حذرت 45 منظمة حقوقية وصحفية ومجتمع مدني أمس من خطورة مواصلة النظام التركي سياسة التغيير الديموغرافي في المناطق التي يحتلها في سورية من خلال ما يسميه مشروع لإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى المناطق التي يحتلها.
وفي نداء وجهته إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش والاتحاد الأوروبي نبهت المنظمات من مخاطر مواصلة النظام التركي فرض سياسة التغيير الديموغرافي في شمال وشرق سورية، وتداعيات توطين مليون سوري من غير المكون الموجود في تلك المنطقة ما يدفع إلى خلق جو مشحون قد يؤدي إلى حرب أهلية.
وحذر النداء الذي نشرته مصادر إعلامية معارضة، من الانعكاسات المتوقعة لإقامة «المستوطنات واستجلاب غير السوريين للتمركز في تلك المنطقة ومخاطر تواصل القضاء على الثروة النباتية من خلال اقتلاع الأشجار المثمرة وقطع المياه».
وجاء النداء في وقت كان من المقرر أن تنظر الحكومة التركية أمس خلال اجتماع لها برئاسة رئيس النظام رجب طيب أردوغان بإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى مناطق تحتلها داخل الأراضي السورية وفق قناة «إن تي في» التلفزيونية التركية، ولكن حتى ساعة إعداد هذا التقرير لم يرشح أخبار عن الاجتماع.
وذكرت القناة أنه من المقرر إيواء هؤلاء اللاجئين فيما سمته «المناطق الآمنة» التي تسيطر عليها أنقرة، وذلك بعدما أعلن أردوغان الأسبوع الماضي تنفيذ مشروع لبناء منازل من قوالب حجرية للاجئين في 13 منطقة سورية.
ولفت النداء إلى أن الاتفاقيات الدولية تنص على ضرورة صون حقوق الشعوب في أراضيها، وخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية عام 1989 للشعوب الأصلية والقبلية وإعلان حقوق الشعوب الأصلية، والاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان، مؤكدة أن تملك الأرض حق تضمنه تلك الاتفاقيات وهو غالباً ما يكون مرتبطاً بحقوق الشعوب الأصلية نظراً لأهمية الأرض وعلاقتها بهوية المجتمع ووجوده.
وأضاف: «هذا الحق المقدس تسطو عليه الآن جهات معلومة في سورية تتزعمها تركيا وتسعى علناً أمام صمت دولي مخزٍ إلى توطين مليون سوري في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها على طول الحدود الشمالية لسورية في محافظات حلب والحسكة والرقة.
وأوضح، أن هذه الخطوة تأتي «ضمن مخطط عدواني للفتنة وإحداث حرب أهلية في تلك المنطقة والقضاء على هويتها السكانية والتاريخية وخصوصيتها الثقافية والقومية، موضحة أن النظام التركي ينتهج منطق القوة والإكراه لفرض سياسة التغيير الديموغرافي وتدمير التركيبة السكانية التي تتميز بها تلك المنطقة، تحت يافطة إنسانية عريضة مسماة «العودة الطوعية».
واعتبر، أن التحضير من أنقرة لمشروع «العودة الطوعية» لمليون سوري وتوطينهم هناك، ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة، وسيشكل شرارة لاندلاع صراعات لن تسلم منها سورية ككل، مشيرة إلى كذب أردوغان بأن تلك المناطق «آمنة» حيث تؤكد الشواهد والوقائع اليومية أن تلك المناطق أصبحت مسرحاً لعمليات القتل والنهب والتنكيل وعنواناً للفوضى الأمنية.
وأشارت المنظمات في النداء إلى أن انتهاكات النظام التركي ومرتزقته لم تتوقف عند حد التهجير القسري واستملاك الأراضي والاستيلاء على المحاصيل الزراعية وأشجار الزيتون وقطع المياه الصالحة للشرب بل وصلت حدّ التصرّف في بيع العقارات في مناطق تسيطر عليها مرتزقته، فضلا عن عمليات الانتقام عبر اقتلاع الأشجار، علاوة على جرائم الخطف ضمن سياسة الترهيب والتخويف الممنهجة لتهجير السكان الأصليين.
ودعت المنظمات إلى محاسبة النظام التركي ومرتزقته على الانتهاكات والجرائم التي يرتكبونها في المناطق التي يحتلونها في شمال سورية ومعاقبة الجناة المتورطين في القتل والتهجير والاختطاف والتنكيل بالأهالي في الشمال.
وطالبت بعدم تمويل مخطط أردوغان المسمى «العودة الطوعية» مادياً وعدم منحه الشرعية والغطاء القانوني لأن من شأنه أن يتسبب بتكريس واقع التغيير الديموغرافي القومي الممنهج لتلك المناطق، لافتة إلى أن المناطق التي يحتلها النظام التركي وإرهابيوه ليست آمنة بل تشوبها خلافات واقتتالات بين مرتزقته وتشهد جرائم قتل يومية.
ووقع النداء 45 منظمة حقوقية وصحفية ومجتمع مدني أغلبها كردية.