سورية

في ذكرى الجلاء.. إضاءات على نضالات أبناء الجولان ضد الاحتلال الفرنسي … الجولانيون: مسيرة المقاومة مستمرة وكما طُرد المستعمر الفرنسي سيُدحر المحتلون الصهاينة

| القنيطرة - خالد خالد

السابع عشر من نيسان هو عيد الوطن ويحمل في طياته دلالات ومعاني كثيرة، فهو مرتبط بقصة كفاح ونضال طويل خاضه أبناء شعبنا للتخلص من نير الاستعمار عبر الثورات المتلاحقة التي اشتعلت في أرجاء بلدنا منذ دخول الاستعمار إلى أرضنا.

والجولانيون كباقي أبناء المحافظات ساهموا مساهمة كاملة في إنجاز الجلاء من خلال ثوراتهم في الخصاص ومرجعيون وكوم الويسية وجباتا الخشب وفيق وكل شبر من تراب الجولان، وذلك بفضل رجالات تلك الملاحم أمثال الأمير محمود الفاعور والشهيد أحمد مريود وبقية العظماء من أجدادنا الذين أبوا إلا أن يحافظوا على استقلال سورية.

ولم تخفَ على السوريين النيات والأطماع الفرنسية بعد وصول غورو إلى بيروت في 18 تشرين الثاني 1919 فدعا الأحرار والمناضلون إلى حمل السلاح والاستعداد للمقاومة، وفي الجولان انطلقت فصائل الثوار لمهاجمة القوات الفرنسية في جنوب لبنان وكان من خطط لها زعماء الجولان وفي مقدمتهم الأمير الفاعور ومريود عضوا المؤتمر السوري يساندهما أبناء الجولان من مختلف المناطق.

ومن أبرز المجاهدين في الجولان مجاهدو عشيرة الفضل بقيادة الأمير الفاعور ومجاهدو بني معروف من حضر ومجدل شمس وباقي القرى ومنهم كنج أبو صالح ومجاهدو إقليم وادي التيم وشرق جبل الشيخ بقيادة مريود ومجاهدو عشيرة السلوم بقيادة الشيخ زعل السلوم ومجاهدو جباتا الزيت وبانياس بقيادة أسعد العاص ومجاهدو عشائر النعيم والبحاترة والفريج وأهالي الزاوية والبطيحة وزعماء الشركس والتركمان ومن زعمائهم الشيخ عبد الله الطحان وعكاش السالم وذياب العمر وعاصم محمود وغيرهم.

وتمكن المجاهدون الثوار من أهالي الجولان والأقاليم الداعمة لهم من تحقيق العديد من الانتصارات على القوات الفرنسية رغم تفوقها بالعدد والعتاد ومن أهم المعارك التي حصلت: «معركة المطلة، معركة مرجعيون، معركة النبطية، معركة الحماري، معركة القليعة، معركة تل النحاس، معركة ابل السقي، معركة الخصاص الأولى، معركة الخصاص الثانية».

واكتسبت معركتا الخصاص الأولى والثانية بقيادة الأمير الفاعور ومشاركة مجموعات المقاومة الأخرى، بعداً اقتصادياً ووطنياً في منع الفرنسيين من إخضاع سكان المنطقة لابتزازهم، ثم تكبيدهم خسائر كبيرة وصلت إلى نحو 600 قتيل وأسر نحو 200 جندي واغتنام 40 رشاشاً فرنسياً تركت في أرض المعركة.

مختار تجمع سعسع لنازحي الجولان المحتل، عبد الله الصبرة، قال عن معارك الأمير الفاعور: إنها لم تكن متكافئة مع المستعمر الفرنسي من حيث العدة والعتاد فقد كانت أسلحة القوات الفرنسية حديثة ومتطورة، أما الثوار في الجولان فقد كانت أسلحتهم بدائية وعبارة عن عصي وفراعة (بلطة) وبنادق عثمانية وألمانية قديمة، إلا أن الثوار كبدوا القوات الفرنسية مئات القتلى والكثير من العتاد والأسلحة وكانت إرادة وبطولات أبناء الجولان هي المنتصرة بفضل العزيمة والإصرار على دحر المستعمر، حيث تم صدهم وتمت ملاحقة القوات الفرنسية حتى مدينة مرجعيون، وقد سقط من ثوار الجولان العشرات من الشهداء دفاعاً عن وطنهم الغالي.

وتميزت معركة الحماري في سهل الحولة بضراوة واستبسال رجال الثورة ومحاصرة القوات الفرنسية، حيث تمكن المجاهدون من أسر 35 عسكرياً فرنسياً سلمهم المجاهد مريود للحكومة الوطنية بدمشق. ‏

وأوضح الصبرة، أنه بعد مهاجمة الحامية الفرنسية وقتل أفرادها في منطقة فيق بـآب1921‏ وقائمقام فيق المعيّن من الاحتلال المدعو «عبدو القدوس» بسبب مواقفه من الثوار ودفاعه عن مطامع المحتل، جاءت قوة فرنسية إلى المنطقة ونفذت حكم الإعدام بستة أشخاص رمياً بالرصاص في موقع عين العجرة غرب فيق على يسار طريق كفر حارب، وهم ذياب السلامة (فيق) وعبد الهادي أحمد الخليل (العال) وحسين محمود حسين (العال) وعبد القاسم الهوادي (العال) وعبد الله الترور (البطيحة) وعلي عويض السلامات (العال).

كما صدرت أحكام إعدام بحق الثوار، الشيخ محمد البريدي من قرية (جملة)، محمد فياض الغريب (الشجرة)، عبد الحميد بن حمد الفيصل وطالب الشرع (جيبين)، وعكاش السالم (العال) الذين فروا إلى الأردن حيث أمضوا هناك نحو سبع سنوات، في حين قامت القوات الفرنسية بحرق بيوت ذياب العمر وأقاربه في فيق انتقاماً وقمعاً لأهالي هذه البلدة وغيرها. ‏

وفي سنة 1925 اشتعلت الثورة السورية الكبرى بكل أنحاء سورية وامتدت إلى الجولان في مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وحضر وغيرها للتخفيف عن ثوار الغوطة والجبل لنيل شرف المشاركة بالجهاد ضد المستعمر عبر جبهات متعددة لإنهاك الجيش الفرنسي وعملائه.

وبناء على طلب الثوار بالجولان وصل المجاهد زيد الأطرش إلى مجدل شمس سنة 1925 على رأس قوة كبيرة من ثوار الجبل، حيث تصدت المقاومة في المجدل والقرى المحيطة لأكثر من هجوم للقوات الفرنسية وتمكنوا من إفشاله.

وفي 1نيسان 1925 سيّر الفرنسيون عدة ألوية من جيش الغرب و جيش الشرق وقاموا بالزحف وتطويق القرى التي يوجد فيها الثوار ومركز قاعدتهم في مجدل شمس، وتصدت لها مجموعات المجاهدين بقيادة مختار المجدل أسعد كنج والمجاهد زيد الأطرش، حيث دامت المعارك ثلاثة أيام خسر فيها الفرنسيون عشرات الجرحى والقتلى، بينما استشهد عدد من الثوار الأبطال وفي مقدمتهم القائد فؤاد سليم.

وبسبب التفوق العددي ونفاد الذخيرة من الثوار انسحبوا من ساحة المعركة وتوجهوا إلى جبل العرب لمواصلة الثورة من هناك. ‏

ويؤكد أبناء الجولان أن مسيرتهم ستبقى مستمرة في مقاومة المحتلين الجدد الصهاينة، وأنهم على ثقة تامة وأكيدة بأنهم كما طردوا المستعمر الفرنسي سيطردون ويدحرون المحتلين الصهاينة ليعود الجولان العربي السوري إلى حضن الوطن الأم سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن