من دفتر الوطن

الخوف من الكلمة!

الكلمة- المصيبة، وعليك فقط تغيير التشكيل، فإما أن تعني الصواب، أو الكارثة، وشخصياً أرى أنها في الحالتين خطيرة جداً وقد تودي بصاحبها إلى ما لا تحمد عقباه، والعياذ بالله.

فعندما يتعلق الأمر بالكاتب الذي يستخدم كلمة صادقة ويدلل من خلالها على الصواب، فإنها قد تجلب له المصيبة، لأنه قال الصواب أو الحقيقة، وهناك أشخاص يكرهون الحقيقة والصواب، ولو اقتربت منهم فإن عليك أن تتوقع مصيبة من الطراز الممتاز!.

هنا يصبح الحق باطلاً والصدق كذباً وتنقلب الأمور رأساً على عقب، وتبرأ ساحة مجرم ضبط بالجرم المشهود، ويحكم على البريء لمجرد الشبهة!؟

لذا تجدون من يخاف من الكلمة حتى لو كانت على حق، بل المضحك المبكي أن هناك أشخاصاً يخشون حتى من وضع إشارة الإعجاب (أي اللايك)على بوست يرون أنه يحمل شيئاً من الجرأة غير المحمودة!.

لا تصدقوا من يقول لكم إنني لا أخاف من كلمة صدق قلتها أو سأقولها، لأن الإنسان ولد على الخوف، وفطم على الخوف، وربما يختلف شخص عن آخر بامتلاكه جرعة شجاعة زائدة أو فائضة، وآخر يمتلك جرعة جبن وخوف زائدة أو فائضة تمنعه من التنفس بحضور شخص له نفوذ أو منصب أو سلطان، ويمجده من دون تردد رغم أنه بينه وبين نفسه يمقته ويكرهه ولا يحب مجرد ذكره!.

أعترف أنني أخاف من بعض الكلمات التي أكتبها هنا أو في أي مطبوعة أخرى، لكنني أغامر قليلاً، وأداور قليلاً، وألعب على الألفاظ وأهرب من الكلام المباشر الذي قد يسجل علي ويتخذه بعض الناس حجة لمقاضاتي و(جرجرتي) إلى المحاكم، وأنا أحب العدل وأخشى منه في الوقت نفسه، لذا أفضل الهروب، وفي المأثور الشعبي مثل يقول «الهريبة تلتين المراجل» لذا أحب المحافظة على ثلثي هذه المرجلة!.

والأهم أن الهروب يكون أحياناً بالكتابة الساخرة، أو الكوميديا السوداء التي تجرح وتداوي، وتنكأ الجراح ولا تستطيع وصف الترياق الشافي لأن وصفة الترياق نفسها قد تعني أنني دخلت إلى حقل ألغام قد لا أخرج منه حياً.

أمام كل ذلك أجد أنني ليس عندي جديد لأكتبه، ربما أكرر كلمات كتبتها قبل عام أو عامين فهي تعبر عن نفسي وأفكاري، وأهمها أن كلمة الحق صعبة ومصيبة لمن يكتبها أو ينطقها، لذا أختار درب الحب هو الدرب الأقصر الذي يوصلنا إلى قمة الفرح وذروة السعادة ويجنبنا الدروب الوعرة والكلمة المصيبة التي تجلب المصائب ووجع الرأس والقدمين أحياناً!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن