أثناء حروب الإمبراطورية العثمانية التي وصلت إلى حدود النمسا، وللسيطرة عليها قام العثمانيون بحفر نفق تحت الأرض، ولكن خبازاً سمع أصواتاً في الليل قادمة من الأسفل فقام بإبلاغ العسكر النمساوي فهاجموا الجنود أثناء حفر النفق وسقط الكثير من الجنود العثمانيين وانتهى الزحف، وقرر الخباز أن يصنع خبزاً على شكل الهلال، والهلال كان رمز العثمانية وبالتالي يأكله الناس للدلالة على هزيمة العثمانيين واعتداد الخباز بما فعله وسمي هذا الخبز بالكرواسان اشتقاقاً من كلمة crescent وتعني الهلال.
هذه مقدمة لاستكمال حديثنا عن الانتخابات التركية القادمة، حيث يقف الرئيس رجب طيب أردوغان عند منعطف طرق مهم، فهو إما أن ينجز الاتفاق مع الجمهورية العربية السورية أو سيكون أمام سيناريوهات السقوط.
وقبل أن نشرح السيناريوهات علينا أن نتحدث عن بعض شروط ذلك الاتفاق:
١- الانسحاب الكلي من الأراضي السورية.
٢- الالتزام باتفاقية أضنة كما هي وهذا أفضل ما يمكن أن تقدمه الجمهورية العربية السورية.
٣- وقف دعم كل الجماعات والنشاطات الإرهابية ضد الجمهورية العربية السورية.
وإذا لم يفعل ذلك فإنه سيسقط بالانتخابات القادمة بلا شك ويعود ذلك إلى الأسباب التالية:
١- الحدود السورية – التركية كانت دائماً مصدراً للأمان على تركيا بغض النظر عن التفاصيل، في حين حدود تركيا مع دول البلقان كانت ولا تزال مصدراً للقلاقل وتهديد الوجود المتبادل ما أسفر عن عداء تاريخي وحاضر ومستقبلي وطبعاً دول البلقان بوابة العبور البرية إلى كل أنحاء أوروبا الغربية وبالعكس.
٢- الأزمة الاقتصادية التركية لا يمكن حلها من دون التفاهم مع الجمهورية العربية السورية وتحقيق التعاون الاقتصادي، وأما المساعدات الخليجية التي يتلقاها الرئيس أردوغان حالياً فهي ليست أكثر من حلول مؤقتة لا تشكل مستقبلًا لاقتصاد دائم ومستقر، وهذا بحكم الجغرافية السياسية والاقتصادية، ولهذا الحديث إرهاصات دولية منها:
١- نجاح الرئيس إيمانويل ماكرون في فرنسا مجدداً في الانتخابات وهو المتحرك الأساسي والمتحول الرئيس في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، والتي تعمل على تحالف تاريخي مع الولايات المتحدة الأميركية وهو مؤجل حالياً، أما ماكرون فلديه القابلية في لحظة، أن يكون صديقاً للرئيس أردوغان وفي لحظة مواتية أخرى يمكن أن يكون عدوه اللدود.
٢- الأمر الآخر هو انحياز بعض الدول التي تشكل البلقان خاصرتها، لخيار الحياد، والمصالح الاقتصادية هي العنوان لمواقفها السياسية من الحرب الروسية – الأوكرانية مثل هنغاريا مع العلم أن لها حدوداً واسعة مع أوكرانيا.
ومما لاشك فيه أنه سيكون هناك أثر بالغ جداً لنتائج هذه الحرب على أوروبا والعالم، وهكذا فقد نتساءل كيف يستطيع الرئيس التركي تجاوز الاصطفافات التي تخضعه لإرادة الولايات المتحدة وهنا نقول: إننا سبق وتوقعنا الانزياحات الاستقلالية لبعض دول الخليج عندما تقف عند بوابة اللاعودة أو الوجود وعدم الوجود، وكان هذا منذ أكثر من عامين حيث بدا الحديث مستهجناً جداً في ذاك الوقت واليوم نتحدث عن الشيء نفسه مع الرئيس أردوغان فهو محال أن ينجح في الانتخابات من دون اتفاقه مع سورية، رغم أن هذا الاتفاق يعارض الواقع الذي ترسمه الولايات المتحدة الأميركية والتي تقود حالة استعصاء في المنطقة.
فإذا استمر في طاعتها فأقصى ما يحصل عليه هو دعم المؤسسة العسكرية من قبل الغرب وبالتالي تقوية الجنرالات العسكريين عليه لعدم إمكانية الدعم الاقتصادي في ظل ظروف الغرب الاقتصادية الحالية ولكن دعم الجنرالات العسكريين هو آخر ما يتمناه قطعاً، حيث قام سابقاً بالتغلب عليهم في محاولة الانقلاب الأخيرة بعيداً عن الروايات المتبادلة حول تلك الواقعة.
أما الدعم الاقتصادي المؤقت الذي تقدمه دول الخليج، فهو لا يغني ولا يسمن، وبالتالي فإن هذين العاملين لا يشكلان أي ضمانة له ولحزبه للاستمرار على رأس السلطة في تركيا.
بالمقابل ماذا لو فعل الرئيس أردوغان ما يغضب الولايات المتحدة الأميركية، وهنا طبعاً سيكون أمام سيناريو إسقاطه بانقلاب عسكري كاحتمال وارد، رغم أنه سبق وتم إضعاف الحالة، لكونها متوقعة، لكنها تبقى إمكانية متاحة للولايات المتحدة مع دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.
بهذه الحالة لديه إمكانية مواجهة وحيدة بعد إنجاز اتفاق مع سورية حيث سيضمن التفاف الحركة الشعبية والأحزاب المعارضة له حوله وسيواجه ذاك الانقلاب شعبياً، أما إذا اختار المضي قدماً بالعداء لسورية فستكون هذه الأشهر هي آخر أيامه في الحكم.