فنون البلاغة
قد تزدهر فنون البلاغة وعلم اللّغة وبعض جمالياته بمقدار ما يتمتع من فنٍّ جمالي القول والمرتبط بفعلٍ لغويّ المنشأ.
وهذا الشيء قد يُعزّز من قوة الترابط البلاغيّ بجمالٍ لغويّ يُقبّل وجه البلاغة، ويسمو في بدائع الشيء الذي يُرادُ لفظه بشكل بلاغيّ القول والأقوال.
يُرادُ أن يُبرز جمالية اللفظة العميقة ومن هنا نقرأ بعض جماليات اللّغة التي تحيطُ بها، ترتكز عليها بما يجعلها تستجمع مفهومها الأعمق من حيث هي أولاً، وتُظهر بهاء قولها المُناط بها، وهنا يُقصد بلاغة الشيء الزاخر معرفةً والزاخر علماً إبداعيّ التصوف اللغويّ أو البلاغيّ وهذا الإبداع يجب الانتباه إليه والتأكيد على إغناء كل لفظة، وكل قول معرفيّ الفكرة ويُبرز قيمة جوهرها الأسمى.
يُبرز مظاهر الفنّ البلاغيّ وجوهره الأوفر علماً وثقافة.
والذي يُميز مفهوم الفن البلاغي، وهنا يبرز السؤال التالي: أين من عظمة هذا الفنّ ومن سُبل حضوره المعرفيّ ومُقتضيات أمره؟ وبالتالي أين نحن من نهره الجاري، وشامخات أوزانه.
أوزان الشيء البليغ، ودانيات قطوفه، دانيات الشيء الأكثر جمالاً في فنون اللّغة قاطبةً وكل ما يحيط بها وما يجعلها تصيغ وحدة الفكرة، وتصهر كلّ مقوماتها في بوتقة البلاغة التامة.
وتُبرز عظمة وبزوغ الفكرة البلاغيّة ومفهومها الأقرب ربّما إلى الشيء الإعجازيّ الذي يمتثل في تقريب اللفظ ومعانيه، ويُشكل بعض جمالياته وفق تراتبية الشيء البلاغيّ الأجمل.
ويُبرز وفق تراتبية كل شيءٍ جميل ينضح بما فيه، وكلّ وعاء بلاغيّ المفردات شكلاً ومضموناً وبما يضمن سرّ الحضور البلاغيّ بين سحائب القول والفعل وبين حالات التوكيد الجماليّ وبما يُبرز جمالية التوكيد المعرفيّ ويبحث في سرّ وأسرار اللغة بما يُبرز أسرار المدّ البلاغيّ وبحره الذي يسترحب في بحر معانيه، يسترحب في شرح معادلاته اللغوية الجادة وعند هذه القضية لا بد أن نقف مجدداً: ونسألُ عن حال اللغة وحال البلاغة وخصوصاً أن كلاً منهما مرتبط بالآخر وبما يًشكّل مرآة تعكس وتختصر جماليات ما سبق الحديث عنه وعن فحواه ومحتواه الثابت والمبدئي.
فكلنا يعرف أن البلاغة تُمثل علماً وبحراً لا يوصف ولا يحدُّ.
وكُلّنا يسعى إلى أن يقطف من شهدها الكلامي، ومدلولها الفعلي الناشئ ووصفه البلاغيّ وصفه الإيحائيّ في مبتدأ الكلام وحاله اللغوي الثري بمعنى أو بآخر..
وهنا يتبلور حاله الإبداعيّ الجوهريّ الصفات، والذي يفرض بالدرجة الأولى أن ننجح في صنع تفاضل مبدئي بين البلاغة بمعناها اللفظيّ وبين المراد البلاغيّ الذي نقصد منه الكثير والكثير ويُقصد منه إيجاد هذا المراد أو الهدف البلاغي الذي نبتغي إيجاده وبالتالي إيجاد عدة العوامل المحيطة به وإيجاد سره المُتعلق بأسرار اللغة كافة، بأسرار التجمّل اللفظيّ والكلامي ولكن بشكل مدروس بعمق جاد.
كل هذا يجعلنا نلتمس جماليات اللغة والقول البليغ نلتمس فنون آدابها، نلتمس نور فصاحتها، وفضاء يستقطب كل بيناتها، وكل نحويات تميزها الحاصل.
وهذا التميز المرهون بتميز كلامي يجوهر نفسه حول حقيقة الفعل البلاغيّ وكل ما يدور في دائرته البلاغية.
وحول حقيقة الاسم البلاغي وعظمة فنون البلاغة بشكلها الأجمل والأعظم.