سورية

أعلنت أن إسقاط المقاتلة انتقام من امتداد الحملة الروسية إلى تجارة داعش بالنفط وألمحوا إلى دور أميركي … موسكو تعيد النظر بعلاقاتها مع أنقرة وتؤكد أنها ستواصل عمليتها ضد الإرهاب في جميع أنحاء سورية

وكالات :

قررت روسيا إعادة النظر في علاقاتها مع تركيا، ورفضت طلب وزير خارجية الأخيرة عقد لقاء مع نظيره سيرغي لافروف، الذي أكد أن دولته لن تسمح بمرور «جريمة» إسقاط الطائرة من دون رد. موسكو رأت أن المشكلة لا تتمثل في إسقاط مقاتلتها من قبل الطائرات التركية بل في دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتيار المتطرف في بلاده. المسؤولون الروس شددوا على أن إسقاط المقاتلة الروسية جاء انتقاماً من امتداد الضربات الروسية الجوية إلى تجارة تنظيم داعش من النفط المسروق من آبار سورية والعراق عبر الأراضي التركية، وتضرر مصالح مسؤولين أتراك من جراء ذلك. وألمحوا بشكل غامض إلى دور أميركي في إسقاط الطائرة.

بوتين يوصي مواطنيه بالامتناع عن زيارة تركيا
وبعد يوم من إعلان هيئة الأركان الروسية عن قطع كل الاتصالات العسكرية مع تركيا، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستسخر كل السبل المتاحة لديها للدفاع عن أمنها وستتعامل بأقصى درجات الجدية مع جريمة إسقاط الطائرة الروسية فوق سورية.
وأضاف بوتين بحسب موقع روسيا اليوم أن «المشكلة لا تكمن في مأساة استهداف الطائرة الروسية، بل أعمق من ذلك بكثير. فنحن نشهد ولسنا بمفردنا بل العالم بأسره، على أن القيادة التركية الحالية تنتهج طوال سنين وبشكل هادف سياسة داخلية لأسلمة بلادها ودعم التيار الإسلامي» المتطرف فيها. وحذر السياح الروس الموجودين في تركيا من خطر جسيم قد يتهددهم على خلفية التطورات الأخيرة. وقال: «بعد الحادث الذي وقع (أول) أمس لم يعد بوسعنا استثناء تكرار أي حادث آخر، إلا أننا لن نتوانى عن الرد في مثل هذه الحالة ومواطنونا الموجودون في تركيا قد يتعرضون لخطر كبير ووزارة خارجيتنا ملزمة بالتنبيه إلى ذلك»، معبراً عن تأييده قرار الخارجية التي أوصت المواطنين الروس بالامتناع عن زيارة تركيا في الوقت الراهن. وأعلن بوتين منح الطيار الروسي الذي قضى في حادث إسقاط الطائرة وسام بطل روسيا الاتحادية تخليداً لذكراه لأنه قضى دفاعاً عن البلاد ومصالحها إضافة إلى منح الطيار الثاني الذي تم إنقاذه مع المشاركين في عملية إنقاذه أوسمة الشرف التي يستحقونها. بدوره أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن روسيا ستواصل عمليتها ضد الإرهاب في جميع أنحاء سورية بما في ذلك المناطق القريبة من الحدود التركية. ولفت إلى أن بلاده ستدرس «بإمعان وتدقيق» كل المشاريع الروسية التركية المشتركة بما في ذلك مشروع محطة «أك كويو» النووية في تركيا.

ميدفيديف.. أعمال تركيا إجرامية
تهدف لحماية داعش
أما رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف فقد شدد على أن «الأعمال الإجرامية المتهورة» للسلطات التركية كشفت أن تركيا توفر الحماية لإرهابيي داعش وسببت نسفا للعلاقات بين روسيا وتركيا.
ولم يستغرب ميدفيدف في تصريحات للصحفيين هذه الحماية من قبل تركيا لمسلحي داعش، وعذاها إلى المصالح المالية المباشرة لبعض المسؤولين الأتراك التي ترتبط بتوريدات المشتقات النفطية المنتجة في الورشات الخاضعة لسيطرة داعش.
وشدد على أن الفعلة التركية تسببت بتوتر العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي «الناتو» بشكل لا يمكن تبريره وتسببت كذلك بنسف العلاقات بين روسيا وتركيا وإلحاق أضرار من الصعب إصلاحها في العلاقات الثنائية من بينها «احتمال التخلي عن عدد كامل من المشاريع المشتركة المهمة وفقدان الشركات التركية مواقعها في سوق روسيا».

لافروف: إسقاط المقاتلة «استفزاز متعمد»
وبدوره بين لافروف أن المنطقة التي تم إسقاط المقاتلة الروسية فيها تضم مقرات للإرهابيين جاؤوا من روسيا، ومخازن للأسلحة والذخيرة وأن إسقاط الطائرة «مرتبط بقصف مصاف ومخازن نفط تابعة لتنظيم داعش الإرهابي»، متسائلاً: «هل اقتراحات تركيا لتشكيل منطقة حظر جوي في هذه المنطقة تهدف للحفاظ على هذه البنية التحتية للإرهابيين ومنع تدميرها». وبين أن الإرهابيين يستخدمون الأراضي التركية لشن هجماتهم الإرهابية في سورية ودول أخرى.
وكشف أن نظيره التركي مولود جاويش أوغلو اتصل به أمس هاتفياً، وأعرب عن أسفه لما حدث لكنه حاول تبرير الهجوم على المقاتلة الروسية بأن سلاح الجو التركي لم يكن يعرف تبعيتها وأدعى بأنها اخترقت الأجواء التركية لمدة 17 ثانية. ورد على ذلك بالتأكيد على أن «وسائل المراقبة الإلكترونية الروسية تظهر بوضوح أن الطائرة الحربية الروسية لم تخترق الأجواء التركية»، معتبراً أنه حتى في حال دخلت طائرة حربية أجنبية فعلاً في أجواء دولة لمثل هذه الفترة القصيرة فإن إطلاق النار عليها وهي فوق أراضي دولة مجاورة أمر «غير مقبول».
وقال وزير الخارجية الروسي: إن ما جرى «استفزاز متعمد»، وأضاف: «لدينا معلومات كثيرة بأن هذه العملية قد حضر لها في السابق حيث اتصل معنا بعض الشركاء وأبلغونا بذلك وقالوا إنه كمين واضح». وأكد أن روسيا ستراجع مجمل علاقاتها مع تركيا بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية. وأضاف خلال مؤتمر صحفي في موسكو: «لن نحارب تركيا ولن تتغير العلاقات مع الشعب التركي ولكن لدينا تساؤلات حول تصرفات الحكومة التركية.

لافروف: هل أخذت أنقرة إذناً من واشنطن لإسقاط الطائرة؟
وألمح لافروف إلى دور أميركي في إسقاط المقاتلة التركية. وفي هذا السياق، أشار إلى أنه سبق لروسيا أن وقعت اتفاقاً مع الجانب الأميركي حول تجنب الحوادث غير المرغوب بها بين الطائرات في الأجواء السورية، وأن الأميركيين أخذوا على عاتقهم مسؤولية ضمان التزام جميع المشاركين في التحالف الدولي بالإجراءات التي ينص عليها الاتفاق. كما أشار إلى أن الروس أنشؤوا خطاً ساخناً بين العسكريين الروس والأتراك، بعد العمليات الجوية الروسية في سورية، وأضاف «لكن لم يتم استخدامه في السابق ولا في الأمس (الثلاثاء) وهذا يستدعي أسئلة كثيرة». ولفت إلى أن بعض أعضاء «التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ذكروا لنا أن الأميركيين يطلبون منهم الحصول على موافقة الولايات المتحدة قبل تنفيذ الضربات بما أن طائراتهم من صنع أميركي، مضيفاً: أن «طائراتنا الحربية جرى استهدافها من قبل طائرة أميركية الصنع «اف16»، واعتبر أن ذلك يطرح الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت تركيا استثناء من ذلك أو أنها أخذت الإذن من الولايات المتحدة لاستهداف طائرة زعمت أنها مجهولة الهوية فوق الأراضي السورية».
وبين أن روسيا جاهزة للنظر في الاقتراح الذي قدمه الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند خلال مؤتمره الصحفي مع الرئيس الأميركي باراك اوباما أول أمس حول اتخاذ إجراءات لإغلاق الحدود التركية السورية لمنع دخول الإرهابيين إلى سورية مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الرئيس أوباما لم يعلق على هذا الاقتراح رغم أنه اقتراح صائب.
وأوضح لافروف أنه ألغى زيارته التي كانت مقررة أمس إلى أنقرة وأنه ليس هناك الآن أي خطط لزيارات رسمية إلى تركيا أو استقبال أي من الشخصيات التركية إلا أنه استبعد قطع الاتصالات مع الجانب التركي. وفي هذا السياق، نفت وزارة الخارجية الروسية، التي سلمت مذكرة احتجاج صارمة شديدة اللهجة إلى السفير التركي في موسكو على إسقاط المقاتلة، ما أعلنته نظيرته التركية عن قرب عقد لقاء بين لافروف وشاويش أوغلو.

رودو روسية على «الناتو»
وانتقد لافروف حلف «الناتو» لأنه «لم يقدم اعتذاراً، ولم يبد أسفه حول إسقاط المقاتلة الروسية فوق الأراضي السورية».
بدوره أكد سفير روسيا الدائم لدى حلف «الناتو» الكسندر غروشكو أن تركيا ومن خلال إخفاء نفسها وراء غطاء «تضامن دول الناتو» أرغمت الحلف على تقديم الأعذار والتبريرات لإسقاطها المقاتلة الروسية.
ونبه غروشكو في اجتماع مجلس الناتو روسيا، إلى أن تركيا نجحت في تقويض الجهود المشتركة لمحاربة داعش، وأوجدت مخاطر على أمن الدول الأعضاء في حلف الناتو.
وعبر غروشكو عن اندهاشه مما يجري، وقال: «هذه المسرحية التي تجري وراء الكواليس تبدو غريبة وخاصة أنها تنافي كل ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 2249 والذي يلزم جميع الدول الأعضاء وبشكل مباشر بمحاربة خطر الإرهاب بكل الوسائل المتاحة».
في سياق متصل قام متظاهرون برشق السفارة التركية في موسكو بالحجارة احتجاجاً على إسقاط المقاتلة الروسية، بحسب ما أفاد مصور وكالة الأنباء الفرنسية.
وتجمع مئات المتظاهرين وجميعهم تقريباً من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً بعد الظهر أمام السفارة التركية ورددوا هتافات مناهضة للرئيس التركي أمام أنظار الشرطة التي لم تتدخل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن