ثقافة وفن

عن بنطال الجلد وأزمة الثقة… الجمهور «كسر عضم» صناع المسلسل

| خلدون عليا

لم يمر مشهد «التحرش» الذي تم عرضه في مسلسل «كسر عضم» مرور الكرام.. المشهد لا زال يتفاعل حتى اللحظة بين من فهمه أنه مسيء للمرأة كون لباس الفتاة ليس فاضحاً وأن المتحرش يبقى متحرشاً مستغربين التدقيق من خلال الحوارات على لباس الفتاة «الفاضح» مع العلم أننا نراه الفتيات يرتدينه يومياً.

بالمقابل دافع آخرون عن المشهد واعتبروه عادياً وأنه يمثل شريحة من الناس يمكن الاطلاع على آرائهم.

بدوره كاتب العمل علي معين صالح لم يتأخر بالتوضيح بعد الجدل الكبير حيث قال في تعليق: إنه عند كتابة المشهد فكر بمنطق «الأزعر» الذي يعتقد أن الفتاة عندما ترتدي هذا النوع من الملابس فهي تبحث عمن يتحرش بها وأردف قائلاً: إنهم أخطؤوا ربما وكان يجب أن يكون اللباس أكثر إثارة.

مخرجة العمل رشا شربتجي لم يتأخر ردها أيضاً فقالت: «إلقاء اللوم على الصبية من قبل أختها ورائد الشرطة هو تشريح للواقع الذي يعيشه مجتمعنا الذكوري والذي يضع اللوم على الفتاة ويتغاضى عن جريمة المتحرش وهذا ما يحصل للأسف، مع العلم أنه ذُكِرَ في المشهد أن المتحرشين «شباب زعران».

وأكدت شربتجي أنها مع الحرية الشخصية في اللباس والتصرف».

بعد كل هذا اللغط الدائر حول أزمة الثقة في بنطال «الجينز» يبقى السؤال الأهم هل تصدير المشهد يعتبر تعدياً على المرأة أو محاولة للإقلال من شأنها والتعدي على حريتها الشخصية الجواب يكمن في حكاية المسلسل فقط لا غير… الحكاية هي السر ولا سر في غيرها.

كان علينا أن ننظر إلى خلفية الشخصيات التي تحدثت بهذه الكلام « شمس» التي تؤدي دورها النجمة نادين تحسين بيك.. في الحلقات القادمة تحضر لنا قصتها.. ويالها من قصة تنبع من حجم مأساة كبير « فقدت أمها وأباها وشقيقها» في يوم واحد… نامت وهي تنعم بالأسرة واستفاقت لتجد نفسها وحيدة في هذا العالم برفقة شقيقتها الطفلة الصغيرة… هنا المنطق الحكائي وفي ظل مواجهة المجتمع وتحمل المسؤوليات بعمر صغير كان من الطبيعي أن تكون «نادين» متحفظة في مواجهة «المجتمع الذكوري» فهي وضعت في مواجهات مع بعض المتحرشين بمختلف مواقعهم وهي في عمر صغير وتحملت ما تحملته لتدافع عن نفسها وشقيقتها الوحيدة التي هي عائلتها في عمر مبكر فكونت ردة فعل نفسية ومجتمعية تتناسب مع قصتها التي بنيت عليها وبالمقابل أن تجد أن شقيقتها التي تعرضت للتحرش بحالة نفسية وعاطفية كبيرة وحتى أن تصرفاتها تدل على نقص ما في شخصيتها بحكم أنها تربت على الخوف من القادم وتحاول أن تتغلب على خوفها وبناء شخصيتها كون خوفها نابعاً من خوف شقيقتها «شمس» عليها في مواجهة المجتمع.

بالمقابل نبحث عن ضابط الشرطة الذي يؤدي دوره النجم خالد القيش.. من منا عرف خلفية الشخصية ولما تحدثت بهذه الطريقة هل هو فعلاً مخول للحديث بهذه الطريقة وهل كلامه يجب أن يسمع.. هو قدم وجهة نظره وربما علينا الانتظار أكثر لنعرف مسار هذه الشخصية وطبيعة حواراتها القادمة ومنبتها الاجتماعي حتى نحاكمها.. هل نحاكم الشخصية على جملة واحدة في مسلسل هو أحد أبطاله ربما علينا أن ننتظر لنرى ماذا سيقول وهل كانت جملته تبرر شخصيته وتعكسها أم لا.

قد تكون رشا شربتجي والكاتب قد ارتكبا خطأ في أحد تفاصيل المشهد وربما من حق أصحاب وجهات النظر أن ينتقدوا ما يخالف تفكيرهم.. لكن هل يجب أن يكسروا عضم صناع المسلسل.. بالمقابل إلا يمكن منح الفرصة لـ «المتهمين» بتبرير مشهدهم والحديث عن شخصياتهم ومنابتها.. بالتأكيد هذا حقهم…

ربما الأمر المفيد في هذا الجدل هو النقاش المجتمعي والاختلاف بوجهات النظر لا يفسد للود قضية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن