ثقافة وفن

الدراما السورية ظلمتني ومازالت الدراما تحاول إخراج رأسها من بحر الخراب .. حسام الشاه لـ«الوطن»: لست مطرباً.. أنا أقدم حالة درامية غنائية

حسام الشاه، ممثل سوري عرف بشخصيته اللطيفة وبموهبته المتميزة التي تجعله قريباً من قلب الجمهور، حيث يستطيع أن يجسد الشخصية الدرامية كأنها شخصيته علماً أنه شارك في الكثير من الأعمال الدرامية التي تركت أثراً عند المتابع، ومن أهم الأعمال التي شارك بها «دنيا» و«ليالي الصالحية» و«باب الحارة» و«ليس سراباً»، كما أن شغفه بالفن لم يتوقف عند التمثيل بل اتجه نحو عالم الغناء حيث قدم أغنية مستوحاة من حياة الواقع التي يعاني منها المواطن السوري، لكنه قدمها بطريقة مختلفة وتحمل نوعاً من الكوميديا، وفي حوار خاص له مع «الوطن» أخبرنا الآتي:

في البداية حدثنا عن دورك ضمن مسلسل «صدر الحكم»؟

أنا ضيف في هذا العمل ومشاركتي به كانت من خلال حلقتين وبشخصيتين مختلفتين، ومن وجهة نظري أن هذا العمل تظهر أهميته من خلال عودة الممثلين العرب للتصوير ضمن دمشق، وهذا الأمر يعتبر ضرورة إستراتيجية لسمعة الدراما، وبالتأكيد وجود فنانين ليبيين معنا يدل على تعافي الدراما وإمكانية عودة شركات الإنتاج الخارجية للبلاد.

على مدى عدة سنوات شاهدنا الأعمال الدرامية المشتركة بين سورية ولبنان، كيف تصف هذه الدراما التي باتت متصدرة الساحة الفنية؟

لكي لا أتكلم بشكل غير واقعي، هذه الأعمال هي قرار للمنصات وشكل جديد من البث الإعلامي الدرامي، وكل عمل يقيّم نجاحه بمعزل عن الآخر، وعندما نقول سورية ولبنان نقصد بالقول بأن هناك تاريخاً مشتركاً بيننا وهناك عائلات متكاملة بين هذين البلدين، وعندما تكون الكتابة الدرامية للعمل سليمة وصحيحة من حيث توزيع الشخصيات بين السوريين واللبنانيين بالتأكيد فإن العمل يسير بالشكل الصحيح، أما عندما تكون الأمور لها علاقة برغبات المنتج من دون وجود عمق للحكايات والشخصيات بالتأكيد العمل سوف يخسر مصداقيته، ودعيني أخبرك شيئاً بأن المتابع العربي بشكل عام لا يفرق بين السوري واللبناني حيث يعتبر أن اللهجات قريبة من بعضها البعض، مثلما نحن السوريين نرى بأن جميع لهجات المغرب العربي شبيهة ببعضها البعض ولكنها في الواقع ليست كذلك، بشكل عام الأعمال المشتركة فرضت من إدارات إنتاجية غير سورية وربما غير لبنانية في لحظة من اللحظات.

ما رأيك بالدراما السورية، وكيف تصفها من وجهة نظرك؟

الدراما السورية تحاول أن تخرج رأسها من بحر الخراب، وتحاول أن تتنفس ومازال رأسها فوق الماء، حقيقة الدراما ما زالت تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم بسبب وجود فنانين وفنيين يمتلكون خبرة كبيرة، إضافة إلى رغبة المتابع في مشاهدة هذه الدراما، بالتأكيد نحن فقدنا المكانة التي كنا عليها قبل الحرب لكن مازلنا نصارع بأرض المعركة، ومعركتنا اليوم ليست مع الأزمة السورية بل معركتنا مع تغير وجه الإعلام الذي يحدث في العالم وتأثيره على الوطن العربي، وأريد التنويه بشيء مهم وهو أنه في القرن العشرين وحتى نهايته كان مَن له اليد في المشروع الفني الدرامي وهو الكاتب أو المخرج، حيث كان عندكم مخرج نجم وكاتب نجم، وبالتأكيد في سورية كان الأمر موجوداً.

إذاً هل تقول بأن الكتّاب والمخرجين اليوم لم يعودوا قادرين على فرض وجهة نظرهم أثناء التحضير لمشروع درامي؟

حقيقة اليوم نشعر بأنه لم يعد هناك أهمية للمخرج والكاتب، والدليل أن الأعمال باتت تذهب إلى صناعة الورشات، فلم يعد يستطيع الكاتب أن يفرض وجهة نظره، بل بات يدوّر الزوايا التي تناسب المنتج، كما الأمر أيضاً بالنسبة للمخرجين حيث أصبحنا نشاهد مخرجين مهمين لكنهم مخرجو كليبات وهم أصحاب صورة بصرية جيدة، لكنهم في الحقيقة لا يفقهون بعمق فن صناعة الدراما إلا من رحم ربي منهم، وأقول هذا الكلام لأن الإخراج الدرامي له قواعد ويقوم على ثقافة البيئة التي يعالجها العمل، وأكبر مثال على هذا الأمر أعمال البيئة الشامية التي أخرجها الراحل «بسام الملا» حيث أعطى اهتمامه ومعرفته الدقيقة لهذه البيئة ونقلها للمتابع بشكل دقيق، وأنا لا أقول بأنه يجب أن يكون المخرج هو ابن البيئة التي يعالجها بل يجب عليه الاطلاع عليها لكي يستطيع تقديمها بشكل صحيح، لكن اليوم الأمر مختلف حيث يتم التركيز على المخرج الذي ينهي عمله بشكل أسرع والذي يقدم صورة «بروباغاندية» جاذبة وغنية بالألوان، والدليل على ذلك هو عندما تشاهد عملاً عربياً مأخوذاً من عمل تركي حيث يصور مشهد الزفاف في العمل مثلما يتم تصويره في تركيا، وهذا الأمر مرفوض لكون الزواج لدينا مرتبط بالسلطة الدينية من خلال «الشيخ» أما في تركيا فالزواج مرتبط بالسلطة المحلية عن طريق الموظفين، لا أعلم إذا كان هذا الأمر مقصوداً من خلال التغيرات الكبرى لكي يتم إلغاء خصوصية مجتمعاتنا، ونذهب حول فكرة العولمة التي بدأنا نشاهدها مطبقة على أرض الواقع.

بما أنك ذكرت المخرج الراحل «بسام الملا» برأيك هل رحيله سوف يكون سبباً لغياب أعمال البيئة الشامية مع الوقت!أم سوف تبقى مستمرة؟

أعمال البيئة الشامية موجودة وبعنف نتيجة قبولها من المحطات التلفزيونية العربية، وبالتأكيد لن تنتهي هذه الدراما بغياب الأستاذ «بسام الملا» وخاصة أنه صاحب المشروع الأول لهذه الأعمال التي حصدت نجاحاً جماهيرياً، لكن المسألة بالنسبة لهذه الأعمال باتت مرتبطة برغبة المنتج الذي يريد أن يقوم بتقديم أعمال بيئة شامية حقيقية فيجب عليه الاستعانة بمخرجين من أبناء هذه البيئة أو لديهم اطلاع كاف عليها.

من جانب آخر لقد قمت منذ أسابيع بطرح أغنية تحمل عنوان «فوق الأساطيح» ما سبب اتجاهك نحو عالم الغناء، وماذا تعني لك الموسيقا؟

لا أستطيع أن أسميه بالاتجاه لكن هو رغبة قديمة، وجميع أصدقائي إضافة إلى المقربين مني يعلمون بأنني أؤدي جيداً، وأنا رجل أهتم بالموسيقا بقدر اهتمامي بالدراما، والموسيقا هي مزاجي بالنسبة لي، ولقد استخدمتها في أعمالي الدرامية منذ سنوات ومنها «دنيا»، وقد شاءت الظروف اليوم أن تكتمل من حيث الإنتاج وعناصر الوصول إلى تقديم أغنية نحترم من خلالها ذوق المشاهد، وبالذات نستطيع أن نقدم مافي داخلنا من دون مواربة وصناعة حسب الطلب، وأريد أن أؤكد على شيء مهم وهو «أنا لست مطرباً، أنا أقدم حالة درامية غنائية موسيقية».

من خلال متابعتنا للفيديو الخاص بالأغنية، لاحظنا وجود بعض المتابعين الذين يتذكرون الراحل القدير «رفيق سبيعي» وذلك من خلال كلام الأغنية النابع من الواقع، هل تفرحك هذه التعليقات؟

بالتأكيد، وأعتبر هذا الكلام وساماً على صدري، والقدير «رفيق سبيعي» هو الأستاذ وتعلمنا منه وتربينا على إبداعاته، لكن دعيني أوضح شيئاً من الممكن أن يكون الجمهور شعر بهذا الأمر من خلال استخدامي لكلمة «ياخال» التي كان يستخدمها الراحل رفيق سبيعي، لكن دعينا ننتظر الأغنيات القادمة التي تحمل مضموناً ومزاجاً مختلفاً، وهذه الأعمال هي محاولة لتقدمة شيء يعنيني ويشبهني ومهما حاولنا أن نقدم شيئاً يشبهنا ففي النهاية نحن مؤثرون ومتأثرون.

في النهاية هل الدراما السورية قامت بوضعك ضمن قالب معين، وبرأيك الدراما السورية استطاعت أن تنصفك؟

الدراما السورية ظلمتني، وذلك بسبب كسل عدد كبير من المنتجين والمخرجين وطريقة تفكيرهم الأولية التي يرونني بها بأنني «شاطر» في أعمال البيئة الشامية لذلك كانوا يدعونني إليها فقط، وهذا الأمر سبب لي الأذى حقيقة، وبالرغم من قلة مشاركتي في الأعمال المعاصرة إلا أنني استطعت أن أصنع شيئاً مهماً من خلالها ومثال على ذلك شخصيتي في مسلسل «ليس سراباً». لكن حتماً لدي الكثير لأقوله وفي مختلف المستويات، وفي النهاية أنا ابن هذه الدراما ولا أستطيع إنكار الإيجابيات التي قدمتها إلي ومنها محبة الجمهور وجزء من الانتشار والجماهيرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن