في التقرير الشامل الذي أعده معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي بتاريخ 24 كانون الثاني عن تقدير الوضع في الكيان الإسرائيلي للعام 2022، ورد نص بأن «إسرائيل تفتقر مفهوماً إستراتيجياً متكاملاً ومتسقاً وبعيد النظر، وأن أهم ما يميز هذا الوضع هو غياب استغلالها لقدراتها الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية للرد على التحديات السياسية والأمنية والداخلية التي تواجهها، وهذا العامل ناجم عن عدم وجود مفهوم إستراتيجي متكامل وبعيد الرؤية».
يحدد التقرير أن «مواجهة إيران تشكل أهم التحديات بسبب القدرات الحربية المتزايدة لإيران في مجالات كثيرة»، ويعتبر التقرير المواجهة مع الساحة الفلسطينية تحدياً رئيساً يحمل خطراً على مشروع ضمان وجود دولة لليهود وحدهم بسبب تزايد عددهم ومقاومتهم في الداخل».
ويشير بالمقابل إلى الوضع الداخلي للكيان بأنه «يسير نحو الفرز والاستقطاب بين مجموعات مختلفة في ظل ضعف الثقة بمؤسسات الدولة ما يؤثر سلباً على الحصانة الاجتماعية والأمنية».
أما على مستوى المنطقة والعالم فيتوقع التقرير أن «يتجه الوضع الإقليمي نحو التشدد ضد إسرائيل في حين يزداد الانشغال الأميركي في مواجهة تحديات داخلية اقتصادية واجتماعية يقابلها التحدي على مستوى الوضع العالمي والحرب في أوكرانيا وتصاعد الصراع مع روسيا والصين، وهذا ما يؤدي إلى تقليل درجة الاستعداد الأميركي لتلبية مخاوف إسرائيل وما تحتاجه».
ولا شك أن ما يعرضه هذا التقرير أصبحنا نشهد الكثير من مظاهر وجوده على الساحات الثلاث في الأراضي المحتلة وفي الساحة الداخلية الإسرائيلية والإقليمية وهو وضع يشير إلى تدهور واضح في قدرة القيادة الإسرائيلية على تغييره بالمقارنة مع السنوات الماضية.
في الختام يعرض التقرير توصيات ومقترحات يعدها مناسبة لمواجهة عوامل الضعف التي يواجهها الكيان فيطالب «بصياغة إستراتيجية تستند إلى التوصيات التالية:
1- إنشاء آليات تخطيط وعمل حكومية ذات طابع اندماجي بين مختلف اختصاصاتها ومهامها.
2- وضع الاستعدادات المناسبة لمواجهة اتفاق إيراني مع الدول الكبرى حول الموضوع النووي.
3- عدم التوقف عن تنفيذ سياسة «المعركة بين الحروب» فوق الأراضي السورية لمنع إيران من زيادة القدرات العسكرية فيها.
4- عرض مشاريع سياسية واقتصادية على الفلسطينيين في الضفة الغربية لزيادة فصلهم عن بعضهم وعن المستوطنات والمحافظة على التهدئة مع قطاع غزة.
5- دعوة واشنطن إلى زيادة تقديم الدعم العسكري من النوع الأكثر تطوراً وتوسيع اتفاقات التطبيع مع دول عربية أخرى».
ولا شك أن مثل هذه التوصيات العامة والجوهرية المختصرة تشير بوضوح إلى إعداد خطط عدوانية تستهدف أطراف محور المقاومة في جبهة الشمال وفي جبهة الجنوب في قطاع غزة والعمل على زيادة الانقسام في العالم العربي والمنطقة عن طريق فرض اتفاقات تطبيع مع دول عربية أخرى، وهو ما لا يمكن للكيان الإسرائيلي تحقيقه في هذه الظروف التي بدأت تزداد فيها مصالح وطنية وقومية بين عدد من دول المنطقة التي تصر على انتهاج سياسة مستقلة عن السياسة الأميركية، وقيادة الكيان في تل أبيب تدرك المضاعفات التي يولدها ضعف قدرة النفوذ الأميركي على فرض سياساته حتى عند بعض الدول الصديقة له في المنطقة والعالم، وخاصة بعد التراجع الذي فرضته على تل أبيب وإجبارها على عدم اتخاذ الموقف الأميركي – الغربي نفسه ضد روسيا والعملية العسكرية في أوكرانيا.
ومن أهم هذه المضاعفات أن الكيان الإسرائيلي سيكون أحد الخاسرين من خلال هذا الوضع القائم على الحدود الروسية – الأوكرانية وبعد تبلور نتائجه التي لن تكون في مصلحة واشنطن أو تل أبيب سواء أطال أمد هذه العملية العسكرية أم قصر ما دام الجميع يسلم بأن روسيا الاتحادية ستتمكن من تحقيق أهدافها من هذه العملية التي ستؤدي إلى تغير لمصلحتها في ميزان القوى العالمي بينها وبين القوة الأميركية على الساحة الدولية وهذا ما سوف يعكس زيادة في القدرات السياسية والعسكرية للدول الصديقة والحليفة لها في المنطقة.
ولذلك يقترح معهد أبحاث الأمن القومي «صياغة مفهوم إستراتيجي جديد يلبي إزالة المخاوف الإسرائيلية من الظروف المقبلة خلال عام 2022».