«البرلمانيات السوريات في البدايات»…. كتاب توثيقي يهدف إلى تأريخ مشاركة المرأة السورية في الحياة البرلمانية
| مايا سلامي
صدر عن دار الشرق للطباعة والنشر كتاب توثيقي بعنوان «البرلمانيات السوريات في البدايات (1960- 1985)» تأليف الدكتورة نورا أريسيان، يقع في 174 صفحة ويهدف الكتاب إلى تأريخ مشاركة المرأة السورية في بدايات الحياة البرلمانية في سورية وإبراز إسهاماتها في المؤسسة التشريعية في المجالات البرلمانية والسياسية والتربوية وغيرها، حيث يغطي الفترة التي تبدأ من تشكل مجلس الأمة عام 1960 وصولاً إلى نهاية الدور التشريعي الثالث عام 1985. ويعتبر مثل هذا الكتاب دليلاً مهماً على المكانة الكبيرة التي تبوأتها المرأة السورية منذ عقود طويلة لطالما كانت حاضرة في كل المجالات لتؤدي واجباتها وتشغل مناصب عليا في جميع السلطات، فعكس صورتها الحقيقية التي لم تهمش يوماً.
المرأة في السلطة التشريعية
في البداية عرضت الكاتبة لمحة عن تمثيل المرأة في السلطة التشريعية في سورية والذي مرّ بمراحل متعددة مع تطور قانون الانتخابات العامة والدستور السوري على مدى عقود، فبدأت المرأة السورية تنال بعضاً من حقوقها السياسية في الترشح والتصويت والانتخاب للمجالس التشريعية، وتوثق ذلك الدكتورة نورا فتقول: «يذكر أن أول امرأة رشحت نفسها للبرلمان بعد منح المرأة حق الترشح للانتخابات وفق دستور عام 1950 هي ثريا الحافظ من دمشق وذلك في انتخابات الدور الاشتراعي السادس عام 1953، على حين أول تمثيل للمرأة السورية في البرلمان كان في حقبة الوحدة السورية- المصرية بقرار سياسي، وتمثلت المرأة في مجلس الأمة أثناء الوحدة ضمن الجمهورية العربية المتحدة للمرة الأولى من خلال سيدتين من سورية هما جيهان موصلي ووداد الأزهري».
مبادرات تشريعية
وترصد الكاتبة مجمل المبادرات التشريعية من اقتراحات مشاريع القوانين والأسئلة الشفهية التي تقدمت بها البرلمانيات حول مواضيع مختلفة وفق التسلسل الزمني، فتشير الدكتورة نورا إلى أنه في فترة مجلس الأمة دور الانعقاد العادي الثاني وفي الجلسة الرابعة المنعقدة بتاريخ 16 كانون الثاني 1961 جاء اسم العضو وداد أزهري وجيهان موصلي من سورية من بين أسماء أعضاء مجلس الأمة الذين أخذت آراؤهم بالنداء بالاسم على مشروعي القانونين وهما مشروع قانون بالسماح لوزارة الخزانة بصرف النفقات المترتبة على تخفيض أسعار البنزين المبيع في محطات التوزيع بالدبوسية وجديدة يابوس والعريضة في الإقليم السوري من أصل إيرادات رسوم المواد المشتعلة.
اللجان الدائمة وغيرها
من أجل دراسة أداء البرلمانيات في فترة البدايات للمجالس التشريعية كان لابد من رصد مشاركتهن في اللجان الدائمة وغيرها من لجان صياغة الدستور ولجان خاصة، وتقول الدكتورة نورا: « ما كان لافتاً في فترة مجلس الأمة مشاركة العضو جيهان موصلي في اللجنة التحضيرية لوضع الدستور، حيث تم انتخاب اللجنة التحضيرية لوضع مشروع الدستور الذي يضم 90 عضواً وذلك في الجلسة الثانية عشرة المنعقدة يوم الثلاثاء في 7 شباط 1961، وجاء اسم جيهان موصلي في لائحة المرشحين لعضوية اللجنة التحضيرية. وفي الجلسة الثالثة عشرة جرت عملية فرز أوراق الاقتراع السري ونتيجة فرز الأسماء تم انتخاب جيهان موصلي عضواً في اللجنة التحضيرية لوضع الدستور».
الثقافة والتربية
وتحدثت الكاتبة عن مشاركة البرلمانيات السوريات في مواضيع وقضايا تخص الثقافة والتربية والتعليم والطفولة، فكن يطرحن قضايا تربوية من خلال مشاركتهن بمداخلات مطولة في مناقشة البيان الوزاري، وتوضح الدكتورة نورا ذلك من خلال المداخلة التي ألقتها العضو هاجر صادق في الجلسة الخامسة من الدورة العادية الثامنة المنعقدة بتاريخ 25 شباط 1980 وتحدثت فيها عن بناء المجتمع من خلال التربية، وأكدت أن هذه التربية لا تبدأ من المرحلة الابتدائية بل منذ مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي، وأشارت إلى ضرورة أن تأخذ الحكومة بعين الاعتبار وأن تضع في خطتها روضة أطفال إلى جانب كل معمل ينشأ لتضم هذه الرياض أبناء العاملات في هذا المعمل. كما تناولت مداخلتها موضوع مساهمة الحكومة في محو الأمية.
البرلمانيات والقضايا الوطنية
تعد المداخلات التي تلقى في المناسبات والاحتفالات مؤشراً آخر لأداء البرلمانيات وتسجيلاً لمواقفهن من كل ما يخص سياسة الدولة الداخلية والخارجية والقضايا الوطنية، والعروبة، والوحدة، والحزب، والقيادة وغيرها. فخلال فترة الدور التشريعي الأول 1973- 1977 وفي الذكرى الأولى لحرب تشرين التحريرية ألقت العضو بشرى كنفاني كلمتها في الجلسة الثالثة من الدورة العادية الخامسة المنعقدة بتاريخ 7 تشرين الأول 1974 قالت فيها: «إنه من الممكن تحقيق الانتصار الحازم إذا ما ظلت فينا روح تشرين باقية كما كانت وروح تشرين هي فداء وتضحية وهي وحدة وطنية راسخة وهي صمود الشعب، كان مفاجأة للعدو وكان مفاجأة لبعضنا أيضاً وروح تشرين بناءة ومعطاء وما دامت باقية فينا وما دام شعورنا بأن أمامنا معركة طويلة يجب أن نخوضها عسكرياً وسياسياً.
البرلمانيات والقضية الفلسطينية
لا يمكن دراسة أداء البرلمانيات السوريات من دون التطرق إلى القضية الفلسطينية التي كانت ضمن اهتماماتهن وقد برز ذلك من خلال المداخلات والكلمات التي ألقيت في مناسبات متعددة. فقد أكدت العضو سعاد عبد الله أن القضية الفلسطينية لا يفرط فيها ولا يساوم عليها حين تحدثت في الجلسة الخاصة في فترة مجلس التعيين 1971- 1973 المنعقدة بتاريخ 29 آب 1971 للتصديق على مشروع دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية، حيث قالت: «التحرير هدف تسخّر من أجله الإمكانات والطاقات، وألاعيب الاستعمار لن تمر بالصلح أو التفاوض أو التنازل عن شبرٍ من الأراضي العربية».
كما اعتبرت العضو وفاء صنين أن اتفاقيتي سيناء الأولى والثانية وزيارة الذل والعار المتوجه باتفاقيات كامب ديفيد الخيانية تهدف ببنودها السرية والعلنية إلى تصفية القضية الفلسطينية.