ثقافة وفن

لا أحد يستطيع إنكار بهجة المسرح … وئام الخوص لـ«الوطن»: بكيت كثيراً على شخصية كنانة وأنا أقرأ النص وأعمل على الشخصية

| سارة سلامة

فنانة وأستاذة تطوع فنون التمثيل لطلاب كثر، تهوى المسرح والرقص والفن الشعبي الحكواتي وتميزت به، خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية عام ٢٠٠٥، ارتأت اليوم وئام الخوص أن تكون الشاشة الصغيرة وجهتها بعدما شاركت بأكثر من عمل: «أحمر، أثر الفراشة، كلام من ورق»، وتحت عدسة المخرجة رشا شربتجي التي استطاعت أن تكتشف قدراتها وأدواتها ووضعتها في شخصية بعيدة في التفكير والصوت وطريقة المشي والأسلوب، من خلال شخصية كنانة في مسلسل «كسر عضم» فتاة الليل التي تحمل العديد من المشاكل والمعوقات جعلتها تأوي إلى بيت دعارة من دون أي معرفة بفنون مهنة تحتاج إلى أنثى محنكة تمارس الإغواء كأسلوب حياة لالتقاط الزبائن.

وفي حوار خاص لـ«الوطن» تحدثنا أكثر مع وئام، شخصيتها حياتها وعملها وطموحاتها في هذا الحوار:

• في البداية تحدثِي لنا عن شخصية كنانة وتركيبتها النفسية.. مشاكلها وهمومها.. كم استطعت الاقتراب من هذا النوع من الفتيات والشعور بهن؟

هي شخصية مثل أي فتاة في الحرب كانت من عائلة فقيرة تقطن الريف، لم تساعدها الظروف لتتعلم، واجهت مشاكل عديدة في حياتها، من اختلاف المبادئ فجأة كالذي حدث وتشكل بالمجتمع بعد الحرب، وانقلاب المرآة على وجهها الآخر بكل شيء، وأصبح بلحظة كل ممنوع مسموحاً، وكل ما سبق كان كذبة، وما أثر فيها للغاية هو الافتراء الذي يشبه إلى حد كبير الاغتصاب إن كان في الكلام أو بالموقف، أمور كثيرة تراكمت جعلتها تأخذ آلية دفاع عن نفسها، وتكون كما يقال في المصطلح العامي «حسن صبي»؛ صوتها ثخين في داخلها صوت لاتريد أن تكون أنثى، وتحاول جاهدة أن توفر المال لتعيش.

كنانة بنت بسيطة وطيبة لكن لم تستطع أن تجد لنفسها مساحة وتثبت وجودها في «بيت الدعارة» ولاحتى قادرة على أن تثبت وجودها في الحياة، هذا أحد الاحتمالات الذي أظهره مسلسل «كسر عضم» بعد الحرب والتغيرات في حياة الكثير من الأشخاص بعد أن خسروا بيوتهم وأفرادهم وأقاربهم وخسروا أيضاً الذكرى والماضي، فكنانة كل هذه الشخصية التي ظهرت فيها بالبداية، كلها آلية دفاع وعدم معرفة، والكثير من الناس يتساءل كيف لفتاة مسترجلة أن تعمل في بيت كهذا، في الحقيقة نحن وصلنا إلى وقت أصبحنا فيه نعمل من أجل المال.

• ألم تتخوفي من تأدية هذه الشخصية وخاصة أنها ابنه ليل؟

لم أعارض الدور لمجرد أن الشخصية فتاة ليل لأن على الممثل أن يعمل أي دور، وخاصة إذا كان هناك رسالة واضحة، ولا يكفي أن نطلق على بنات الليل صفات سيئة وعامة من دون معرفة السبب الذي جعلهن يسرن في هذا الطريق، دائماً هناك حقائق مؤلمة رغم وجود الرادع المتعلق بالعادات والتقاليد والتربية والعقل؛ لكن يبدو أن الحرب شرعت وجود هذه الظاهرة، والممنوع أصبح مسموحاً، لذلك كنت سعيدة بهذا الدور لأنني أظهر الجانب المظلم في حياة هؤلاء الفتيات.

• هل شكل لك تقديم الشخصية إحراجاً ما؟

على الإطلاق إلا أنه فتح باباً لأسئلة كثيرة عند الكثيرين، في الواقع أو على وسائل التواصل الاجتماعي، يرسلون لي إذا كنت متعاطفة مع بنات الليل أو أبرر لهن ما يقمن به، وجوابي دائماً يكون بألا نعمم، فكل حالة شر أو خير في الحياة لها أسبابها، وكلنا لدينا ظروف ومسببات هذا أولاً، والشيء المضحك أن الناس في الطريق تقول هذه كنانة التي كانت تعمل في بيت الدعارة ويتصورون معي، فهي لم تعد مقياساً لأننا لم نقدم بيت الدعارة على أنه شيء سيئ وهذا لا يعني أنني أو المخرجة نناصر هذه الحالة.

• من موقعك ماذا توجهين نصائح لكنانة وهل تتعاطفين معها؟

لا تتخيلين كم بكيت على كنانة وأنا أقرأ النص وأعمل على الشخصية إن كان بشكل فردي أو مع الأستاذة رشا، بكيت عليها كثيراً، لأنها جعلتني أرى إحدى فتيات ضيعتي وأتعاطف معها؛ لكن في الوقت نفسه أشعر أن كنانة كانت تستطيع أن تعمل أي شيء آخر، لا أستطيع أن أقول هذا بثقة لأنه يا ترى في ذلك اليوم بالتحديد كنانة كانت قادرة على أن تفكر بعقلانية؟ يبدو أن الظروف كانت أقوى وهذا ما يجعلني أتعاطف معها إلا أنني كنت أتمنى لو كانت أقوى وأكثر قدرة على تحمل الضغوطات والابتعاد عن ضعف ذاتها.

• كأستاذة في التمثيل كيف تقيمين الوقوف أمام الشاشة على الرغم من أنك شاركت بأعمال عدة إلا أن كسر عضم أضاء على كل الممثلين؟

حتى لو كان لي تجارب سابقة إلا أن العمل مع الأستاذة رشا كان مريحاً أكثر من أي تجربة، رغم صعوبة المشهد الأول، لأنها لم تجمعنا وتشرح لنا طريقة الأداء في البيت كنا نصور ونعيد؛ هذه طريقة رائعة في تدخّل الممثل بسرعة في آلية العمل، وجمالية رشا أنها تهتم بالتفاصيل.

وكنا نفكر نوعاً ما في كنانة بالطريقة نفسها، وحبي للعمل مع رشا أنها كمخرجة استطاعت أن تكتشف إمكانيات أخرى بشخصيتي وأعطتني شخصية مختلفة جداً عني بالصوت وطريقة المشي والتفكير، هذه الثقة بالتأكيد ناجمة عن معرفة، وهذه خاصية رشا ما جعل الجميع ينجزون عملهم بحب؛ والحب أهم ما يمكن أن يقدم رشا حقاً تستطيع أن تخلق هذا الحب بيننا وبينها.

• كيف كان التعامل مع المخرجة رشا شربتجي بعيداً عن «دراما رود»؟

كانت المعاملة، لن أقول بين مخرج وممثل لأنها تتقبل الاقتراحات ومنذ أن يدخل الممثل على السيت تعرف مستواه بطريقتها الخاصة؛ فهي تعدت مرحلة الصناعة وأصبحت ماهرة، استطاعت أن تعرف أني قادرة أن أعطي شخصية كنانة من خلال 3 دقائق، أستطيع أن أقول هذه عين مخرج، وهناك من يقول إن النية الطيبة لا تصنع فناً، أما أنا فأشعر أن النية الطيبة تصنع فناً، لأنه عندما تعطي بنيتك الطيبة لشخص يقدر هذه النية حتماً ستصنع الفن وهذا الذي حدث مع رشا.

• كيف تلقيت نجاح مسلسل كسر عضم؟

سعيدة جداً بنجاح المسلسل أولاً لأنها رشا وثانياً لأنه يوجد طلاب من طلابنا في «دراما رود» ولأن كل الممثلين عملوا من قلبهم بمحبة كبيرة.

• تتنوعين في تقديم الفن على صعد مختلفة هل ما زال المسرح يشكل شغفاً أم إن التفكير اختلف؟

المسرح له احترامه واشتياقه وبهجته وبما أنني بعدت قليلاً عن الدراما فأنا أرغب في أن أعطي اهتماماً للدراما أكثر، يعني أنا أخذت من وقت الدراما في المسرح بالحكواتي والتدريس والرقص وقليلاً الكتابة والآن وصلت إلى مرحلة لا أشعر أن هناك فرقاً بين الفنون كلها لكن لكل فن أسلوبه، فأنا ضمنت أن الأدوات عندي موجودة من خلال خبرة سنوات طويلة فالمسرح له أدواته، والتلفزيون لديه أدواته والسينما أيضاً، لدي كل هذه الأدوات، إنما التقصير نوعاً ما كان درامياً أو تلفزيونياً وسأتوجه له ولكن لا أحد يمكن أن ينكر بهجة المسرح.

• ما طموحك وإلى أين تتمنين الوصول؟

طموحي الاستمرار وأن أقدم كل عام شخصية مختلفة لإظهر أدواتي، وأن أحظى بفرص مع مخرجين قادرين على أن أبدع معهم حتى لو كانت المساحات صغيرة مثلما حدث مع رشا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن