قضايا وآراء

مخاوف إسرائيل من تطورات أوكرانيا

| تحسين الحلبي

لا أحد يشك أن قادة الكيان الإسرائيلي يتابعون بقلق وبدرجة غير مسبوقة منذ عشرات السنين ما يجري من تطورات في ساحة العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية وتصاعد الحملة الأميركية الغربية ضد روسيا، لأن نتائج هذه الأحداث ستحمل لإسرائيل مضاعفات تفرض عليها تحديات وحسابات جديدة.

ويبين الباحث الإسرائيلي في «معهد السياسات الخارجية» التابع لجامعة رايخمان في تل أبيب شاي هار- تسفي، في دراسة نشرها في 30 آذار الماضي أن «استمرار ما يجري بين روسيا والغرب وما يرافقه من تصعيد أميركي، قد يؤدي إلى اتساع حدود القتال بطريقة تزيد الأخطار التي تواجهها إسرائيل»،

ويرى أن «المعضلة التي تواجهها إسرائيل في المنطقة قد تتفاقم مظاهرها إذا ما استمرت تلك التطورات بين روسيا والغرب، وهذا ما قد يؤثر في الموقف الوسطي الذي اتخذته القيادة الإسرائيلية في محاولتها تجنب الصدام مع روسيا من جهة وإرضاء حليفها الأميركي من جهة أخرى»، ومع ذلك يلاحظ الكثيرون أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت تزيد من مظاهر اصطفافها إلى الخطاب الإعلامي الأميركي الممنهج الذي لا يتوقف عن حملات التصعيد لشيطنة روسيا، وقد ظهر ذلك جلياً في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، ولذلك يدعو هار- تسفي إلى البدء باستخدام الحكومة في تل أبيب لبعض الأوراق «القابلة لإرضاء الرئيس الأميركي جو بايدين والامتناع عن أي عمل يسبب خلافاً معه».

وإذا كانت المصلحة الإستراتيجية والتكتيكية للكيان الإسرائيلي تتطلع إلى نجاح الحملة الأميركية الغربية على روسيا لإضعافها وفرض الشروط عليها، فإن مثل هذه النتيجة لن يحلم بتحقيقها الغرب لأسباب موضوعية تدركها الولايات المتحدة والغرب، لكن تل أبيب تخشى بموجب ما يشير هار- تسفي، إلى «خطر اتساع هذه الحرب» على إسرائيل بشكل خاص أي في المنطقة، والكل يرى أن واشنطن بدأت تحشد كل ما يتوافر لها من أوراق وبأشكال مختلفة ضد روسيا، وسيكون من الطبيعي أن تلجأ موسكو إلى استخدام بعض أوراق لم تستخدمها حتى الآن في صد حملة الهجوم السياسي والاقتصادي الأميركي عليها، وهذا ما تخشاه تل أبيب، بموجب ما يبين هار– تسفي في بحثه.

إذا كانت إدارة بايدين تتطلع إلى إطالة أمد الحرب الجارية في أوكرانيا لاستنزاف روسيا الاتحادية، وهذا ما أعلنه للكونغرس رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميللي قبل أيام حين قال: «ستطول هذه الحرب ولا أحدد بعشر سنوات بل لسنوات»، وفي وضع كهذا ستواجه إسرائيل صعوبة في المحافظة على «توليفتها الوسطية» التي ابتكرتها تجاه ما يجري بين روسيا وأوكرانيا والغرب، وقد تجد نفسها أمام حسابات غير مسبوقة كلما طال زمن هذه التطورات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا والغرب وخاصة حين ترى أن التدهور القائم للنفوذ الأميركي في المنطقة سيضعها أمام استحقاقات لم تكن بالحسبان، فالولايات المتحدة لا تزال تواجه ملفات في المنطقة قد تتحول إلى مواجهات ساخنة سواء مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أم كل أطراف محور المقاومة، وإضافة إلى ذلك تدرك القيادة في تل أبيب أن واشنطن لم تستطع منذ كانون الثاني عام 2020 الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف أكبر وأهم قاعدة عسكرية لها في العراق بأكثر من عشرين صاروخاً وأصابها بدقة، ومنذ ذلك الوقت لم تنجح جميع العقوبات التي فرضتها على إيران على إيقاف تزايد القوة العسكرية الإيرانية والقدرة على استخدامها لحماية أراضيها ومصالحها المشروعة، وما زال ميزان القوى الذي تحقق لإيران يخيف تل أبيب ويحبط مشاريعها ضد طهران ومحور المقاومة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن