ثقافة وفن

الأدب في محراب الشهادة والشهداءِ

| منال محمد يوسف

في عيد الشهداء يجتبى الأدب ويُكتب بمحبرة القداسة المُثلى يسمو بذكر أصحاب الرواية الأقدس

هؤلاء من سطروا الأدب بأقلامٍ من نورٍ، سطروا وعده من عظيم

ما فعلوه، فكانوا نطقه السرمديّ وعوالم من النُّور تمتدُ ولا تنتهي كانوا «نبراسه الأجمل» ونبالة الأقلام التي تُلقى حيثما تنبتُ أزاهير بطولتهم، وتُسطر ملامحه بشيءٍ إعجازيّ الصور والروايات.. وبهذا الشكل يسمو الأدب وجوهره البطوليّ المهم، يسمو فعله القدسيّ وهو الذي يُشكّلُ ذاك الشيء الذي يُسمّى «ذاكرة الوطن».

وذكرى من رحلوا وكانوا عشاق الأرض والقداسة في الوقت ذاته كانوا القصيدة الأسمى والرواية الأنبل التي تصور وتحتفظ بشعاع شموسهم حتى وإن غربتْ.. وبهذا الشكل نقرأ الأدب بطابعه القدسيّ ونراه يختصر الكثير من صور النبالة ويُخلّد الكثير منها..

يُخلّد الكثير من حياة الشهداء، شهداء الشرف العظيم، من كتبوا بمحبرتهم «قداسة الأدب» وكانوا روح المعنى ودساتير وهّاجة البطولة ومشكاة نور الذي يبقى مشتعلاً أبد الدهرِ، لقد منحوا الأدب كلمتهم العُليا وقال بهم كلمته الأقدس إذ تحدّث عن سموّ «الشهادة في محراب الأدب» وعن سموّ وعدهم الأطهر في محراب الحياة والأدب..

وإذ نُصادفُ ذاك السؤال القائل: كيف يحاول الأدب أن يصف «وعدهم القدسيّ» وبطولاتهم التي تبدو وكأنّها أساطير يجدر أن تُسطر بعض سطورها وبعض عناوينها، ويُجتبى منها المعنى القدسيّ، يُجتبى كما تجلّيات الأدب والشهادة ونورهما إذ يُمزج ويسطع نجمهما الوهّاجِ في الأفق البعيد والقريب على حدٍّ سواءٍ..

ويُزهرُ وعده الآتي في محراب الشهادة والشهداء، يُزهرُ إذ يستوحي من قبسهم الأجمل «قصائد نوره وزهر نواره»، وإذ يكتبُ عن «أبناء الأرض» يكتبُ عن سيرهم العطرة والمعطرة بعبير الشهادة والدّم القدسيّ..

وإذ يسمو الأدب بفضل روايات البطولة التي تُزهرُ على ضفتيّ «أنهر الأدب» ويُزهر وعدها القدسيّ وكأنّها الحروف قد مُنحت صفات القداسة وأصبحت كما «دساتير الوعد المقدّس» تتحدّثُ عن قداسة الشهادة عندما يُذكر نهجها القويم ويُزهرُ في محراب الأدب.

وفي عيد الشهداء نقرأ الأدب وكأنّه قد أصبح «ذلك المؤرخ التاريخيّ» إذ يُسجّل قداسة ما يمكن أن يُسجّل بالفعل ويُضيء نهجاً بطوليّ الكلام لا يمكن إلا الإتيان على ذكره الأهم.. كلّ هذا يجعلنا نرى ونقرأ عن «عظمة الشهادة والشهداء في عيون الأدب، وكيف يسمو الأدب إذ ما أخذ من نور قبسهم النورانيّ؟..

وإذ ما وضع حياتهم العظيمة بين ضفتيّ مجلداته المهمة؟.. حتى إذ جعلنا نُدرك حقيقة التشابه بين محبرته وبين محبرتهم أو «محبرة الدماء» وما أجمل هذا التشابه إذ نرى الأدب يحاول أن يُخلّد أسماء الشهداء ويجعلهم نجوماً وضّاءة تُنير دوحه العظيم.

ونراه يؤرّخ لشيءٍ تتجسد في محرابه أروع الصور التي تحاكي سير الشهادة، وتحادث قصص غيابهم بشيءٍ أدبيّ يُخلّد ذكراهم فنرى الأدب يقول من خلاله نبل ما يمكن أن يُذكر ويُقال: نراه يقول من خلالهم «صوت ونبل كلمته العُليا» وما أقدس هذه الكلمة إذ تُكتبُ وتُقال من أجل «أحبّاء الأرض» تُقال لأجلهم وهم من سطّروا صفحات مشرقة.

سطّروا جمال الأدب على طريقتهم الخاصة، وكتبوا بحروف بنادقهم أجمل القصائد التي تنتمي إلى حيث «عشقهم الأقدس» تنتمي إلى مجد أسفارهم وسِفر أمجادهم..

كلّ هذا يجعلنا نقرأ الأدب عندما يُصلي في محراب الشهادة وتُعمّد الشهادة بروح الأدب ويُعمّد الأدب بنور الشهادة وبِذكر الشهداء أولياء النُّور على مرِّ الزّمان..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن