قضايا وآراء

دروس إسرائيلية من ساحة الحرب بين روسيا وأوكرانيا

| تحسين الحلبي

يرى الجنرال المتقاعد من جيش الاحتلال الإسرائيلي غيرشون هاكوهين في تحليل نشره في مجلة «إنتاج المعرفة» العبرية في 21 نيسان الجاري أن «على القيادة في تل أبيب إعادة النظر بسياستها الحربية من جديد في أعقاب الدروس التي يمكن استخلاصها مما يجري بين روسيا وأوكرانيا وموقف دول الاتحاد الأوروبي»، فهو يكشف في هذا الموضوع عن «وجود ضعف عند الدول الأوروبية الرئيسة في حماية أوكرانيا لأنها قلصت حجم جيوشها بشكل قلل من قدراتها الحربية، وهذا العامل يفرض على إسرائيل أن تراه كجرس إنذار لها «ويطالب قيادة جيش الاحتلال بعدم» عقد الآمال على السلام لأن العالم لن تهدأ فيه الحروب التي أصبحت قابلة للاستمرار من دون نهاية سريعة ومن دون تحقيق تعريف محدد للطرف المنتصر فيها».

يوضح هاكوهين أن روسيا أدركت بعد الأسبوعين الأولين أن عمليتها العسكرية ستطول فأعدت خطة التكيف مع حرب من هذا القبيل بينما ظلت الدول الأوروبية تتعامل بردود فعل تنم عن ضعف وسائلها في تغيير نتائج العملية العسكرية الروسية.

وينصح هاكوهين قادة جيش الاحتلال «بالتركيز على ضرورة خلق الخطة التي يتكيف بها الجيش مع ما يتناسب في ظروف حرب متواصلة وبأسلوب المعارك المتتابعة».

يلاحظ هاكوهين أن قيمة التفوق في سلاح الجو لم يعد يعول عليها في أن تحمل نفس ما كانت تحمله من نتائج، وستظل الأسلحة الصاروخية المحمولة من الأفراد والوسائل المتحركة والطائرات المسيرة تلعب دوراً لا تقضي عليه قدرات سلاح الجو.

لكن أكثر ما يثيره الخوف من دروس مستخلصة هو دور الحلفاء الأوروبيين مع أوكرانيا والضعف الذي يعتري قدراتهم العسكرية والنقص في كمية قوتهم البشرية المحترفة للقتال والحرب، فمن الواضح أن هذه الدول الاستعمارية السابقة التي خاضت حروباً ضد بعضها بعضاً في تنافسها وصراعها على المستعمرات في الحربين العالميتين الأولى والثانية لم تعد بعد تشكيل الاتحاد الأوروبي تهتم بزيادة قدراتها العسكرية لأغراض الحروب بين بعضها بعضاً أو ضد روسيا بشكل خاص بل لأغراض المحافظة على نفوذها وهيمنتها في دول العالم الثالث في بقايا مستعمراتها في إفريقيا وآسيا وتحقيق هذه الأهداف لا يتطلب زيادة في عدد قواتها أو في أسلحتها.

بالمقابل كان الكل يلاحظ أن روسيا تمكنت بعد العقد الأول من انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 من إعادة تحديث وتطوير أسلحتها وقدرات جيشها الكمية والنوعية لمواجهة خطط فرض الهيمنة الغربية عليها، وبالمقابل تآكلت في تلك الفترة القدرة العسكرية للحلف الأطلسي وتزايدت التناقضات والاختلافات بين أعضائه حول مستقبله.

يبدو أن أول امتحان سيفشل فيه الغرب هو عدم تمكنه من تحقيق أهدافه ضد روسيا وحلفائها في منطقة عملياتها العسكرية في البحر الأسود.

وفي البحر الأبيض المتوسط ساهمت الحرب المشتركة السورية والإيرانية والروسية المشتركة ضد المجموعات الإرهابية والغرب المتحالف معها في هزيمة هذا الغرب واتساع أفق هذا التحالف الثلاثي وامتداده إلى البحر الأبيض المتوسط من ناحية عسكرية ولوجستية، ولم تستطع الولايات المتحدة قائدة حلف الأطلسي إيقاف هذا التطور في قوته الممتدة من الخليج عند إيران والعراق الى سواحل سورية في البحر الأبيض المتوسط، فقد أصبحت الأهداف المشتركة لهذه الأطراف في حماية مصالح شعوبها وشعوب منطقة الشرق الأوسط، من أهم العوامل التي جعلتها تفرض جدول عملها على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي، بل تمكنت من ضم الصين الشعبية إلى هذا الإطار الدولي رغماً عن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

ولذلك يعرب الجنرال غيرشون هاكوهين عن قلق الكيان الإسرائيلي من الضعف الأوروبي لأن من يضمن بقاء هذا الكيان ويدعم قوته لم يعد قادراً على حماية أوكرانيا القريبة جداً من حدود الأطلسي وأوروبا، فكيف يمكن لهذا الغرب أن يضمن حماية الكيان الإسرائيلي من القوى المجاورة له ومن القوى الفلسطينية التي تقاومه من الداخل، ولذلك يعد النتيجة التي ستنجم عن الضعف الغربي في حماية أوكرانيا جرس إنذار يدق في تل أبيب ودرساً من الدروس المستخلصة مما يجري لأوكرانيا في هذه الأوقات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن