مسألة عودة سورية إلى شغل موقعها في الجامعة العربية، لا يزال محط نقاش في الأوساط القيادية العربية، وسط مؤشرات إلى التقدم في هذا الملف، مع بقائه دون الوصول إلى النتائج النهائية المأمولة، أو بالأحرى الضرورية في الوقت الراهن، مع ما تتعرض له القضايا العربية المشتركة من انتهاكات، علماً أنه تمثل سورية طرفاً رئيساً فيها، ويتطلب إيقاف تلك الانتهاكات موقفا عربيا مشتركاً.
وتتمثل أهم القضايا العربية المشتركة الملحة اليوم في:
أولاً: تمثل قضية العرب المركزية فلسطين، وسط ما نشهده اليوم من محاولات متكررة من كيان الاحتلال لطمسها والتعدي عليها من خلال الاعتداء بشكل مباشر على قدسية رمزها المتمثل في المسجد الأقصى، عبر اقتحامه والاعتداء على المصلين فيه، وصولاً إلى استهداف قطاع غزة المحاصر، هذه الضغوطات من كيان الاحتلال جاءت لاحقة لفشل مساعي داعميه من الدول الغربية لإتمام صفقة القرن، التي جاءت في زمان يمكن وصف الحال العربي حينها بالعداء والتشرذم.
ثانياً: كذلك تمثل قضية المياه، وبشكل خاص مياه نهري دجلة والفرات، إحدى القضايا العربية المشتركة، التي تتعرض لانتهاك حالياً من النظام التركي الحالي مستغلاً حالة الضعف والتشرذم العربي.
ثالثاً: عودة الغرب للتجييش ضد الإسلام، من خلال لصق صفة الإرهاب بالمسلمين، في محاولة لإعادة نشر حالة الإسلام فوبيا، والتي بدت مفاعيلها واضحة مؤخراً من خلال الأحداث العدائية للإسلام في السويد.
رابعا: التغيرات الحاصلة اليوم في النظام الدولي مع مجريات الحدث الأوكراني والتي بفعل العلاقة السورية الروسية، باتت دمشق تمثل طرفاً رئيسياً للتنسيق العربي حول موقف موحد من هذه التغيرات، وما يتطلبه ذلك من استراتيجيات عمل عربي مشترك.
على الرغم من أهمية وأولوية التنسيق العربي في الملفات السابقة، فإن القضايا العربية المشتركة لا تنحصر في هذه القضايا فقط، بل هناك عشرات القضايا العربية المشتركة التي يتطلب مواجهتها، وإيجاد الحلول لها، واتخاذ مواقف واضحة منها، ورسم استراتيجيات بعيدة المدى للتعامل معها، يتطلب تنسيقاً عربياً مشتركاً، يجب أن تلعب سورية دوراً رئيساً فيه، وأن إعاقة عودتها للعمل العربي المشترك الجماعي، سياسة مقصودة، تدعمها الدول التي قادت الحرب الإرهابية على سورية، وأتباعها في المنطقة.
في مؤشر إلى عودة عربية إلى التوافق وتصحيح أخطاء الماضي، ظهرت مؤخراً الكثير من بوادر التقارب السوري العربي، باستثناء إمارة قطر، المعروفة بموقفها العدائي الكبير لسورية، والنابع من تبعيتها المطلقة للولايات المتحدة الأميركية.
إن بلورة موقف عربي مشترك من القضايا العربية المشتركة، يتطلب أولاً: عودة سورية لازمة وسريعة إلى جامعة الدول العربية، بصفتها مؤسسة جامعية نوعاً ما مهمتها تنسيق العمل العربي، وحل القضايا الخلافية العربية البينية، وبشكل رئيس ملفا الأزمة السورية والأزمة اليمنية، عبر خلق دور عربي إيجابي سواء في حل الأزمة اليمنية، أو في تجاوز نتائج الحرب الإرهابية على سورية، وفي مقدمتها المساعدة في فك الحصار الاقتصادي عن الشعب السوري وإيقاف دعم الميليشيات المسلحة، إلا أن عدم التحرك العربي الجدي واللازم تجاه هذه الملفات، يرجع إلى أنه، وإن وجدت الرغبة العربية لذلك، إلا أن القرار النهائي ما يزال رهن الدول الكبرى التي تدير الحرب الإرهابية على سورية، والتي تحول دون ذلك مستخدمة أدواتها من إمارات تابعة تبعية مطلقة للعواصم الغربية.
تقتضي ضرورة التنسيق تجاه القضايا العربية المشتركة، عدم إذكاء الحالة العدائية بين سورية وأشقائها العرب، والتفكير بحلول ومواقف عربية موحدة، تزيد الموقف والدور العربي قوة وتماسكاً.