ثقافة وفن

الترويج الضخم للأعمال الدرامية يرفع سقف توقعات المشاهد … البوستر هل يمثل عامل جذب للمتابعة وهل يمكن أن يُبعد المشاهد عنه؟

| مايا سلامي

لم تعد الدراما اليوم مجرد توجه فني وثقافي يلقى مكانته وشهرته بالفكر والإبداع فقط فأضحت كغيرها من الصناعات التي تعتمد على المهارات الترويجية وتوظف طاقاتها وخبراتها لخلق دعاية قوية ومنافسة تجذب الأنظار إليها.

وفي خضم كل موسم رمضاني تتسابق شركات الإنتاج للترويج لأعمالها بأساليب مشوّقة لاستقطاب الجماهير ودفع المحطات التلفزيونية لشراء تلك الأعمال، ومن الواضح أن هذه الحملات الترويجية باتت اليوم أكثر شراسة خاصة على منصات التواصل الاجتماعي التي ما إن يبدأ تصوير وتحضير الأعمال الدرامية حتى تضج صفحات المواقع بآلاف الصور والمقالات والأخبار المتناقلة من كواليسها ما يسهم في خلق ضجة إعلامية ضخمة لا تخلو من المبالغة حول بعض الأعمال قبل بدء عرضها والتي تطغى تأثيراتها السلبية في بعض الأحيان على إيجابياتها.

خلق صورة ذهنية

شهد السباق الرمضاني الحالي والسابق العديد من الأعمال الدرامية التي تباينت في محتواها ومضمونها فمنها ما كان على مستوى عالٍ ونال استحسان الجمهور ومنها مالم يحقق ذلك، إلا أن أبرز ما تم ملاحظته في هذين الموسمين هو المنافسة القوية بين الحملات الترويجية والتسويقية الضخمة التي سبقت تلك الأعمال وكان لها أثر في بعض الأحيان على إخفاق عدد من الأعمال التي لاقت جملة من الانتقادات الحادة بعد عرض أولى حلقاتها، حيث تعمل تلك الحملات على خلق صور ذهنية مثالية عن العمل المروج له ما يرفع من سقف توقعات المشاهد الذي يأمل في متابعة شيء جديد غير مألوف وعلى مستوى ثقافي واجتماعي عالٍ، ليأتي العمل فيما بعد بمحتوى بسيط وأقل من العادي لا يتناسب مع حجم الضجة التي سبقته الأمر الذي يخلق حالة من الخذلان لدى الجماهير فتكون هذه الحملات قبل بدء الموسم نقمة وليست نعمة على بعض الأعمال الدرامية، ومن أبرزها في الموسم السابق كان مسلسل «الكندوش» في جزئه الأول، و«جوقة عزيزة» في الموسم الحالي.

جانب أساسي

وفي حديث خاص مع « الوطن» قال الصحفي والناقد الفني جوان ملا إن: «الترويج جانب أساسي ومهم في صناعة الدراما لكن للأسف في بعض الأحيان يتم الترويج لأعمال لا تلاقي القبول الجماهيري لأن المحتوى المقدم ضعيف فيخذل المشاهد بعد عرض العمل الذي أثيرت له ضجة كبيرة في وقت سابق وهذا يشكل إساءة للعمل».

وأكد على أن الترويج بشكل عام ضروري ومن حق شركات الإنتاج أن تروج لأعمالها بطريقة جيدة لكن يجب أن يكون العمل مدروساً من كافة جوانبه بدءاً من الترويج وانتهاء بالمحتوى وأن تولي هاتين الخاصتين الاهتمام الكبير وبشكل متساوٍ.

وأشار إلى أن الضجة الإعلامية الضخمة لجوقة عزيزة في هذا الموسم والكندوش في الموسم السابق لعبت دوراً كبيراً في رفع سقف توقعات المشاهد إلا أن تلك الأعمال لم تكن على المستوى المتوقع والمطلوب ولهذا كان يجب أن تتناسب الحملات الترويجية مع المحتوى حتى لا يخلق صدمة للجمهور.

وحول منع بعض شركات الإنتاج الصحفيين من الدخول إلى مواقع التصوير للحفاظ على خصوصية العمل قبل عرضه، قال: «من الضروري وجود الصحفيين لكن من الأفضل قبل انطلاقة أي عمل أن يقام له مؤتمر صحفي يتم فيه الإجابة عن تساؤلات الصحافة لأن التصوير ضمن الكواليس يحرق العمل والشخصيات لذلك يجب الابتعاد عن موقع التصوير أو على الأقل ألا يظهر الممثلون بالإطلالات التي اعتمدوها لشخصياتهم في العمل».

مرحلة مهمة

وفي معرض تلك الحملات الترويجية عادة ما تسعى شركات الإنتاج إلى تسويق أعمالها بطرق وأساليب جذابة تلفت أنظار الجماهير إليها وغالباً ما يكون «البوستر» الشكل الفني الأهم الذي يحمل قدراً كبيراً من الإبهار المتعلق بطبيعة المسلسل والذي يعكس حالة شخصياته، ولوحظ في الآونة الأخيرة الاهتمام الكبير بتصميمه في الأعمال السورية التي شهدت لهذا العام تصاميم مختلفة ومتنوعة تلاءمت مع محتوى كل عمل، وتميزت أيضاً بالبساطة في الفكرة ووجود جميع فريق العمل للإيحاء بأن البطولة جماعية وهو ما يجذب شرائح مختلفة من الجمهور ويساهم في خلق المنافسة قبل بدء عرض تلك الأعمال.

واحتل بوستر مسلسل «كسر عضم» مكانة بارزة في تلك المنافسة بعد تصدره معظم صفحات التواصل الاجتماعي والذي جمع نخبة الفنانين المشاركين في العمل كاريس بشار، فايز قزق، نادين خوري، خالد القيش، نادين تحسين بك، وكرم الشعراني. وهو من تصميم مصور المشاهير أحمد زملوط الذي تحدث وبتصريح خاص لـ«الوطن» عن أهمية البوستر في الترويج للأعمال الدرامية، فقال: « بوستر أي عمل هو المرحلة المهمة من تقديم ذلك العمل لأنه سيكون منذ البداية ومترافق مع البروموشن فنتعرف من خلالهما على بيئة العمل والزمان والمكان والشخصيات، والبوستر هو مصغر لـ30 حلقة لذلك يجب أن أعطي من خلاله إيحاء عن محتوى العمل ككل وعن أبطال العمل الذين نراهم بصورة تعكس حالة شخصياتهم ونتعرف عليهم للمرة الأولى من خلاله، لذلك البوستر عنصر مهم وأساسي».

كما أضاف: «في غالب الأوقات يكون للبوستر دور مهم في جذب المشاهدين لحضور العمل أو العكس ولذلك أنا أرى أنه يجب الاهتمام بهذا الجانب بشكل أكبر وخاصة في الدراما السورية حيث كان يوجد القليل من الإهمال لهذا الموضوع إلا أن أعمالاً معينة بدأت الآن تهتم بشكل أكبر في تصميم البوستر وإعطائه قيمته».

وعن رأيه حول الترويج المبالغ به في بعض الأحيان، أوضح أن: « الترويج هو من حق الشركات المنتجة لأي عمل وكل القائمين عليه الذين يريدون تسويق عملهم بأكثر من طريقة ولكن في بعض الأحيان لا تتناسب الأحداث مع الحماس الذي صوروه للمشاهد من قبل، حيث يتم اختيار اللقطات الأهم في العمل لوضعها بالبروموشن إلا أن المحتوى الكامل والمقدم على مدار شهر لا يصل إلى المستوى المرموق ويشكل خيبة أمل للمتابع».

واستطاع أيضاً بوستر مسلسل « مع وقف التنفيذ» أن يلاقي رواجاً واسعاً ويلفت الأنظار إليه حيث جمع كلاً من الفنانين سلاف فواخرجي، عباس النوري، غسان مسعود، صفاء سلطان، يامن الحجلي، شكران مرتجى، فادي صبيح.

كما حظي بوستر « الفرسان الثلاثة» بشعبية واسعة والذي تصدره الفنان أيمن زيدان بعد انقطاعه لمدة طويلة عن الأعمال الكوميدية، وهو من تأليف محمود الجعفوري وإخراج علي المؤذن.

وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه مسلسل «على قيد الحب» إلا أن البوستر لم يرض كاتبه فادي قوشقجي الذي علق في وقت سابق عبر منشور له على صفحته الشخصية على فيسبوك، وجاء فيه: «يعلم متابعو صفحتي من منشوراتي الأخيرة أنني في مكان بعيد نفسياً وعاطفياً لكنني أجد نفسي ملزماً أمام جمهوري بإخلاء المسؤولية لا علاقة لي من قريب أو بعيد بتصميم أو اختيار البوستر، آمل أن تعوض جودة التنفيذ رداءة البوستر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن