بلا مقدمات نسأل: هل مشكلات الأسواق والمواد والسلع الأساسية والأسعار تنتهي بتعميم من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أو بتصريح يؤكد التقيد بنشرة الأسعار؟ كالعادة ومع اقتراب شهر رمضان المبارك واشتداد الطلب على المواد الغذائية وخاصة مستلزمات المائدة الرمضانية تصدر تعاميم وتعقد اجتماعات ويتجدد التأكيد والتذكير وتهيئة الجداول وتكثيف الدوريات واستقبال الشكاوى، لكن هل ثمة جدوى من كل ذلك على أرض الواقع؟
منطق الأشياء وواقع الحال وكل ما يحدث يؤكد أن التعاميم لم تكن في يوم ما كفيلة بضمان استقرار الأسواق وتأمين المواد بأنواعها كلها للمواطنين ضمن الجودة والمواصفة المطلوبة والأسعار المناسبة، وليس بالتعاميم وحدها تكون الرقابة فعالة ومجدية. والأمر الآخر: هل التعليمات والمهام التي يتم التذكير بها هي خاصة بشهر رمضان فقط أم إنها من الوظائف الأساسية اليومية في كل زمان ومكان مثل توزيع الجدول الرقابي للدوريات، وتلبية متطلبات المستهلكين ورفد الدوريات بالعناصر الإدارية المكلفة بالعمل الرقابي وتكثيف الدوريات لتغطية كل الأسواق والفعاليات التجارية ومتابعة سير الأسعار للمواد بشكل يومي وغيرها.
الوقائع التي تسجلها الذاكرة التاريخية تؤكد أن الرهان على آليات عمل من هذا النوع هو رهان خاسر، وإذا كان هناك من يريد التبرير وترحيل المسؤوليات ربما يرد بسؤال: ما الحل؟
نقول الحل تعرفونه قبلنا وهو مكافحة أصل البلاء وهم السماسرة وتجار الحرب الذين يتحكمون بتسعير السلع والمنتجات وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء، كما أن الحل الذي يعرفه أصحاب الشأن هو مكافحة مافيات السوق السوداء والقضاء على من يقوم بتحويل بضاعته إلى دولارات كل يوم بيومه.
وبما أن التعاميم والإجراءات الحكومية غير قادرة على التأثير فيما يحدث والحد منه، فإن أولى المهام والمسؤوليات التي تتحملها هي النجاح في التدخل الإيجابي بما يسهم في تأمين المواد الأساسية وتخفيض الأسعار في الأسواق، فالتعاميم أو التذكير بها لا تخفض الأسعار، ولا تحقق المنافسة التي تؤدي إلى كسر الاحتكار، ولا تحقق أيضاً شعار الحكومة بتحقيق التوازن بين توفير المواد بأسعار مناسبة ودخل المواطن، وهذا هو الوجع والجوع الحقيقي للمواطن سواء في شهر رمضان أو غيره.
ولذلك يوميات رمضان ستكون حكومية بامتياز والموائد الرمضانية في بيوت الصائمين تخضع لوقائع الأسواق والأسعار، وبقدر ما يصوم أصحاب الشأن عن الاستغلال والاحتكار في أسعار المواد بقدر ما يكون للتعاميم الوزارية أثر في المستهلك وتتوفر له بالفعل الحماية الحقيقية، وبما أن النية لها أهمية كبيرة في بداية الصوم والأهم هو حسن النية فهي التي تحدد هدف الإنسان ووجهته وطبيعة حياته في كثير من الأمور على قاعدة الحديث الشريف المشهور للرسول الكريم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى»، وأيضاً باعتبار أن النية محلها القلب، اللهم نوينا أن نصوم رمضان كاملاً لوجهك الكريم إيمانا واحتسابا، تقبله منا واجعل ذنبنا مغفوراً وصومنا مقبولاً واجعل صيامنا ليس الامتناع عن الطعام والشراب فقط وإنما البعد عن جميع المعاصي والقبائح من الكلام والأفعال» رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.