فساد فوق الخط الأحمر يتسبب بأزمة خانقة للرغيف في مدينة العشارة بدير الزور! … أكثر من عامين المخبز الوحيد متوقف.. والطحين لا يذهب إلى الخباز
| يونس خلف
لم تقتصر الشكوى والاتصالات من مدينة العشارة في محافظة دير الزور على اتصال واحد أو مجرد شكوى من متضرر إنما تحول الأمر إلى شبه إجماع من أهالي مدينة العشارة على وجود فساد ومتاجرة في الأفران الخاصة الموجودة نتج عنها أزمة خانقة في مادة الخبز، والأمر يعود لسببين، الأول وجود مخبز احتياطي وحيد في المدينة متوقف عن العمل منذ عامين والمفارقة أن سبب توقف المخبز عن العمل خلاف بين المؤسسة العامة للمخابز والمتعهد وذهب هذا الخلاف إلى الهيئة العامة للرقابة والتفتيش، على حين بقي المواطن يفتش عن رغيف الخبز فلا يجده وإن توافر أحياناً تذهب معظم كميات الطحين إلى الأماكن التي يتم الاتجار به، وليس الأهالي وحدهم الذين يقولون ذلك وإنما المعلومات التي زودنا بها مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدير الزور ولاسيما أن عدد المخالفات والضبوط تؤكد ذلك لكن رغم عدد الضبوط لا جدوى من ضبط الأمور وتجاوز ما يحدث. كما أن الطحين المخصص للأفران الخاصة وعددها ثلاثة في العشارة لايتم استثماره وإنما يباع بدلاً من تصنيعه وتحويله إلى خبز، ما جعل دائرة التساؤل تتسع، أين الجهات المعنية في دير الزور وأين مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وهل يجوز أن تصل أمور الفساد والمتاجرة بالطحين لهذه الدرجة؟
واقع الحال
واستجابة لشكاوى المواطنين تابعنا كل ما يتعلق بهذه المعاناة وأسبابها والبداية كانت مع مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدير الزور بسام هزاع الذي أوضح ما يتعلق بالمخبز الاحتياطي بمدينة العشارة أنه في عام 2018 تم التوجيه من قبل وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأسبق بإعادة تأهيل المخبز الاحتياطي بالعشارة بالسرعة القصوى ولم ينظم عقد حينها بين المؤسسة العامة للسورية للمخابز والمتعهد الذي باشر العمل لفترة قصيرة وحصل خلاف بينهما أدى لتوقف العمل ولذلك ظل المخبز على حاله غير جاهز للعمل وذهب الموضوع إلى فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ليصدر التقرير اللازم حول ملابسات ما حدث.
أما بالنسبة لكميات الطحين المخصصة للأفران والاتجار بها ودور الجهات المعنية ومديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك فقد أكد الهزاع أنه بالفعل يوجد في مدينة العشارة 3 مخابز خاصة وقد تم تنظيم العديد من الضبوط بحق هذه الأفران وتجاوزاتها لأسباب متعددة منها التصرف بالدقيق التمويني ونقص بوزن ربطات الخبز وكذلك إنتاج خبز سيئ الصنع وعدم التقيد بمواعيد العمل، وتم تشكيل لجان محلية بقرار من محافظ دير الزور وهي موجودة بكل المناطق والقرى ومن ضمنها مدينة العشارة إذ يوجد بكل مخبز لجنة محلية مهمتها مؤازرة دوريات حماية المستهلك ومراقبة عمل المخابز منذ بدء الإنتاج وحتى نهايته كون مدينة العشارة تبعد نحو 65 كم عن مركز مدينة دير الزور وتقوم مديريات التجارة الداخلية بإرسال دوريات بشكل منتظم وذلك لعدم وجود شعبة تموين بمنطقة العشارة والمتابعة مستمرة.
ترحيل مسؤوليات
بعد أن أنجزت الرقابة والتفتيش تقريرها وجهت كتاباً إلى المدير العام لمؤسسة المخابز برقم 8/833 / 9/11/2021 لتشكيل لجنة فنية ومالية مهمتها جرد الأعمال المنفذة من قبل المتعهد وتحديد أسعارها بالنسبة للبنود المقبولة ورفض البنود المخالفة وتصفية قيمة الأعمال من الناحية المالية وتحديد الأعمال المتبقية لأنه لم يتم إنجاز كامل الأعمال وبتاريخ 5/9/2021 وجه مدير فرع المخابز بدير الزور كتاباً إلى المدير العام للمخابز يعلمه أنه قد تم الكشف على مخبز العشارة الاحتياطي وتبين وفقاً لما جاء في محضر الكشف أن معظم القطع والمستلزمات الموجودة في المخبز بحاجة إما إلى إصلاح أو تبديل بدءاً من قطاعة العجين والتخمير والرقاقة وصولاً إلى بيت النار وسير التبريد وضواغط الهواء والعجانات وأن كل شي في المخبز بحاجة إلى إصلاح أو تبديل.
لا حلول في الأفق
خلاصة القول كانت لدى المدير العام لمؤسسة المخابز الذي أوضح لنا أن المخبز ليس جاهزاً ويحتاج إلى نفقات كبيرة غير متوافرة لدى المؤسسة العامة للمخابز، ولذلك بقيت الأمور على حالها وطبيعي أن تستمر في ظل غياب الحلول والبدائل وهذا كله وفر التربة الخصبة لفساد أصحاب الأفران الخاصة ولاسيما في مسألة الاتجار بالطحين وبيع معظم الكميات قبل أن تصل المخبز، لتبقى مدينة العشارة وأهلها بلا خبز. ولا توجد حتى الآن رؤية واضحة لأي حل ممكن لتشغيل المخبز على حين المتاجرة بالطحين مستمرة والأزمة الخانقة تتفاقم، وتتجاوز الخط الأحمر الذي كان يطلق على الرغيف. لا بل يرتفع سقف الفساد فوق الخط بكثير. فهل تعلم الجهات المعنية بكل هذه الوقائع وهل يجوز أن يبقى المخبز الوحيد في المدينة متوقفاً أكثر من عامين وكل الحلول البديلة غائبة.