اقتصاد

لأنني أحب الحقيقة وأحبكم أقول: تغير المناخ يحدث بشكل أسرع مما كنا نظن

| بقلم: طلال أبو غزالة

أصدرت الأمم المتحدة مؤخراً تقريراً من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وقد ألقى هذا التقرير نظرة مفصلة بشأن تهديدات تغير المناخ وخلص إلى أن الدول لا تقوم بما يكفي من إجراءات لحماية البيئة من المخاطر التي يجلبها هذا التغير. من الواضح أن ذوبان القمم الجليدية القطبية، وارتفاع مستوى سطح البحر، والظروف الجوية غير الطبيعية يمكن رؤيتها في جميع أنحاء العالم، وقد نفقد القدرة على معالجة تلك التداعيات إذا لم يتم اتخاذ إجراءات أكبر.

في عام 1999 وقبل ذلك، بينما كنت رئيس مجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بالمعايير الدولية للمحاسبة والإبلاغ (UNISAR)، وفي الوقت نفسه كنت في مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمحاسبة (IFAC)، طلب مني أمين عام الأمم المتحدة رئاسة فريق الأمم المتحدة العامل المعني بتغير المناخ بغرض وضع معايير للمساءلة للمؤسسات العامة والخاصة عن الأضرار البيئية التي تسببها.

وتحقيقاً لذلك، شكلت فريقاً من الخبراء يمثلون جميع هيئات المحاسبة الرئيسية في العالم وأنتجت مجموعة من المعايير المحاسبية للأضرار البيئية وقدمتها رسمياً في اجتماع رسمي إلى الأمين العام للأمم المتحدة لاعتمادها من قبل الأمم المتحدة. لكن لسوء الحظ، عارض سفراء الولايات المتحدة ودول أخرى تطبيق مثل هذه المعايير بسبب تأثيرها في صناعاتهم.

الآن بصفتي رئيس مجلس أمناء اتحاد التحضر المستدام (CSU) برعاية الأمم المتحدة، نيويورك، أدعو قادة العالم للعمل معاً على اتخاذ إجراءات عاجلة للحماية من كبر كارثة بشرية في العقود القادمة، وهي تغير المناخ.

يحدث تغير المناخ بشكل أسرع مما يعتقد معظم الناس ويبدو أن البلدان لا تفعل ما يكفي مع استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. وتتعالى وتيرة آثار تغير المناخ بشكل كبير بحيث يمكن أن تطغى قريباً على قدرتنا على التكيف، الأمر الذي سيكون مدمراً لوجودنا على هذا الكوكب.

أتفق تماماً مع بيان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن التقرير بمنزلة «دليل دامغ على فشل القيادة العالمية في مجال المناخ». ومن الواضح أن الكثيرين يتشدقون فقط بقضية تغير المناخ، ولا سيما شركات النفط والغاز المبتكرة جداً في تحقيق التوازن في أرقام الكربون، ولكنها تُحدث القليل جداً من الحلول الفعلية في الواقع. هذه قضية رئيسية حيث إن هناك حاجة متزايدة للطاقة في جميع أنحاء العالم، وإنتاج المزيد من الطاقة مع إنتاج كمية أقل من الكربون يمثل بالفعل تحدياً كبيراً.

تُرى موجات الحر والحرائق البرية وندرة المياه والعواصف والفيضانات على نطاق غير مسبوق في جميع أنحاء العالم وهي دليل على حقيقة أن تغير المناخ ليس مزحة حيث تظهر الآثار الضارة في جميع أنحاء العالم والنتائج بالتأكيد سلبية أكثر مما كان متوقعاً. جزء من المشكلة هو أن الدول كانت بطيئة في التكيف لعدم توافر الأموال الكافية لمساعدتها على تأسيس البنى التحتية اللازمة لمكافحة هذه الآثار. إذا استمر هذا، فسنجد المزيد من الأشخاص مجبرين على الفرار من منازلهم. من الواضح أننا لا نستطيع أن ندع تغير المناخ يأخذ مجراه ونأمل في التكيف معه، حيث تظهر المؤشرات المبكرة بالفعل أننا نفشل فشلاً ذريعاً في هذا.

يجب أن نضمن عدم زيادة الاحتباس الحراري بأكثر من 1.5 درجة، حيث يشير العلماء إلى أن تجاوز هذا المستوى سيكون كارثياً. من أجل القيام بذلك، يجب أن نعمل معاً للتخلص تماماً من الوقود الأحفوري بحلول عام 2050 والعمل مع شركات التكنولوجيا والطاقة لتطوير بدائل حقيقية، إضافة إلى مساعدة الدول الفقيرة على وجه الخصوص التي تكون أكثر تعرضاً لمخاطر مناخية أكثر من الدول الغربية.

قبل عقد من الزمان، كانت هناك تعهدات من الدول الغربية بتقديم 100 مليار دولار لتطوير مصادر أحدث وأنظف للطاقة والتكيف مع تغير المناخ. لسوء الحظ، لم يتم تقديم سوى جزء بسيط من هذه الأموال التي تم التعهد بها وهو أمر ضروري لدعم الدول الأقل ثراءً التي هي في أمس الحاجة إلى المساعدة. هذه قضية تواجهنا جميعاً ويجب أن نعمل معاً لمكافحتها وإلا فإن جهودنا ستذهب سدى.

هذا إضافة إلى خفض انبعاثات الكربون، إذ يجب علينا العمل على اتخاذ إجراءات لحماية مجتمعاتنا واستخدام الاستراتيجيات المفصلة في تقرير الأمم المتحدة للتحضير بشكل أفضل. إذا تم ترك هذا الأمر من دون رقابة، فإن الأشخاص الذين لديهم أقل الموارد والذين هم الأقل مسؤولية عما يحدث سيحصلون على نصيب الأسد من التداعيات عندما تصبح الأراضي الزراعية غير صالحة للاستعمال، وتصبح الأرض غير صالحة للسكن، وتؤدي العواصف المطيرة الغزيرة إلى تدمير المحاصيل والظروف الجوية القاسية وهو الأمر الذي يصعب جميع نواحي الحياة.

لا يمكننا السماح باستمرار التنازل عن القضية ويجب أن نحاسب عمالقة الطاقة. إن بقاءنا يعتمد على اتخاذ إجراءات حقيقية. وبصفتي رئيس اتحاد التحضر المستدام، أدعو قادة العالم ورؤساء الطاقة إلى العمل معاً للمساعدة في تجنب أزمة وشيكة من صنعنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن