعادة تفعيله من خلال توفير البيانات المطلوبة من طرفي سوق العمل وهما طالبو العمل ومن يقوم بإعدادهم سواء الجامعات أم المعاهد أو المؤسسات الخاصة على مختلف أنواعها وكذلك الجهات المستقطبة للقوى العاملة ومدى حاجتها وتوصيف هذه الحاجة بشكل دقيق. ولذلك أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية أمس ورشة عمل تشارك فيها مختلف الجهات المعنية للعودة إلى العمل والتشبيك بين مختلف الجهات العامة والخاصة، للتعرف على خصائص العرض والطلب، والعمل على تدريب القوى العاملة وفق متطلبات سوق العمل الحقيقية، لأنه في الوقت الحالي لم يعد يكفي أن نخرج المهندسين، وأضاف: بل علينا أن نحدد حاجتنا من كل تخصص في الهندسة وتحديد المكان الذي سيستفيد من خبرة هذا المهندس.

ورأى أن العودة إلى هذا المشروع وتفعيله بشكل صحيح يحتاجان إلى تضافر كل الجهود وتوفير كل المعلومات بمنتهى الدقة، وإعداد التقارير والإحصاءات عن كل معطيات التأهيل والتدريب لدى كل جهة، للمطابقة بينها وبين احتياجات سوق العمل، معتبراً أن هذا الإجراء من شأنه الحد من البطالة، وكذلك الحد من ندرة اليد العاملة، حيث توجد لدينا في الوقت الحالي بطالة في كثير من التخصصات لا يحتاجها سوق العمل، وبالمقابل هناك طلب وندرة في تخصصات وحرف معينة علمية وصناعية وحرفية غير موجودة في سوق العمل.

وأشار القش إلى أن من شأن هذا البرنامج الذي يديره المرصد الوطني لسوق العمل التابع لوزارة الشؤون، وبالتنسيق مع المكتب المركزي للإحصاء وبالتعاون مع مختلف الجهات المعنية الأخرى العمل على التغذية الراجعة لاحتياجات سوق العمل.

وأشار القش إلى أن هناك مشكلة في سوق العمل تتمثل باحتياج سوق العمل إلى قوى عمل متخصصة ومتدربة، والسبب في ذلك أن اتجاهات العرض تسير باتجاه والطلب باتجاه آخر، حيث نجد أن هناك خبرات كثيرة في مكان ما لا يحتاجها سوق العمل في ذلك المكان، في وقت لا توجد خبرات مطلوبة في مكان ما، وهذا الكلام ينطبق على الصناعة والتكنولوجيا والأعمال الحرفية والزراعة وغيرها من الأعمال.

ولفت إلى وجود أعمال غير لائقة يؤديها الكثير من الأشخاص لا تناسب العامل من ناحية الأجر ولا من ناحية الاستدامة، إضافة إلى وجود أعمال هامشية غير ملحوظة في سوق العمل، واليوم هناك غياب لمعطيات القوى العاملة المتوافرة، واحتياجات السوق من جميع التخصصات.

هذا وتنفذ الآن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورشة عمل «تعريفية ونقاشية حول نظام معلومات سوق العمل» وبمشاركة واسعة من الوزارات المعنية وممثلي القطاعين الخاص والأهلي وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والاتحاد العام لنقابات العمال واتحاد الحرفيين بهدف التعريف بمشروع بناء نظام معلومات سوق العمل وغاياته ووظائفه والمخطط الهيكلي له، وأدوار الجهات المعنية في إدارته وتشغيله واستثماره.

وبينت مديرة مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رولا الأغبر أنه سيتم خلال الورشة أخذ مقترحات وآراء المشاركين من الجهات المعنية للاستفادة منها في مسودة مشروع بناء نظام معلومات مدمج ذكي ومستدام لسوق العمل، يقدم خدمات لكل من أصحاب العمل والباحثين عن فرصة عمل والتشبيك فيما بينهم وفق الاحتياجات والمهارات التي يتطلبها سوق العمل، إضافة لتقديم تقارير تحليلية وتفصيلية لأصحاب القرار وراسمي السياسات للتدخل وتنشيط سوق العمل.

وتناول المشاركون في نقاشاتهم عمليات تقدير الاحتياجات التي تتم حالياً من العمالة والتخطيط للتشغيل وبناء القدرات وتوفير العمالة، والسبل المستخدمة للمواءمة بين الطلب والعرض للعمالة، وما المطلوب الذي يجب أن يوفره نظام معلومات سوق العمل لهذه المواءمة، ومدخلات ومخرجات لإعداد تقارير حول مؤشرات سوق العمل، والمواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.

كما تطرقوا في نقاشاتهم إلى احتياجات الجهات من مؤشرات ومتطلبات يجب أن يوفرها نظام معلومات سوق العمل لإعداد تقاريرها الخاصة، ومعرفة البنية التنظيمية والترتيبات المؤسسية المتوفرة التي من الممكن البناء عليها واستخدامها لبناء النظام وتشغيله واستثماره.

جدير بالذكر أن هناك عدداً من الدراسات التي أجريت في سورية تبين أن معدلات البطالة قفزت بشكل كبير جداً إلى مستويات لم يلحظها الاقتصاد السوري من قبل، فطوال الأمد الواقع بين (2013/2017) وصلت معدلات البطالة وبشكل وسطي إلى نحو 37 في المئة من قوة العمل، بفعل نتائج الحرب الاقتصادية والاجتماعية وما أفرزته من تدمير البنى التحتية والقطاعات الاقتصادية كلها، وتراجع قيمة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة وسطية تقدر بنحو (60 بالمئة) عما كان عليه عام 2010، وكان أعلى معدل للبطالة في عام 2015، إذ قاربت تلك النسبة نحو (48 بالمئة) من قوة العمل، فقد أدت الحرب إلى تراجع أعداد المشتغلين في الاقتصاد من نحو خمسة ملايين مشتغل عام 2010 إلى نحو (2.6) مليون مشتغل عام 2015، لكن في عام 2017 زاد عدد المشتغلين إلى نحو (3.6) ملايين مشتغل مقارنة مع عام 2015، لكنه بقي أقل بنسبة (28 بالمئة) عما كان عليه عام 2010 أيضاً. وحسب البحث، يعتبر القطاع الزراعي في سورية الأكثر تضرراً، فبينما كان يشغّل القطاع الزراعي أكثر من 50 في المئة من القوى العاملة في سورية، انخفضت النسبة إلى نحو 10 في المئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن