ثقافة وفن

بعيداً عن «عضوات الحارة والزعيم والعكيد» … «حارة القبة».. عمل مختلف بشخصياته وصراعاته ومعانيه بعيداً عن منطق الاستعراض

| وائل العدس

لا يختلف اثنان على أن دراما البيئة الشامية كانت ومازالت المطلب الأول للقنوات العربية رغم كل ما يثار حولها من جدل وانتقادات، الأمر الذي جعلها تجارة رابحة ومضمونة في ظل اندثار أنواع أخرى من الدراما.

وإن تشابهت معظم أعمال هذه البيئة، فإن «حارة القبة» خرج عن المنطق المعتاد وكسر حاجز الدراما النمطية التي قدمتها معظم الأعمال في السنوات السابقة، بل اختلف كلياً عن الأعمال الشامية السابقة جوهراً ومضموناً.

أحداث متماسكة

في الجزء الثاني من هذا العمل نجد بيئة هادفة تغزل روايتها بشغف وبحبكة متقنة لا تستخف بعقولنا، من خلال أحداث متماسكة مشغولة بتقنية، في كل قفلة تترك لدينا العديد من الأسئلة وننتظر بشغف قادمتها، في تركيز مهم على عنصر التشويق في صراع الخير والشر، ولا شك أن «هوشات» رجال الحارة ومكائد نسائها لها نصيب في تسلسل الأحداث.

وربما حرص القائمون على العمل على تغيير المفهوم السائد عما تم طرحه سابقاً في حارات الشام، وعملوا على تأسيس بيئة ناضجة هادفة محكمة البناء، نسجها الكاتب بعناية، وقدمتها المخرجة بشكل جذاب متناغم مع النص.

وتدور فكرة العمل الأساسية منذ الجزء الأول حول الأمانة بمفهومها الواسع والعريض، الأمانة التي نأت الجبال عن حملها، الأمانة الإنسانية والأخلاقية، أمانة الجوار.

عمل مختلف

«حارة القبة» عمل مختلف بشخصياته وصراعاته ومعانيه ولا ينتمي لأعمال البيئة الشامية بمعناها التقليدي بعيداً عن منطق الاستعراض باللهجة وإدراج الشخصيات المعتادة كزعيم الحارة الذي لا يخرج أبناؤها عن مشورته، والعكيد الذي يحمي الحارة والعضوات، خارجاً عن تشوهات ترسخت في الذاكرة عن دمشق.

العمل يرصد حكاية اجتماعية وإنسانية مثيرة ومشوقة بأحداث متسارعة ما بين الحارة الشامية والضيعة والصراع مع الاحتلال العثماني أيام السفربلك من دون أن يقدم وثيقة تاريخية محددة، ويتناول انعكاسات الحرب على الناس ومعاناتهم الفظيعة التي ولدتها.

حكاية مشوقة

العمل بدا متحرراً من كل ما يمت بكلاسيكيات الدراما الشامية محققاً نقلة درامية نالت إعجاب الجمهور، ومبتعداً عن الحشو والإطالة أو التسويف، مقدماً سلسلة من الأحداث المتلاحقة والغزيرة والشائقة والمتشعبة.

صحيح أن أحداث العمل تدور في الحارة الشامية، إلا أنها ترتقي بنفسها عن كل ما يعكر صفو هذه البيئة، فالحكاية طازجة وجميلة تثير الاهتمام، محددة بزمان ومكان، ليست تائهة، تدور في إطار الدراما الممزوجة بالتشويق، حول فترة الاحتلال العثماني لبلاد الشام في القرن التاسع عشر، وتثبت أن لكل شخصية في العمل معنى ووجوداً مبرراً وحقيقياً، مقدمة حكاية مشوقة تتفوق على الاستعراض.

خمسة عناصر

«حارة القبة» جمع خمسة عناصر أسهمت في نجاحه وتربعه على عرش الدراما الشامية، أولها النص الجيد والمتمكن والمحبوك بحرفية عالية ويعتبر الركيزة الأساسية في العمل، ثانيها المخرجة المتمكّنة والقادرة على تنفيذ العمل بخيالها الواسع وحزمها وانضباطها وكوادرها ولقطاتها وتصورها الفني الذي حمل رؤى تتماشى مع الدراما الشامية الحديثة بأحداثها وصورها وتقنياتها وتمسكها بابتكار المتعة الفنية، ثالثها الممثلون الذين أتقنوا شخصياتهم وأخلصوا لها بكامل أحاسيسهم وتعمقوا فيها بملامحها وحركاتها وحواراتها وإيماءاتها ونظراتها، أما رابع العناصر فهم الفنيون المتميزون والمبدعون، وآخر العناصر هو الإنتاج الواعي الذي وفر كل المستلزمات لنجاح العمل وتنفيذه في أحسن الظروف.

أجزاء متعددة

مسلسل «حارة القبة»، مشروع مؤلف من خمسة أجزاء، إذ لم ينجز جزءً بناء على نجاح الجزء الذي قبله، ولم يركب جزءً ثانٍ بناء على نجاح الأول، بل الفكرة مقسمة إلى خمسة أجزاء على مدى خمسة مواسم رمضانية كل موسم 30 حلقة.

الشخصيات الرئيسة

ويؤدي عباس النوري شخصية «أبو العز» تاجر الحبوب في الحارة الذي يقتل قاتل ابنه «أبو الريح/كرم الشعراني» فيسلم نفسه للشرطة ويسجن فيستغل شقيق زوجته «غازي بيك/خالد القيش» هذا الظرف ويسعى للثأر منه وتعليقه على حبل المشنقة، وهو صاحب شخصية مرضية مركبة، وهو رجل مملوء بأحاسيس مشبعة بالحقد والشر والكراهية.

أما سلافة معمار فهي «أم العز» الزوجة المتفانية في سبيل راحة عائلتها وتبدو خلال أحداث العمل بأنها «أخت رجال»، في حين تقدم نادين تحسين بيك شخصية «أم فارس» الزوجة الثانية لأبو العز وتقع بين نارين، نار زوجها وإخراجه من السجن، ونار شقيقها المخادع «غازي بيك».

وتظهر شكران مرتجى بشخصية «سعاد» وهي إحدى ثلاث ضرائر هن رهف الرحبي بشخصية «بهيجة» وإيمان عبد العزيز بشخصية «نفيسة» زوجات جرجس جبارة «أبو راتب»، وبأن لهؤلاء الثلاث خطاً كوميدياً متميزاً ضمن أحداث المسلسل لكونهن الضرائر اللواتي يخلقن المشاكل والتي تعود لمصلحة كل واحدة منهن.

ويطل فادي صبيح بشخصية «طبنجة» التي تعتبر من الشخصيات الشريرة في المسلسل والتي تأخذ طابع الابتزاز والاستغلال والمؤامرات من أجل العيش، ويتزوج «غندورة/إمارات رزق» التي تطلب قتل «غازي بيك» ليكون مهرها.

محمد حداقي يظهر بشخصية «أبو الأحلام» الذي قتل زوجته قبل عشرين عاماً وهرب من حارته واستقر في «حارة القبة» قبل أن يفاجأ بزيارة أمه وابنته «صباح الجزائري وحلا رجب».

أسرة العمل

ويشار إلى أن الجزء الثاني من العمل من تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي وإنتاج عاج للإنتاج الفني وبطولة عباس النوري وسلافة معمار وخالد القيش ونادين تحسين بيك وإمارات رزق وفادي صبيح ومحمد حداقي وصباح الجزائري وعبد الهادي الصباغ ويامن الحجلي وجلال شموط وشكران مرتجى ونادين خوري ووفاء موصللي وجرجس جبارة وباسل حيدر وغادة بشور وقاسم ملحو ورواد عليو ومحمد قنوع وعلي كريم وكرم الشعراني وحسن خليل ومرح حجاز ومرح حسن وحلا رجب ورامز عطا اللـه وعلي سكر وأحمد خليفة ويزن الريشاني وعلي كمال الدين وملهم بشر ومريم علي وترف التقي وعبد الرحمن قويدر وأيمن بهنسي والفرزدق ديوب وطيف إبراهيم وروعة السعدي وراما زين العابدين ورهف الرحبي وإيمان عبد العزيز وماجد عيسى ورجاء يوسف وإياد عيسى ورافي قلايجيان.

يشار إلى أن الجزء الثالث تم تصويره قبل رمضان وفيه عدد من الممثلين الجدد منهم أمل عرفة وفراس إبراهيم ونسرين الحكيم إضافة إلى رنا شميس بدور «أم العز» بدلاً من سلافة معمار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن