موائدنا لم تعد كريمة في هذا الشهر الكريم … مواطنون من طرطوس لـ«الوطن»: الأسرة بحاجة لمليون ليرة إذا أرادت أن تطبخ طبخة كل يوم رمضاني
| طرطوس- ربا أحمد
(سفرة رمضان) في طرطوس لم تعد كريمة ككرمه، لم تحتفل به ولم تلم شمله وتحمل شوقه وبركاته.. للسوريين طعم خاص مع رمضان لا يشبه أي مكان آخر بحرقته.. طبخة مع صحن فتوش وزبدية شوربة.. هي سفرة أهل طرطوس اليوم في ظل غلاء المواد، في حين لم يتشفع الشهر الكريم بخفض تكاليف لمة الأسرة على طاولة واحدة في أول يوم نظراً لكونها عزيمة تفوق القدرات المالية بمراحل كثيرة.
في جولة لـ«الوطن» في شوارع طرطوس أكدت السيدة أم ربيع أن صحن الفتوش لأسرة مؤلفة من 4 أشخاص بات يكلف 10 آلاف ليرة وكيس عدس الشوربة الذي يكفي يومين أو ثلاثة ثمنه 7 آلاف ليرة؟
وأشارت السيدة أم كامل أن تكلفة طبخة كوسا بلبن بلغت 30 ألف ثمن لبن ولحمة وكوسا ورز، فما بالك بطبخة يومية أي مليون ليرة بالشهر ثمن طبخة واحدة فقط على السفرة.
نعم مليون ليرة أرجوكم اكتبوها كل أسرة بحاجة لمليون ليرة في الشهر إذا أرادت أن تعمل طبخة واحدة كل يوم في هذا الشهر الفضيل هذا من دون السلطة أو الشوربة… كلام لسيدات يسرن في أسواق الخضر واللحوم محتارات في شهر كريم يحاولن أن تكون موائدهن فيه كريمة..
بالمقابل عندما علم أحد المواطنين أننا صحافة قال: «أول مرة منذ خمسين عاماً لا أفطر أول يوم رمضان مع إخوتي»!
ووقفت سيدة تقول: «اشتريت كيلو فول وكيلو خيار وكيلو بندورة بـ15700 ليرة.. ما هذا؟ جعنا».
وبعد أن «هربنا» من سوق الخضار خجلنا أن نسأل عن أسعار التمور التي تراوحت بين 31 ألفاً للنخب الأول بوزن 600 غ و19 ألف ليرة للنخب الثالث بوزن 800غ، بأنواع مختلفة ولكن بكمية قد تكفي أسرة لمدة أسبوع فقط فما بالكم بأربعة أسابيع كما لفت أحد التجار لنا.
وهل نضيف أسعار «معروكة» رمضان أو أي نوع من أنواع الحلويات؟ هذا سؤال أحد الموظفين والذي كان يراقبنا فسأل «من قال إن رمضان هذا العام يشبه مثيلاته؟ بدأ رمضان منذ 4 أيام استطعت أن أشتري للأولاد علبة «معروكة» واحدة فقط لأن ثمنها 6 آلاف ليرة».
وعند سؤال صاحب محل حلويات أشار إلى أن ثمن «المعروكة» هذا العام يتباين وفقاً حجمها ونوع حشوتها بين 6 آلاف و12 ألفاً والحلويات زادت في الفترة الأخيرة بعد غلاء السكر والسمن وعدم توافر الغاز أكثر من 20 بالمئة لكل الأنواع، فما بالكم أيضاً بأجور العمال والضرائب والتغليف والتنظيف والفواتير.. جميعنا منكوب والعمل تراجع جداً واقتصر على طبقة مخملية ننتظرها ونحاول جذبها بأي طريقة كانت.
أما سوق مشروبات رمضان فأسعارها بقيت معقولة وفق ما أكد أحد الباعة وأن الارتفاع طال الأكياس والعبوات والسكر أكثر مما طال المادة نفسها، فسعر ليتر عرق السوس 1000 ليرة والتوت 1500 ليرة والتمر الهندي 1500 ليرة، وعن مصدر المواد أوضح أن عرق السوس حصراً من مدينة الرقة والتمر الهندي مستورد وتوجد قوالب في المحال يتم نقعها وتذويبها وتصفيتها قبل يوم، أما التوت فهي مكثفات من معامل العصير، لافتاً إلى أن الكميات المبيعة لم تتراجع لكون سعرها مقبولاً وتكفي العائلة.
ولم ننته من هموم الطعام لنصل إلى هموم النقل الذي عجزت عنه كل الجهات المعنية بمحافظة طرطوس فالموظفة سمر القادمة من القدموس كانت تشهق من تعبها وهي الصائمة التي خرجت من منزلها الساعة 6,30 لتصل في الساعة 9,30 إلى دوامها.
وأكدت سماهر أن سرافيس المدينة لا تسير أكثر من رحلتين باليوم والمازوت يباع بالكامل والناس منتشرون على الطرقات وينتظرون لساعات وهم صائمون من دون أي تشديد أو ضوابط في هذا الشهر الفضيل.
وأكد البعض أن التوجه إلى بانياس أو إلى القدموس يحتاج لأجرة مضاعفة وتحت رحمة السائق.
ضجيج الشكاوى لن يخفض الأسعار أو يوفر النقل هذا ما قاله لنا أحد العجائز الذي تساءل عن الحال التي وصلت لها الأسرة السورية في هذا الشهر الفضيل بغلاء الخضر والفواكه واللحوم والحلويات والجميع يعلم أن تكلفتها حقيقية والسبب عدم توافر المازوت أو البنزين وغلاء العلف وكل أجور الاستيراد وغيرها ولكن من سيرفع الأجور لتتناسب معها؟ فأولياء الأسرة باتوا يعملون عدة أعمال من الصباح الباكر إلى آخر الليل والنهار من دون فائدة.
مدير المخابز بطرطوس رامز سليمان أكد أنه لا تخفيض لمخصصات المحافظة من الدقيق ولا يوجد أي إشكال بساعات العمل لأنه يجب أن يستمر إلى حين تغطية كامل بطاقات المحافظة يومياً، فالمخابز العامة وحدها تستهلك 160-200 طن يومياً.
بدوره مدير( التموين) بطرطوس سالم ناصر أكد أن الدوريات مستنفرة ليلاً ونهاراً في كل أنحاء المحافظة قائلاً: «أنا الآن موجود في دورية ستجول من صافيتا إلى الدريكيش إلى السهل وننظم ضبوطاً نتيجة عدم التزام التجار بتسعيرة التموين سواء للتمور أو الحلويات أو السكر والرز وغيرها وستصل إلى المئات بيوم واحد».