رياضة

في المشهد الأخير للدوري.. الأندية بين الهموم والعثرات الإدارية والفنية والمالية … تشرين بطل عن جدارة والوثبة ذاق المرارة.. الجيش أخطأ الطريق والوحدة تاه كالغريق

| ناصر النجار

انتهى الدوري الكروي الممتاز مساء السبت الماضي بمشاهد من الفرح والحزن ونالت الفرق علاماتها (نقاطها) كل حسب جده واجتهاده.

ولاشك أن الدوري هذا الموسم شابه الكثير من اللغط والمعوقات والمشاكل والعثرات ما جعل البعض يصفه بالموسم بالأسوأ.

الترتيب النهائي الأخير ابتسم لتشرين الذي حاز البطولة للمرة الثالثة على التوالي والخامسة بتاريخه.

والترتيب أيضاً أحزن الوثبة الذي كان يسعى للبطولة ويجتهد لنيلها ولكن الظروف عاكسته.

كذلك جاءت كل الأندية الأخرى بمواقعها التي كانت تستحقها، بعض الفرق حسنّت مواقعها بالترتيب، وبعضها الآخر تراجع بعض الشيء.

الهابطون استحقوا الهبوط، ولو لم يستحقوه لما هبطوا، لذلك لا لوم على الآخرين في هبوط أي من الفرق الأربعة (الشرطة وحرجلة والنواعير وعفرين)، فكان الهبوط حصيلة الأداء والنتائج، ولات ساعة مندم.

شخصية البطل

تشرين استحق البطولة لأنه كان يملك شخصية البطل، إضافة لكونه أكثر الأندية استقراراً وانضباطاً وانسجاماً، وكان هناك تناغم بين الإدارة والقيادة الفنية، فلم نجد المشاكل التي تقصم ظهر الفريق.

كذلك وجدنا أن الجمهور ساند فريقه كما يجب، فلم يمارس أي ضغط على الفريق وإدارة النادي في أي مرحلة كان فيها الفريق وصيفاً.

ضم الفريق في صفوفه الكثير من المواهب الشابة والنجوم وبعض المخضرمين، واعتمد على أبناء النادي كثيراً إضافة لبعض الوافدين، لذلك لم نره قد تأثر برحيل محمد المرمور وعلاء الدين دالي وعبد الرزاق محمد وماهر دعبول وخالد كردغلي وغيرهم.

الحفاظ على البطولة وشخصيتها يتطلب السير على النهج ذاته مع الاهتمام بأبناء النادي وشبانه الموهوبين منهم على وجه الخصوص.

النصيحة المفترضة: الابتعاد عن الغرور على صعيد اللاعبين حتى لا يخسروا ما وصلوا إليه بطرفة عين.

الظلم الحقيقي

كانت كل التوقعات تشير إلى أن الوثبة كان يسير نحو البطولة حتى الجولة الأخيرة فإما أن ينالها أم يصبح وصيفاً، لكن الظروف لم تسانده فتنازل عنها طوعاً وفق ظروف رآها أبعدته عن منصة التتويج.

والقصة التي يتمسك بها أبناء الوثبة ويروون (لا نتبنى أي رأي) أن الظلم لحقهم بمباراة أهلي حلب، فقد سجل الفريق هدفاً، ثم ألغاه الحكم، ثم أوقف الحكم المباراة لعدم قدرته على استئنافها، ولأن المباراة تجري في حلب، فالمسؤول عن ذلك صاحب الضيافة وليس الضيف، ومن المفترض أن يفوز الوثبة قانوناً حسب كل الحالات المشابهة التي سبقت المباراة أو تلتها، لذلك أحسّ الوثبة بالغبن، فتنازل عن المنافسة طواعية.

وهنا النقطة السلبية التي جعلت تشرين أفضل منه بالمواجهة، وكان من المفترض بفريق الوثبة ألا يتأثر بالقرارات المجحفة وأن يستمر منافساً وخصوصاً أن هناك الكثير من المباريات كانت متبقية.

فريق الوثبة ترفع له القبعات احتراماً لأدائه وتقديراً لنتائجه، كان فريقاً جيداً بكل صفوفه وطاقمه الإداري والفني وإدارته، وما تم تحقيقه الموسم الحالي يمكن البناء عليه، وهو أفضل من أن يستمر النادي بهبوطه النفسي والمعنوي.

عدم التوازن

زعيم الكرة السورية هذا الموسم آثر عدم الدخول في ساحة المنافسة لكنه لم يبتعد عن مربع الكبار، ورغم أن الهدف المعلن لكرة الجيش هو بطولة الدوري إلا أن أموراً لم تكن في مصلحة الفريق وخارج إرادته ما أدى إلى عدم التوازن وبالتالي الابتعاد عن ساحة المنافسة قليلاً، وإن كان قد اقترب منها في مراحل متعددة في مرحلة الذهاب.

على صعيد اللاعبين لم ترضخ إدارة النادي لطلبات بعض اللاعبين الذين غالوا كثيراً بمهورهم فاستغنت إدارة النادي عن أسماء لامعة، ولم تستطع التعويض كما يجب لأن أسعار السوق مرتفعة جداً وبعيدة عن الواقع كثيراً.

أيضاً لم تكن العمليات الفنية مستقرة بالفريق فتناوب على تدريب الفريق أحمد عزام ومحمد عقيل واستقر أخيراً على رأفت محمد.

الفريق ما زال (بعبع) الأندية، وهو الأكثر استقراراً وبالتالي لا تكسره المشاكل والخلافات والشللية ولا يتعرض لهزات المال وسوء الأحوال، ومن المفترض أن تشهد إدارة النادي جلسة خبيرة مع كوادرها تبحث فيه سبل إعادة الألق لفريق الجيش، ليعود إلى منصات التتويج، كما عهدناه سابقاً.

مَنْ ظَلَم البرتقالي؟

لا أحد يلوم فريق الوحدة على الحصيلة النهائية التي خرج منها فريق الوحدة من دوري هذا الموسم، الحصيلة كانت ضعيفة ولا تليق بالكرة البرتقالية، وصحيح أن الفريق احتل المركز الرابع إلا أنه لم يبتعد عن مواقع الهبوط بأكثر من ست نقاط فقط، فكل الفرق بين المركز الرابع والعاشر حققت بين 39 نقطة و34 نقطة.

الوحدة مرّ بمراحل (تهدُّ الحيل) بين إدارة أقيلت ولجنة مؤقتة سيّرت وإدارة مصغرة اجتهدت.

كل هذه التخبطات أثرت بلا شك على مسيرة الفريق وساهمت بتردي نتائجه.

ولو عدنا قليلاً إلى الوراء لوجدنا أن الخطأ في البداية كان من التعاقدات غير الجيدة بالفريق، وأثبت الدوري أن من تم التعاقد معهم كان أغلبهم مصاباً وبعضهم تجاوز السن الكروية المفترضة، من جهة أخرى فقد تم التفريط بالكثير من أبناء النادي لأسباب واهية وغير منطقية.

وعلى ما يبدو أن من قام بتوقيع التعاقدات والاستغناء عن اللاعبين لا يملك الخبرة الكافية ولا يعرف كيف يبني فريقاً ينافس فيه على بطولة الدوري والكأس.

الفريق عانى في مسيرته بالدوري من اهتزازات كثيرة ونكسات عديدة، وتناوب عليه العديد من المدربين بداية مع ماهر بحري ثم مازن زيتون، ودرّب الفريق عساف خليفة فترة من الزمن دون أن يقوده في أي مباراة وخلفه محمد القادري وأخيراً ضرار رداوي الذي أقيل مع المباراة الأخيرة بالدوري.

الموسم المنصرم يجب أن يكون لفريق الوحدة بمنزلة الدرس والعبرة، ولابد من بناء فريق جديد شاب يخوض الدوري بروح المحبة والولاء أكثر من أن يكون عبداً للمال، ورغم أن المال ضروري إلا أنه لا يجب أن يكون في المقام الأول على حساب أمور أكثر أهمية وضرورة.

الوحدة يملك من أبنائه المخضرمين الكثير ومن المواهب الشابة أكثر، وتعزيز الفريق بعدد قليل من المحترفين المتميزين لا يضر.

يمكننا القول إن ما حدث بفريق الوحدة عبارة عن سحابة صيف مرّت، والآن موعد العمل، فهل ستسير إدارة النادي على الطريق الصحيح؟

مشاكل لا تنتهي

أهلي حلب الفريق العريق أنهى الدوري بالمركز الخامس، وبقي أغلب مراحل الدوري قريباً من المهددين ولندرك ذلك نقول إنه ابتعد عن الشرطة الهابط بفارق خمس نقاط وهو فارق نتيجة واحدة فاز فيها الأهلي على الشرطة، لذلك لا يعتبر المركز الخامس إنجازاً، بل منحة ساقته إليها عشوائية الدوري وتخبطه.

وهذا الموقف الذي عليه الأهلي لا يليق باسمه وتاريخه وحضارته فالأهلي ركن من أركان الكرة السورية، فإذا اهتز اهتزت كرتنا وضعفت.

والنادي وقع تحت نار المشاكل والخلافات والطمع والفساد، لذلك لم يكن ليقدم لنا فريقاً جيداً قادراً على التعامل مع الدوري بقوة وعنفوان، وابتعد كثيراً بأدائه ونتائجه وكان للأسف مطية للكثير من الفرق.

وربما الشيء الذي يمكننا ذكره أن التعاقدات التي أبرمتها إدارة النادي كانت في بعضها مشبوهة وبعض اللاعبين كانوا غير جديرين بتمثيل الفريق أمام زحمة من أبناء النادي الموهوبين الذين انتظروا فرصة جاءت متأخرة جداً.

التشكيل الأخير لإدارة النادي حاول تصحيح الطريق الذي يسير عليه الفريق فتعاقد مع ماهر البحري مدرباً الذي منح الفرصة لبعض الشبان، والبحري جاء خلفاً لأنس صابوني ومدرب الشباب معن الراشد الذي جاء مدرب طوارئ لفترة بسيطة، الشيء الطبيعي أن تقوم إدارة النادي ببناء فريق شاب من أبناء النادي، وأن تنهي عقود الكثير من عواجيز كرة القدم، وأن تستقطب بعض لاعبيها المميزين من الأندية الأخرى، وأن تبدأ من جديد، وهذا هو الحل الأمثل لعودة الأهلي إلى ساحة الكبار منافساً وبطلاً.

قضايا مالية

الطليعة جاء في المركز السادس بـ36 نقطة وهو جار الهابطين، وما قدمه هذا الموسم يعنون تحت مسمى (لا جود إلا بالموجود).

فريق الطليعة ثالث ثلاثة حافظت على مدربها (فراس قاشوش) طوال الموسم، لأنها كانت تعتقد أن الحلول في الفريق ليست فنية بالدرجة الأولى.

مشاكل كرة الطليعة إدارية ومالية، وكان دوماً المهيمن على الفريق صاحب المال أو الذي يدعم، لم يتغير موقع الفريق عن الموسم الماضي، وكل أهدافه في الدوري من عدة مواسم هي البقاء في المناطق الدافئة.

التفكير بموقع أفضل يتطلب وجود رؤية مستقبلية لسنوات قادمة عبر تخطيط سليم ضمن الإمكانيات المتاحة، فليس المطلوب من إدارة النادي البحث عمن يدفع المال لأن ذلك يعبث بنسيج النادي والفريق معاً.

من المفترض البحث عن مصادر تمويل إضافية من استثمارات جديدة ومشاريع تجارية صغيرة تدر على النادي المال الوفير.

كرة حماة خرجت العديد من اللاعبين الموهوبين الذين أثبتوا وجودهم بالعديد من الأندية المحلية وبالأندية العربية التي احترفوا فيها، والحبل على الجرار، لذلك على نادي الطليعة أن يبحث فعلاً عن هذه المواهب وأن يضمها لفريقه لتكون اللبنة الرئيسية التي تبني عليها كرة الطليعة آمالها وأحلامها المستقبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن