محصول القطن بين عقد مؤجل وغياب لمستلزمات الزراعة … رئيس الاتحاد العام للفلاحين لـ«الوطن»: العقد مطلب للمنظمة لضمان حقوق الفلاحين
| محمود الصالح
أثار إعلان وزارتي الزراعة والصناعة اعتمادهما لنموذج عقد لتوريد محاصيل القطن، طرفيه الأول المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان والثاني الفلاحين والمزارعين الكثير من التساؤلات عن سبب وجوده، رغم أن وزارة الزراعة بينت أن اعتماد نموذج العقد جاء تنفيذاً لمقررات مؤتمر القطن الأربعين الذي عقد تحت شعار «النظام التعاقدي خطوة نحو العودة إلى التوسع في زراعة القطن»، داعية الفلاحين إلى توقيع العقود، مع تأكيدها أن التوقيع ليس ملزماً ويحق للفلاحين زراعة المساحات المخططة لزراعة المحصول من دون توقيع العقد، مع تنويهها بوجود ميزات تفضيلية للفلاحين الراغبين بتوقيع العقد.
فلاحون أشاروا إلى أن العقد والذي أغلب مواده «إذعانية» نظراً لوجود صيغة آمرة وملزمة للفلاح وهو الطرف الثاني في العقد، لجهة تحديد بيانات المتعاقد الفلاح والمساحة المزروعة بالقطن، وإلزامه ببيعه للمؤسسة، لم يأت بجديد إذ إن هذا أصلاً وارد في جميع القوانين ذات الصلة وخاصة القانون 21 الناظم لزراعة القطن في سورية، كما أن أغلب مواده الواردة موجودة أصلاً في قوانين سابقة متعلقة بالعملية الزراعية بشكل عام وبزراعة القطن بشكل خاص.
ولفتوا إلى أن العقد يتضمن بعض الشروط الفنية الملزمة للفلاح «مثل تسليم القطن معبأ بشلول «جوت» وبوزن لا يزيد على 160كغ للشل، وبعدم وجود أجسام غريبة ضمن الشل، وعدم توريد الأقطان بشكل دوكمة، كما أنه هناك شرط ليس لمصلحة الفلاح ينص على أنه يحق للمؤسسة إيقاف استلام المحصول لأسباب قاهرة ويعلم الفلاح بذلك قبل ثلاثة أيام. إضافة إلى شروط أخرى جميعها ليست جديدة، وكانت مطبقة دائماً في عمليات استلام الأقطان سابقاً.
ورأوا أن أغرب مافي نموذج العقد أنه والوثائق المتفرعة عنه هما الوثيقة الوحيدة في حال حدوث خلاف أمام المراجع المختصة. وبهذا النص يبعد المتعاقدان جميع الأنظمة والقوانين والأنظمة ذات الصلة من التطبيق، وهذا مخالف لتراتبية تطبيق القوانين حيث اعتمد نموذج العقد حالة التحكيم في حال وقوع خلاف بين طرفي العقد، وبهذا تتخلى المؤسسة عن دورها في السيادة في العملية العقدية.
كما أن العقد لم يطبق أهم مادة فيه تم اعتماد النموذج لأجلها وهي الوحيدة التي تصب في مصلحة الفلاح وهي التزام المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بتأمين مستلزمات زراعة محصول القطن من بذار وسماد ومازوت.
رئيس الإتحاد العام للفلاحين أحمد صالح الإبراهيم أكد أن هذا العقد وضع بناء على طلب المنظمة الفلاحية بهدف ضمان حقوق الفلاحين أسوة بالعقود التي تنظمها وزارة الصناعة في زراعة محاصيل التبغ والشوندر السكري، وحتى يكون الفلاح مطمئناً لاستلام إنتاجه قبل بدء الزراعة.
المدير العام للمؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان عادل الخطيب وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن أن هذا العقد لن يطبق في موسم القطن الحالي، وإنما هو عبارة عن تجربة فقط ويمكن أن يطبق في العام القادم، لأن من أهم شروط العقد أن تلتزم المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بتأمين مستلزمات زراعة محصول القطن من بذار وأسمدة ومازوت وفي هذا الموسم الذي بدأت فيه عمليات الزراعة الآن المؤسسة غير مستعدة لذلك، وأضاف: إن هذا العقد يضمن للفلاح المتعاقد الحصول على مكافأة مجزية، وفي حال عدم التزام الفلاح بالعقد تطبق عليه العقوبات الواردة في القانون 21 الناظم لعمليات لزراعة القطن في سورية.
وأقر المدير العام أن إمكانية توفير مستلزمات زراعة محصول القطن من بذار وأسمدة ومازوت غير ممكنة لأن مهمة المؤسسة هي استلام القطن من الفلاحين، لافتاً إلى وجود جهات عامة منوط بها تأمين هذه المستلزمات وهي المؤسسة العامة لإكثار البذار والمصارف الزراعية وشركة محروقات، وكل هذه الجهات لا تتبع لوزارة الصناعة، وهذا الموضوع لا يخدم عملية إنتاج القطن، وهذا العقد حقيقة يحتاج إلى دراسة وتدقيق أكثر، لأن تطبيقه يحتاج إلى جهة وصائية واحدة توفر تلك المستلزمات.
وعن خطة زراعة محصول القطن لهذا الموسم بيّن الخطيب أن الخطة تقضي بزراعة 57ألف هكتار وعمليات الزراعة بدأت في العاشر من نيسان الجاري وتستمر حتى الأول من أيار.
وعن كميات الاستلام في الموسم الماضي بيّن أنه تم استلام 6730 طناً فقط من أصل ما هو مخطط 130 ألف طن، علماً أن محالج المؤسسة كانت ومازالت مستعدة لحلج 250ألف طن.
وعن الكميات التي اشتراها القطاع الخاص من بذار القطن من مناطق خارج السيطرة بلغت 1560 طن بذار قطن لصالح شركات الزيوت الخاصة و4273 طن قطن محلوج لصالح شركات الغزل، وأخذت المؤسسة لقاء ذلك 800ألف ليرة على كل سيارة بذار قطن تم إدخالها من مناطق خارج السيطرة، و100 ليرة على كل كيلو قطن محلوج تم إدخاله من تلك المناطق.
المدير العام السابق للمؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان زاهر العتال قال لـ«الوطن» عن هذا العقد بين المؤسسة والفلاحين إنه لم يأتِ بأي شيء جديد على الإطلاق، فعملاً بأحكام المرسوم 76/77 لعام 1965 فإن المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان هي الجهة الحصرية المعنية باستلام الأقطان المحبوبة من المزارعين وحلجها وخزنها وتسويق النواتج من الأقطان المحلوجة وبذور القطن للمنتجين المحليين من القطاعين العام والخاص وتصدير الفائض، وإن بيع الأقطان والمتاجرة بها لغير المؤسسة يشكل مخالفة تستوجب المساءلة والعقوبة، ونص مرسوم إحداث المؤسسة رقم 106 لعام 1965 على آلية عمل المؤسسة ونص نظام استلام الأقطان المحبوبة على آلية استلام الأقطان المحبوبة من حيث وزنها وفرزها وتصنيفها حسب الرتب المعتمدة بالسعر المحدد وصرف قيمة المحصول وذلك انسجاماً مع قانون زراعة القطن /21/ لعام 2010.
كما حدد قانون زراعة القطن 21 المشار إليه إلى أن في المادة / 25/ آلية دراسة الاعتراضات المقدمة من الفلاحين أثناء الاستلام وبالتنسيق مع مكتب القطن التابع لوزارة الزراعة واتحاد الفلاحين في المحافظة المعنية وأن اللجوء للتحكيم والطرق الأخرى يعتبر خروجاً عن نص القانون المذكور الذي حدد في مواده بالفصل الثامن جميع العقوبات المترتبة على مخالفة أحكام هذا القانون.
وبالتالي فإن هذا العقد ما هو إلا شرح لعمل المؤسسة وآلية تسليم الأقطان. وكان من الأفضل أن يحدد هذا العقد ضمان المؤسسة لتقديم الدعم اللازم خلال عملية زراعة المحصول وخدمته وضمان تأمين مستلزمات الإنتاج وتقديم بعض التسهيلات المالية التي تشجع الفلاحين على زراعة المحصول.