وزير العدل لـ«الوطن»: مصالحة وطنية شاملة لكل أبناء الوطن الذين استفادوا منه وذويهم واستثنى الأجانب الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية في سورية … الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يمنح عفواً عاماً عن جميع الجرائم الإرهابية ما عدا التي أفضت إلى وفاة إنسان
| الوطن
أصدر الرئيس بشار الأسد أمس المرسوم التشريعي رقم 7 والقاضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30/4/2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (19) لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته.
وبيّن المرسوم أنه لا يؤثر هذا العفو على دعوى الحق الشخصي وللمضرور في جميع الأحوال أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة، مشيراً إلى أنه يعد نافذاً من تاريخ صدوره.
وزير العدل أحمد السيد في لقاء خصّ به «الوطن» أوضح أن هذا المرسوم ولأول مرة جاء ليشمل الجرائم الإرهابية وهو لم ينص على تشميل جزء من العقوبة وإنما جاء مطلقاً على كامل العقوبة في الجرائم الإرهابية عدا تلك التي أدت إلى وفاة إنسان وبهذا يكون هذا المرسوم أهم مراسيم العفو وأوسعها شمولاً بالنسبة للجرائم الإرهابية.
وأكد السيد أن هذا المرسوم هو عبارة عن مصالحة وطنية شاملة لكل أبناء الوطن الذين استفادوا من هذا المرسوم وذويهم، لافتاً إلى أن هذا المرسوم جاء تتويجاً لنهج المصالحة والصفح والمسامحة الذي انتهجته الدولة السورية عبر العديد من المصالحات في العديد من المناطق السورية.
وبيّن أن هذا المرسوم يحمل في طياته إجابة واضحة وصريحة بأن العدد الأكبر من السوريين في الخارج يتساءلون دائماً عن إمكانية عودتهم وهل بإمكانهم العودة إلى سورية دون تعرضهم لأي سؤال أو مراجعة أقول لهم بعد صدور هذا المرسوم لا داعي للمراجعة أو القيام بأي إجراء طالما شملهم هذا المرسوم وسوف تقوم الجهات المعنية تلقائياً بالمعالجة، وهذا بطبيعة الحال سوف يساهم في عودة الكثير من أبناء سورية إلى وطنهم وخاصة اللاجئين منهم.
وأشار السيد أنه لابد من القول إن هذا المرسوم يحمل رسالتين الأولى رسالة إيجابية للداخل السوري وللسوريين في الخارج والثانية رسالة ردع للإرهابيين الأجانب.
وقال السيد: إن هذا المرسوم على درجة كبيرة من الأهمية وجاء في شهر رمضان الفضيل ونحن على أبواب عيد الفطر كعطاء ومكرمة من سيد الوطن وهذا ليس أمراً جديداً فقد عهدنا في سورية دائماً على القلب الكبير وهذه الرؤية الحكيمة.
وبين أنه منذ صدور المرسوم باشرت النيابة العامة وقضاة التحقيق ومحاكم الجنايات لدى محكمة قضايا الإرهاب على الفور القيام بالإجراءات اللازمة لإطلاق سراح الموقوفين المشمولين بالعفو على الفور دون أي طلب أو مراجعة من أحد، موضحاً أنه ستكون الأولوية للمواقيف مع استمرار العمل بالنسبة للدعاوى المنظورة أمام المحاكم والتي شملها المرسوم.
وأكد السيد أنه يتم تلقائياً إلغاء إذاعات البحث من قبل الضابطة العدلية وكف البحث عن المشمولين بالعفو من مرتكبي الجرائم الإرهابية إن كانوا مقيمين في سورية أو خارجها ودون تقديم أي طلب أو القيام بأي إجراء من أصحاب العلاقة.
وفيما يلي الحوار الكامل مع الوزير السيد
• سيادة الوزير صدر بالأمس مرسوم العفو العام عن الجرائم الإرهابية، ما الأسباب؟ ولماذا الآن؟
إن مؤسسة العفو العام موجودة لدى أغلب الأنظمة القانونية في العالم، وبالنسبة للدولة السورية والمشرع السوري فإن فلسفة العفو العام تأتي في ظل البحث عن حلٍ مشروعٍ لعلاج مشكلة الإجرام، حيث انتهجت الدولة السورية لمكافحة ظاهرة الإجرام ومنها الجرائم الإرهابية منهجاً يقوم على الموازنة بين تطبيق القاعدة القانونية التي تدل على ضرورة العدل في العقوبة وبين القاعدة الأخلاقية التي ترغب في العفو ترجيحاً للمعاني الإنسانية، وهذا ما تدعو إليه كل الديانات السماوية وتعززه مكارم الأخلاق.
• مرسوم العفو شمل الجرائم الإرهابية ما عدا التي أفضت إلى الوفاة فما هي الجرائم الإرهابية؟
لقد عرّف القانون رقم /19/ لعام 2012 العمل الإرهابي بأنه (كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس أو الإخلال بالأمن العام أو الإضرار بالبنى التحتية أو الأساسية للدولة بواسطة الأسلحة أو الذخائر أو بأي وسيلة أخرى).
وهذا يعني أن الجريمة الإرهابية هي كل عمل إرهابي يهدف إلى بث الذعر في المجتمع وليس الجريمة الفردية بقصد إخافة شخص معين أو مجموعة من الأشخاص.
• لماذا استهدف مرسوم العفو الجرائم الإرهابية تحديداً هذه المرة؟
نحن نعلم أنه منذ بداية هذه الحرب الإرهابية الظالمة على سورية صدر نحو /20/ مرسوماً للعفو العام وكانت هذه المراسيم تشمل جزءاً من الجرائم الإرهابية وجرائم جنائية أخرى، ولكن هذا المرسوم ولأول مرة جاء ليشمل الجرائم الإرهابية وهو لم ينص على تشميل جزء من العقوبة وإنما جاء مطلقاً على كامل العقوبة في الجرائم الإرهابية عدا تلك التي أدت إلى وفاة إنسان وبهذا يكون هذا المرسوم أهم مراسيم العفو وأوسعها شمولاً بالنسبة للجرائم الإرهابية، وهذا إنما يدل على قوة الدولة السورية التي تؤكد من خلاله أنه آن الأوان لفتح صفحة جديدة للذين غُرر بهم أو أخطؤوا بحق الدولة للعودة إلى المجتمع والمساهمة ببناء الوطن وإعادة إعماره.
وهذا يدل على أن مصلحة الدولة والمجتمع هي التي دعت لإصدار مرسوم العفو في هذا التوقيت وأن يكون فريداً من نوعه لا سابقة له.
• باعتبار أن المرسوم جاء مطلقاً على كامل العقوبة في الجرائم الإرهابية عدا التي أدت إلى وفاة إنسان هل ينعكس هذا المرسوم على المصالحات التي تمت تباعاً خلال السنوات الأخيرة من الحرب؟
لا شك أن هذا المرسوم جاء تتويجاً لنهج المصالحة والصفح والمسامحة الذي انتهجته الدولة السورية عبر العديد من المصالحات في العديد من المناطق السورية، وبالتالي جاء هذا المرسوم بمثابة الرافعة لتلك المصالحات والداعم لها لتقول الدولة السورية ممثلة برئيسها الدكتور بشار الأسد إن حضن الوطن يتسع للجميع وإن الأوطان تبنى بأيدي أبنائها.
ومن المؤكد أن هذا المرسوم هو عبارة عن مصالحة وطنية شاملة لكل أبناء الوطن الذين استفادوا من هذا المرسوم وذويهم.
• كيف ينعكس أيضاً هذا المرسوم على اللاجئين خارج سورية، هل سيسهم في دعم إستراتيجية الدولة ومساعيها لإعادة اللاجئين؟
لقد سعت سورية وما زالت تسعى عن طريق عدد من المبادرات والمؤتمرات التي نظمتها في الفترة الماضية وبمشاركة عدة دول إلى عودة اللاجئين السوريين وأمنت المسكن لمن عاد منهم، وجاء هذا المرسوم ليؤكد مرة أخرى أن أبواب الدولة السورية مفتوحة أمام أبنائها وأنهم مرحب بهم في بلدهم دائماً.
كما أن هذا المرسوم يحمل في طياته إجابة واضحة وصريحة بأن العدد الأكبر من السوريين في الخارج يتساءلون دائماً عن إمكانية عودتهم وهل بإمكانهم العودة إلى سورية من دون تعرضهم لأي سؤال أو مراجعة أقول لهم بعد صدور هذا المرسوم لا داعي للمراجعة أو القيام بأي إجراء طالما شملهم هذا المرسوم وسوف تقوم الجهات المعنية تلقائياً بالمعالجة.
وهذا بطبيعة الحال سوف يسهم في عودة الكثير من أبناء سورية إلى وطنهم وخاصة اللاجئين منهم.
• لماذا شدد المرسوم على الجرائم الإرهابية التي ارتكبها سوريون واستثنى غير السوريين؟
لابد من القول إن هذا المرسوم يحمل رسالتين الأولى رسالة إيجابية للداخل السوري وللسوريين في الخارج والثانية رسالة ردع للإرهابيين الأجانب.
لذلك جاء هذا المرسوم خاصاً بالسوريين واستثنى منه الأجانب الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية في سورية وهذه رسالة واضحة وقوية إلى العالم أجمع ولاسيما الغرب بأن سورية تصفح عن أبنائها باعتبارها الأم والحاضنة للجميع. أما من حضر من شتى أصقاع العالم ومن عدة دول وبتشجيع من بعض الأنظمة في تلك الدول الذين يتحدثون عن القانون وحقوق الإنسان وهم بعيدون كل البعد عن ذلك، ولا يمتون بصلة إلى ذلك، فإنه لا صفح عنهم، وعلى الرغم من كل ما واجهته الدولة السورية من إرهاب هؤلاء.
سورية لا تؤمن بهذه السياسات اللاأخلاقية وتصر على نهجها المبدئي ومن منطلق قانوني وأخلاقي وإنساني، ولذلك نحن نرفض إعادة تصدير هؤلاء الإرهابيين إلى دولهم أو إلى بلدان أخرى.
ومن هنا جاء حجب هذا العفو عن الإرهابيين الأجانب لتحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم الذي لطالما كانت تنشده الدولة السورية، وأيضاً شكل رادعاً لأي إرهابي أجنبي يفكر بالحضور إلى سورية لارتكاب أي عمل إرهابي وأنه لا تسامح معه ولا صفح عنه.
• بعد صدور هذا المرسوم هل هناك إجراء يجب أن يقوم به الأشخاص المشمولين به.. هل عليهم مثلاً أن يراجعوا جهة ما؟
لقد صدر المرسوم في هذا اليوم وجاء في مادته الثالثة أنه يعد نافذاً من تاريخ صدوره وبالتالي على الجهات المعنية أن تقوم مباشرة ومن دون أي طلب من المشمول به بتطبيق هذا المرسوم، حيث باشرت النيابة العامة لدى محكمة قضايا الإرهاب على الفور القيام بالإجراءات اللازمة لإطلاق سراح الموقوفين المشمولين بالعفو على الفور من دون أي طلب أو مراجعة من أحد.
• بموجب هذا المرسوم هل ستتوقف أوتوماتيكياً إذاعات البحث التي تكون صادرة بحق الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية سواء داخل البلد أو خارجه؟
بالتأكيد سوف يتم تلقائياً إلغاء إذاعات البحث من قبل الضابطة العدلية وكف البحث عن المشمولين بالعفو من مرتكبي الجرائم الإرهابية إن كانوا مقيمين في سورية أو خارجها ومن دون تقديم أي طلب أو القيام بأي إجراء من أصحاب العلاقة.
وسوف تقوم النيابات العامة في سورية بمراقبة تطبيق هذا الأمر لدى الضابطة العدلية وإلغاء المراجعات أيضاً لدى أي جهة من جهات الضابطة العدلية إذا كان الشخص مشمولاً بهذا العفو.
• كيف سيكون تطبيق هذا المرسوم، ماذا ستفعل الجهات المعنية الآن من الناحية التطبيقية.
منذ اللحظة الأولى لصدور مرسوم العفو العام رقم /7/ باشرت النيابة العامة لدى محكمة قضايا الإرهاب وقضاة التحقيق ومحاكم الجنايات لدى محكمة قضايا الإرهاب العمل فوراً لتطبيق المرسوم ولإطلاق سراح المشمولين به، حيث ستكون الأولوية للمواقيف مع استمرار العمل بالنسبة للدعاوى المنظورة أمام المحاكم والتي شملها المرسوم.
علماً أن القضاة والعاملين في المحكمة سوف يستمرون في عملهم حتى الانتهاء من تطبيق أحكام المرسوم حتى وإن تطلب الأمر العمل خلال أيام العيد أيضاً.
وأخيراً يمكن القول إن هذا المرسوم على درجة كبيرة من الأهمية وجاء في شهر رمضان الفضيل ونحن على أبواب عيد الفطر كعطاء ومكرمة من سيد الوطن وهذا ليس أمراً جديداً فقد عهدنا في سورية دائماً على القلب الكبير وهذه الرؤية الحكيمة.
وأود أن أؤكد أن هذا المرسوم قوي بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى ومن الطبيعي أن الأشياء الكبيرة لا تصدر إلا من أشخاص كبار.
• والشكر كل الشكر لسيد الوطن
ونحن في وزارة العدل سنصل الليل بالنهار لتطبيق أحكام هذا المرسوم وضمان استفادة كل المشمولين به من أحكامه بأسرع وقت ممكن.
ودائماً الخير وكل الخير لسورية