حاولت إسرائيل إثارة العالم وتحريضه ضد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في الأسبوع الماضي لأنه كشف أن الأصل اليهودي لرئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي «لا يعني عدم وجود نازيين في أوكرانيا»، موضحاً أن «كبار المعادين للسامية كانوا يهوداً، وأن «هتلر نفسه ينحدر من من أصل يهودي».
في حقيقة الأمر دأبت إسرائيل والحركة الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية، على إخفاء معلومات موثقة عن وجود يهود ألمان في جيش هتلر النازي شاركوا في المذابح التي ارتكبتها النازية الألمانية، وكانت تمنع نشرها طوال عقود ماضية لكي تستغل صفة ضحية النازية وضحية معاداة السامية في أوروبا.
صحيفة «هآريتس» الإسرائيلية الصادرة بالعبرية، نقلت من برلين عن رويترز في 30 تشرين الأول 2003 تقريراً أعادت نشره في 23 آب 2011 جاء فيه أن المؤرخ الأميركي برايان مارك ريغ أعد بحثاً حول مشاركة اليهود الألمان في الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية تبين منه أن عددهم زاد عن 150 ألفاً وشاركوا في الحرب النازية في أوروبا، وكان ريغ قد نال درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، وأصبح أحد المحاضرين في الأكاديمية العسكرية في فيرجينيا بعد أن خدم في قوات المارينز وتطوع لفترة من الوقت في الجيش الإسرائيلي بعد أن تبين له أن جده كان يهودياً وصدر له عام 2004 كتاباً بعنوان «جنود هتلر اليهود»، عرضت جامعة هارفارد الأميركية دراسة عنه حول مشاركة اليهود في الجيش الألماني، وصدر بالإنكليزية وبالألمانية.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية نشرت بدورها، بالعبرية في ملحقها الخاص في 21 نيسان 2020 مقالاً للصحفي الإسرائيلي نيتسان سيدان تناول فيه موضوع مشاركة اليهود إلى جانب الجيش الألماني النازي كطيارين في سلاح الجو وتحت قيادة الجنرال هيرمان غورينغ الذي كان أول من أسس قوات الجستابو الاستخباراتي، ثم انتقل إلى قيادة سلاح الجو، وحين انتهت الحرب بهزيمة النازية ابتلع غورينغ حبة سيانيد منتحراً على غرار زعيمه أدولف هيتلر.
المؤرخ براين ريغ أجرى مقابلات حول دور اليهود في الجيش الألماني مع 400 من أصحاب الشهادات الموثقة، ولا شك أن مشاركة 150 ألفاً ومن بينهم ضباط وطيارون يدل بشكل واضح على أنهم كانوا يدركون ما يقومون به في تلك الحرب وأشكالها العنصرية ضد كل من هو غير ألماني.
بالمقابل كان عدد من أهم قادة المنظمات الصهيونية الإرهابية المسلحة في بداية الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية، قد توجهوا بطلب عام 1941 لإقامة تعاون مع النازية الألمانية، وهذا ما اقتبسته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» في عددها الصادر في 3 تموز 1989 عن صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية حين كشفت أن إسحاق شامير أحد قادة الليكود ورئيس حكومة إسرائيل في السابق، طلب من قيادة الحزب النازي الألماني التعاون معها، لكن النازيين لم يتشجعوا للتعاون معه بسبب علاقة الحركة الصهيونية المتينة في ذلك الوقت مع بريطانيا، وعدم احتمال قطعها مع لندن وهذا ما يدل على الاستعداد الصهيوني للتحالف مع النازيين الألمان، وكان أبراهام شتيرن، زميل شامير في قيادة منظمة الأرغون، قد توجه في الثلاثينيات نحو بنيتو موسيليني وحزبه الفاشي الإيطالي الذي يحمل أيديولوجية النازية الألمانية نفسها، من أجل عقد تحالف معه علماً أن الحزبين الألماني والإيطالي كانا يعدان الخطط العنصرية ضد اليهود أنفسهم في أوروبا، فقد كان شامير وشتيرن لا تهمهما هذه الحقيقة طالما أنهما يحملان الأيديولوجية العنصرية نفسها وأهدافها.
إذا كانت ظاهرة النازية تجد في أوكرانيا أرضاً خصبة لها وتشجيعاً من رئيس الدولة، وهو من أصل يهودي، فإن ذلك لا يمنع أن يستخدمها الغرب ضد روسيا التي انتصرت على النازيين في الحرب العالمية الثانية ولم تهادنهم بعد الحرب العالمية الثانية على غرار الولايات المتحدة والغرب.
إن هذه السياسة الغربية تجاه روسيا تشبه تحالف الغرب مع منظمة داعش الإرهابية طالما أنها قابلة للتحول إلى أداة مفيدة ضد أعداء الإرهابيين والمناهضين للهيمنة الأميركية الغربية.