عربي ودولي

توقعات بأن المنفذ الأوروبي للعودة إلى التأثير العالمي هو الشرق الأوسط … الانتخابات الرئاسية الفرنسية أظهرت نمو اليمين وتشتت أصوات اليسار

أفرزت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي جرت أول من أمس، تأهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومنافسته مرشحة اليمين المتطرّف مارين لوبان، إلى الجولة الثانية، ويعد وصول لوبان إلى الجولة الثانية هذا العام بعد انتخابات عام 2017 أمراً لافتاً، يشير إلى توسّع القاعدة الشعبية لليمين المتطرف في فرنسا.

وفي تصريح لـ«الوطن» أمس عبر «وات ساب» أكد الأستاذ في الجغرافيا السياسية في أكاديمية العلوم السياسية في باريس عماد الدين الحمروني أن هناك ثلاث دلالات مهمة عكستها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات، وهي أولاً نمو وتقدم حركة اليمين المتطرف ممثلاً بـ«مارين لوبان» و«إريك زمور»، وثانياً تطور حركة الجبهة الشعبية لـ«جان لوك ميلونشون»، وثالثاً انهيار منظومة الأحزاب القديمة التقليدية من اليمين الديغولي واليسار الاشتراكي والشيوعي.

وأوضح الحمروني أن تشتت أصوات اليسار ووجود «زمور» أعطى الفرصة لماكرون بأن يكون في الدورة الثانية، لأن قراءة نتائج الانتخابات تظهر أن مجموعة اليسار ومجموع اليمين الوطني أكبر من كتلة ماكرون، وهذا يعني في حقيقة الخريطة السياسية أنه كان من المفروض أن يكون المتنافسان في الدورة الثانية هما السيدة لوبان والسيد ميلونشون.

وقال الحمروني: «لقد استطاعت الدولة العميقة تشتيت الأصوات لضمان وصول ماكرون إلى الدورة الثانية مع لوبان» وأوضح أن هناك ملاحظة مهمة أيضاً وهي أن الناخب العربي والإفريقي والمسلم في المدن الكبرى والأحياء صوت لمصلحة ميلونشون بنسبة تفوق 50 بالمئة، ومن هم من الطبقة فوق المتوسطة صوتوا لماكرون.

وبين أن النتائج تظهر أن الأقلية البورجوازية الرأسمالية الأطلسية الحاكمة بفرنسا تستأثر بالحكم، رغم أنها أقلية، لكنها مالكة الكثير من الإمكانات الإعلامية والمالية والاقتصادية.

وأكد الحمروني أن الدورة الثانية ستكون صعبة جداً بالنسبة لماكرون، كما أن قرار ميلونشون سيكون حاسماً، مشيراً إلى أن في برنامج لوبان نقاطاً مهمة وإيجابية، هي تخاطب الطبقة الشعبية والمتوسطة، وتحظى بدعم البورجوازية المسيحية، خاصة بالجنوب والوسط.

وتابع: «يجب ألا ننسى أن الانتخابات النيابية القادمة ستشكل الشوط الثالث، وستكون نتائجها مهمة جداً، لأنه في حال نجح ماكرون في البقاء بقصر الإليزيه فلن تكون له أغلبية مريحة بالبرلمان القادم، فالساحة السياسية في فرنسا اليوم تنقسم بين من هم في خدمة العولمة والرأسمالية المتوحشة ومن يريد استعادة السيادة الوطنية ومناهضة الهيمنة الأطلسية على القرار الوطني».

وأشار الحمروني إلى أن حظوظ لوبان في المرحلة الثانية سوف تكون جيدة، وسيكون الفارق متقلصاً عن الانتخابات الماضية، لأن وضع ماكرون ليس بالجيد، رغم مروره إلى الجولة الثانية، وستكون لوبان قريبة نسبياً ومن الممكن أن يكون الفرق نقطة ونصف النقطة إلى نقطتين لا أكثر، وميلونشون هو الذي سيحسم النتائج، فإذا قرر التصويت لماكرون فإنه سيفوز بالرئاسة.

وأوضح أن ماكرون سيركز في المرحلة الثانية لحملته الانتخابية على نقاط في برنامجه الاقتصادي والاجتماعي، والاستجابة للمطالب الشعبية، وبالنسبة للسياسة الخارجية سيحاول إيجاد حل سياسي للأزمة في أوكرانيا، لأن الأزمة هناك تؤثر جداً في المستقبل الاقتصادي والسياسي للاتحاد الأوروبي.

ونوه الحمروني إلى أن ماكرون سيكون أكثر حرية وانفلاتاً إذا ما فاز بالانتخابات وعبر إلى قصر الإليزيه من الضغوط الأميركية، وربما سيتخذ بعض القرارات إلى جانب ألمانيا لإيجاد حل سياسي للوضع في أوكرانيا، وبالنسبة لملفات الشرق الأوسط في سورية ولبنان، والنووي الإيراني، يمكن لفرنسا وأوروبا أن تلعب الكثير من الأدوار الإيجابية إذا ما أرادوا العودة إلى الساحة الشرق أوسطية، والسورية، واللبنانية، والعراقية، لأن التغيرات الجيوسياسية بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية هي صراع خطير على المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، الخاسر الأكبر في هذا الصراع هو دول الاتحاد الأوروبي، والمنفذ الأوروبي للعودة إلى التأثير على المستوى العالمي هو منطقة الشرق الأوسط، حيث ستكون حاضرة في السياسة الخارجية الفرنسية في المستقبل.

وطوت الانتخابات الرئاسية الفرنسية دورتها الأولى بتأهل كل من ماكرون أولاً بحصوله على 27.85 بالمئة من الأصوات وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان التي حلت بالمركز الثاني بنيلها 23.15 بالمئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن