سورية

بسبب تردي الوضع المعيشي وإهمال التنظيمات الإرهابية … اللغة العربية تتراجع في إدلب.. والمنطقة أمام كارثة تعليمية

| وكالات

شهدت المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في مناطق إدلب ومحيطها تراجعاً كبيراً في اللغة العربية، لتصبح الفصحى أبعد من أي وقت مضى عن السكان، بالقراءة والكتابة وحتى الفهم، وذلك نتيجة تفشي الأمية عند الأجيال الجديدة، وإهمال ملف التعليم من التنظيمات الإرهابية.
وحسبما ذكرت مواقع الكترونية معارضة، أمس، فإنه يلاحظ تراجع استخدام اللغة العربية عند السير في شوارع إدلب وقراءة ما يكتب على واجهات المحال التجارية وزجاج السيارات المتجولة، إذ لا تكاد تخلو جملة أو عبارة من الأخطاء الإملائية، وخاصة ما يتعلق بالهمزات والضمائر المستترة.
وبرر الكثير من سكان تلك المناطق عملية انهيار اللغة عند معظم الفئات المجتمعية إلى تردي الوضع المعيشي الذي أجبر الأهالي على تأمين مهن لأطفالهم بسنين مبكرة، إضافة إلى تداول اللهجة العامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والابتعاد عن القراءة والكتابة بلغة صحيحة.
وانتشرت بشكل ملحوظ مؤخراً، «عصابات الأطفال» في المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية، وتحديداً تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي في إدلب وشمال غرب سورية، بسبب الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية.
وذكرت تقارير صحفية مؤخراً، أنه بينما تئن المناطق التي يسيطر عليها «النصرة»، نتيجة الوضع المعيشي السيئ، وغياب أبسط الخدمات العامة، يقوم التنظيم بتجميع أموال الضرائب والإتاوات التي يفرضها على السكان في إدلب، ويحوّل جزءاً كبيراً منها إلى استثمارات لمصلحة متزعميه داخل تركيا، كما يقوم بسرقة المساعدات المخصصة للمواطنين، وتخزينها لديه.
ونقلت المواقع عن علي المحمود، البالغ من العمر 23 عاماً، والذي انقطع عن الدراسة خمس سنوات، قوله إنه اضطر مع عائلته لتشارك السكن مع عوائل أخرى أثناء النزوح، ما جعل من الدراسة أمراً مستحيلاً وسط الضجيج والاكتظاظ.
وتابع الطالب، الذي أكمل دراسته منذ العام الماضي، بعد أن حصل على الشهادة الثانوية، بأن تدهور اللغة العربية أصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لمعظم سكان إدلب، وهو ما يجعل من مهمة إكمال التعليم بالنسبة للمنقطعين أمراً صعباً، على حد تعبيره، مضيفاً: إنه استعان بالدروس الخصوصية حتى يرفع سويته اللغوية.
من جهتها، أكدت طالبة المرحلة الثانوية، مريم الحسن، البالغة من العمر 18 عاماً، أن نقص الكفاءة وراء تراجع المعارف والمهارات اللغوية، إضافة إلى نقص الاهتمام العام مع تغيير الحال الراهن.
وفي السياق، أشار محمد الأحمد يعمل ممرضاً في إدلب، إلى أن سوق العمل لا يطلب اللغة العربية ولا يهتم بمدى إجادتها، إذ إن المنظمات التي تقدم أفضل الفرص المعيشية لا تشترط على المتقدم سوى معرفة اللغة الإنكليزية أو لغات أخرى دون الاهتمام بمدى فهم ومعرفة الفصحى.
وحسب تقارير فان قطاع التعليم في مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية في شمال غرب سورية يعاني بسبب انقطاع الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي منذ سنتين، إذ اقتصر على مدرسي الحلقة الأولى والثانية، ما جعل من التدريس مهنة أكثر صعوبة، وخاصة مع غلاء المعيشة واضطرار المدرسين الذين عملوا لقاء أجور بسيطة وتطوعوا لتعليم الأطفال مجاناً إلى البحث عن أعمال أخرى والاتجاه حتى لمهن غير معتادة لحملة الشهادات، ما سبب فقدان الكوادر التعليمية وأثر سلباً في جودة التعليم في المنطقة.
من جهتها، بينت دكتورة اللغة العربية فيما تسمى «جامعة إدلب» الخاضعة لـ«النصرة»، إيمان عثمان أن مناطق إدلب أمام كارثة نتيجة الافتقار للأساتذة المبدعين باللغة العربية، مؤكدة أن جيل الأطفال الذين مرت سنوات تعليمهم خلال الحرب شبه أمي، والسبيل لإنقاذهم هو إعادة الاحترام للمعلم، إضافة لتوفير الدعم اللازم للمدارس وتوفير التعليم المجاني الفاعل.
من جانبه، أوضح أستاذ اللغة العربية، محمد اليحيى، أن هنالك ضعفاً واضحاً باللغة العربية لدى المعلمين أنفسهم، وذلك لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالمناهج التي همشت اللغة العربية، وضعف أصحاب الاختصاص الجدد في ظل الوضع الراهن، متهماً التخصصات الأخرى بإهمال اللغة العربية، مشيراً إلى افتقار الوسائل التعليمية والمكتبات والمحفزات على القراءة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن