من «الندم» إلى «على قيد الحب» .. ابتعاد عن التنميط … رنا كرم لـ«الوطن»: أتمنى الخوض في مجال «الدراما النفسية»
| هلا شكنتنا
أن تجتمع في شخصية واحدة الصفات الهادئة والرزينة والموهبة التمثيلية المختلفة هنا يكمن الاختلاف والتميز، ولا شك أن الممثلة السورية «رنا كرم» هي واحدة من أهم الممثلات التي استطاعت أن تجمع بين هذه الصفات، حيث تتميز بشخصيتها العفوية والهادئة واللطيفة التي جعلتها قريبة من قلب المتابع، كما أن موهبتها المختلفة جعلتها تحجز لنفسها مساحة على الساحة الفنية، فلا أحد يستطيع نسيان دورها في مسلسل «الندم» الذي بقي عالقاً في ذاكرة المشاهد لسنوات، ولكونها تحب التنوع في أدوارها بدأت بالبحث عن أدوار جديدة ومختلفة تمكنها من إظهار أدواتها التمثيلية حيث شاركت في الموسم الرمضاني لهذا العام في مسلسل «على قيد الحب» الذي بات يحصد ثمار نجاحه ونجاحها في تأديتها لشخصية «لينا»، وفي حوار خاص لها مع «الوطن» أخبرتنا الكثير عن دورها وعن عدة مواضيع ثانية كانت كالتالي:
• في البداية دعينا نتحدث عن الأصداء الإيجابية التي يحصدها مسلسل «على قيد الحب»، وكيف تتلقينها؟
بشكل عام أنا سعيدة جداً بالأصداء التي يحصدها العمل، وأشعر بأنه حقق نسبة كبيرة من النجاح، وأثناء التصوير كنا معولين على حنين الجمهور لهذه الأعمال، لذلك كنا نعمل بجهد وحب ودفء لكي يصل إلى المتابع، وبالنسبة لي أرى أن العمل عندما يحصل على هذه المتابعة أثناء العروض الرمضانية يعتبر ناجحاً، خاصة أن حظوظ الأعمال الدرامية في رمضان تكون ظالمة في بعض الأحيان، سأخبرك شيئاً أنا أحب الاستماع إلى جميع الآراء والنقد الإيجابي والسلبي، لأنني آخذ بعين الاعتبار أذواق الجمهور المختلفة، وبالعموم شخصيتي ضمن العمل تستفز الناس، لذلك أشعر بأنني استطعت أن أحقق جزءاً من المطلوب لكونها شخصية سلبية وليس من المطلوب أن يتعاطف الناس معها.
• نشاهد اليوم رنا كرم بدور مختلف ضمن هذا العمل، ماالذي جذبك للمشاركة به وكيف تحضرت لهذه الشخصية؟
بالتأكيد الذي جذبني لهذا الدور هو اختلافه، خاصة بأنني أبحث مؤخراً عن الشخصيات التي لا تشبهني ولا تشبه الشيء الذي أقدمه عادة، لذلك كنت أريد كسر النمطية التي يتعامل بها المخرجون مع الممثل عندما يضعونه بدور معين بعدما نجح بتأديته، وأنا بطبيعة الأحوال ممثلة وأقدم جميع الأدوار، أما عن تحضيري لهذه الشخصية فقد تعاملت معها مثلما أتعامل مع أي شخصية حيث بدأت بالبحث عن شخصية تشبه الدور، كما أبحث عن المنطق الذي تفكر به الشخصية من خلال بيئتها، ويجب أن أجد مبررات لهذه الشخصية لكي أكون قادرة على الدفاع عنها، بالإضافة إلى أنني أفكر إذا كانت الشخصية تتحمل بعض الإضافات أو اللازمات.
• نرى بأن شخصية «لينا» مليئة بالتناقضات، كم أتعبتك هذه الشخصية لإظهارها بالشكل الصحيح؟
حقيقة هذه الشخصية متناقضة، لكن لا أستطيع القول إنها أتعبتني بقدر ما عملت على إيجاد مبررات لأفعالها، خاصة أن التناقضات إذا لم تفهم من قبل الجمهور تعتبر مشكلة حقيقية، وفي بعض الأحيان يكون الدور لا يوجد فيه المساحة الكافية لتبرير أفعال الشخصية، ومن هذا المنطلق عملت أنا والمخرج لكي نوجد إجابات متعلقة بالتناقضات.
• من خلال متابعتنا لأحداث العمل، لاحظنا أن الجمهور وجه بعض الانتقادات للعمل خاصة عندما عادت شخصية «لينا» إلى منزل والدها وكان استقبالهم لها هادئاً وكأنها لم تسبب لهم أي مشكلة بسبب زواجها السري، ما ردك على هذه الانتقادات؟
رجوع لينا إلى المنزل كان له خطوات، خاصة عندما كشف زواجها السري فكانت الشخصية تحاول أن تقدم اقتراحات لوالدها بأن يتم الزواج بشكل علني وتم الرفض، وفيما بعد بقيت المحاولات من قبل الأقارب والعائلة لحل الخلاف، والمقصد من كلامي هو أن عودتها الهادئة كانت ممهدة من الحلقات السابقة.
• أخبرينا عن شعورك أثناء وقوفك أمام القدير «أسامة الروماني»، وكيف كانت أجواء التصوير بينكما؟
كنت سعيدة جداً، وكان لدي بعض من الخوف خاصة أن الأستاذ أسامة الروماني كان مبتعداً عن العمل لسنوات طويلة، وبدأت أسأل نفسي كيف سيكون العمل معه وإذا كان شريكاً متعاوناً أم لا، خاصة بأنني لا أعرفه على الصعيد الشخصي من قبل، لكن حقيقة تفاجأت فهو إنسان طيب ومثقف جداً، والكواليس جميلة جداً وكنا نجلس معاً ونتكلم وأحسست بالانسجام وكأنه والدي، بالإضافة إلى أنه يمتلك شحنة انفعالية عالية في الأداء وكان يساعدني أثناء المشاهد، وأنا ممنونة لهذه التجربة.
• نشاهد وجود كيمياء عالية بينك وبين الممثل «يزن خليل»، برأيك ما الذي يميزه عن أبناء جيله؟
صحيح يوجد بيننا كيمياء عالية، وأنا ويزن وزوجته الممثلة حلا رجب أصدقاء مقربين على الصعيد الشخصي، ولكن هذه المرة الأولى التي أتعامل معه مهنياً، وكنت سعيدة جداً كوننا نستطيع أن نفهم بعضنا البعض، وهذا الأمر انعكس على العمل والدور وأنا شخصياً أستمتع بمشاهدته على الشاشة، أما ما يميزه عن أبناء جيله فهو متميز بكثير من الأمور وأهمها الصدق في الأداء والتبني لآخر لحظة، بالإضافة إلى أنه لا يتعالى على الدور الذي يقدمه حتى ولو كان دوراً صغيراً، كما أنه موهوب ومجتهد وهذا سبب تميزه وبانتظاره مستقبل باهر يستحقه.
• هل تتابعين الأعمال الدرامية الأخرى!وما أكثر الأعمال التي نالت إعجابك؟
بالتأكيد، ومن أكثر الأعمال التي أعجبتني هو عمل «مع وقف التنفيذ» الذي استطاع كاتباه «علي وجيه» و«يامن الحجلي» إحداث قفزة نوعية، كما أن الأداء عالٍ وبرأيي هو عمل متكامل، بالإضافة إلى أنني أتابع «كسر عضم» وسعيدة جداً به حيث استطاع أن يعيد المخرجة رشا شربتجي لإخراج هذه النوعية من الأعمال التي تبرع بها، كما أنه سلط الضوء على الممثلين الصبايا والشباب الذين أفتخر بهم.
• إذا أردنا العودة إلى الماضي نلاحظ أن شخصيتك في مسلسل «الندم» هي من أكثر الشخصيات التي بقيت في ذاكرة المشاهد، ما خصوصية هذا العمل بالنسبة لك؟
بالتأكيد، هذا العمل له خصوصية كبيرة بالنسبة لي لكونه من أنضج التجارب التي عملت بها، لكونه دوراً يحمل نوعاً من التكامل بالإضافة إلى النص الذي كتب ببراعة والمساحة الكبيرة للدور وتقلباته، كما أن المخرج «الليث حجو» هو مخرج بكل ما تعني الكلمة من معنى لكونه شريكاً حقيقياً وأنا شعرت معه بالأمان حيث كان يقف إلى جانبي مثلما يقال على رفة العين، وهذا التكامل هو سبب وصول العمل للجمهور، كما أن العمل قدمني للمتابع بشكل حقيقي وجعلهم يتعرفون إليّ أكثر، على الرغم من أنني قدمت قبله ما يقارب التسعة عشر عملاً، لكن الممثل لا يكون له الحظ دائماً في وجوده ضمن الأعمال المتكاملة مثل «الندم»، وبالتالي حظ الممثل بالمشاهدة أو تقديم نفسه بالشكل الصحيح يكون أضعف.
• هل حب الجمهور لشخصية «ندى» في مسلسل «الندم»، وضعك ضمن إطار معين بعين المخرجين؟
بالتأكيد، وللأسف المخرجون يستسهلون في تنميط الممثلين، وذلك بمعنى إذا قدم الممثل شخصية شريرة أو عاشقة أو أياً كانت وبرع بتقديمها يتم تنميطه بها، وهذا ما حصل معي بعد الندم، لذلك اعتذرت عن المشاركة في بعض الأعمال لعدة سنوات، وذلك رغبة مني في التأني لاختيار الأدوار وعدم وقوعي في التنميط.
• برأيك هل الدراما السورية اليوم قادرة على إنصاف الممثل الشاب؟
حقيقة هذا السؤال ليس من السهل الإجابة عنه، خاصة أن نسبة الحظوظ قليلة جداً لأن معظم الأدوار التي تكتب بشكل جيد وتكون مساحتها تحتمل لكي يظهر الممثل من خلالها أدواته تذهب عادة إلى الجيل الأكبر والنجوم المكرسين الذين تحبهم الناس، كما أن قلة المخرجين الذين يغامرون في إعطاء الممثل الشاب دوراً صعباً ومهماً لذلك نسبة الحظوظ قليلة، كما أن كمية الإنتاج الفعلي لم تعد كبيرة مثل قبل، بمعنى أننا سابقاً كنا نقوم بإنتاج ستين مسلسلاً ويكون عشرة منهما مهمة جداً، وبالتالي الأدوار تؤمن فرصة للجميع، أما الآن نشاهد أن الأعمال المهمة لا تتجاوز الثلاثة، إذاً كيف يستطيع الممثل الشاب أن يؤخذ فرصته الحقيقية! ودعيني أخبرك شيئاً عندما يقدم الممثل الشاب ويستطيع أن يلعب دوراً جيداً فالدراما تنصفه بالتأكيد، وهذا ما نشاهده بمسلسل «كسر عضم» من خلال مشاركة ممثلين شباب لم يمر على تخرجهم أكثر من عامين، لكنهم حقيقة استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم، في النهاية عندما تتوافر الظروف المناسبة ستكون الدراما قادرة على إنصاف الممثل.
• من المتعارف عليه بأنك شخصية لا تحبين المغامرة كثيراً، هل هذا الأمر يؤثر على حياتك المهنية؟
لكي أكون صادقة معك، أحب المغامرة على الصعيد الشخصي لكنني بالمقابل أقوم بحساب كل شيء وأنا متناقضة بعض الشيء، بمعنى آخر في بعض الأحيان أكون هادئة وأقوم بمحاكمة الأمور بعقل ومنطق، وبلحظات أخرى أكون مثل الطفل، وأعتقد أن هذا التناقض في شخصيتي هو سبب حبي للتمثيل كونه يفرغ الطاقات، والمشكلة الحقيقية أن الناس تنمط بعضها وتصبح ترى بأنني أصلح للأدوار الهادئة، لكن في الحقيقة هم لم يعطوا نفسهم ولم يعطوني الفرصة ليتعرفوا على الجوانب الثانية في شخصيتي.
• ما الأدوار التي تتمني تقديمها، وهل تغريكِ الأدوار الكوميدية؟
لا يوجد دور معين أريد تقديمه لأنني أحب تقديم جميع الشخصيات، لكن الأهم أن يكون الدور مكتوباً بشكل جيد وأستطيع تقدمته مع مخرج جيد ضمن شروط جيدة، لأن أهم دور في العالم عندما لا يقدم بشرط صحي لا أحد يستطيع تقديمه، ولكي يستطيع الممثل أن يقدم دوراً حقيقياً يجب أن يكون هنالك تكامل في العناصر والأدوات، وبالتأكيد أود أن أقدم «الدراما النفسية» وهي الدراما التي تتحدث عن الأمراض النفسية الواضحة والمعقدة، وأحب الخوض في هذه التجربة خاصة بأنه يجمع بين المجالات التي درستها وهي «الإرشاد النفسي» و«التمثيل»، لذلك أحب توظيف هذه الدراسات في الأدوار التي أقدمها، وبالتأكيد تغريني الأدوار الكوميدية وهي من أصعب الأدوار ومن الأصعب أن يكتب دور كوميدي نسائي، وأتمنى أن أجرب هذا النمط من التمثيل.