شؤون محلية

هواجس الاعتراف بالشهادات السورية في الخارج

| محمد خير الشاكوش

شهدت منظومة التعليم العالي حدثاً مهماً بإصدار القانون رقم 33 في 16 كانون الأول 2021 القاضي بإحداث «الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية في التعليم العالي»، الذي يهدف إلى تطوير التنافسية للارتقاء بجودة هذه المنظومة، وتعزيز الثقة بمخرجات التعليم العالي محلياً وعالمياً.

جاء صدى إحداث الهيئة ايجابياً في الأوساط الأكاديمية العليا، وقد اعتبروه في غاية الأهمية على مستوى التعليم العالي في سورية، إذ إن مرحلة جديدة قد بدأت في مأسسة التعليم العالي، وأصبحت الهيئة مرجعية مهمة لاعتمادية الجامعات والكليات والأكاديميات والمعاهد العليا والمعاهد التقانية والمدارس التي تمنح درجات علمية بعد شهادة الدراسة الثانوية، لأنها تتمتع بالاستقلال الإداري والتفويض اللازم لتقييم جودة واعتمادية تلك المؤسسات.

لاشك أن الدافع الاساسي الذي سرّع بإحداث الهيئة – كما يرى المعنيون في التعليم العالي- الحاجة الماسة لضبط جودة العملية التعليمية والبحثية ولاسيما في هذا الوقت الذي لا مجال فيه من اللحاق بركب التطورات العالمية المتسارعة على المستوى العلمي والبحثي، وهواجس الاعتراف واعتماد الشهادات السورية في الخارج، واستنزاف القدرات العلمية الوطنية نتيجة الهجرة والمنافسة غير العادلة في استقطاب أعضاء الهيئة التدريسية، والتوسع في الجامعات الحكومية والخاصة وظهور أنماط جديدة من التعليم كالتعليم الافتراضي والتعليم المفتوح.

فمن المهام التي تقوم بها الهيئة – حسب قانون الإحداث – وضع قواعد الاعتمادية العلمية للمؤسسات التعليمية وهي عبارة عن مجموعة المعايير والضوابط اللازم توافرها لتحقيق الحد الأدنى المطلوب لجودة العملية التعليمية والبحثية فيها، ومنح شهادة الاعتمادية لها، وقياس جودة أداء المؤسسات التعليمية، ووضع قواعد إجراء الامتحانات الوطنية وامتحانات التعادل وإعداد قاعدة بيانات شاملة تخص جودة واعتمادية مؤسسات التعليم العالي الوطنية والعالمية، وتعزيز بناء القدرات البشرية في مجال القياس والتقييم والاعتمادية، والتعاون وتبادل الخبرات مع الجهات النظيرة، وتعميم ثقافة القياس والتقييم والاعتمادية على الصعيدين الأكاديمي والمجتمعي، وتعزيز ثقة الرأي العام بالنشاطات المنفذة من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات والمشاركة في المؤتمرات والندوات الدولية في مجال عملها.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن عملية ضبط الجودة واعتمادية المؤسسات التعليمية في سورية مرت بمراحل مهمة، بدأت بإحداث وزارة التعليم العالي عام 1966 التي تولت عملية الإشراف على مؤسسات التعليم العالي، وأصدر مجلس التعليم العالي العديد من القرارات ذات الصلة بالجودة والاعتمادية، ثم جاء المركز الوطني للتقويم والقياس في التعليم العالي المحدث عام 2012 ليتصدى لموضوع قياس جودة مؤسسات التعليم العالي وإجراء الاختبارات الوطنية قبل أن يتم حله بموجب قانون إحداث الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية في التعليم العالي وتحل محله لتكون الجهة الوحيدة المخولة في هذا المجال.

تم التأسيس لموضوع جودة واعتمادية التعليم العالي باتخاذ العديد من الإجراءات تمثلت بإحداث مديريات الجودة في الجامعات والوزارة، واعتماد المعايير المرجعية الأكاديمية الوطنية (نارس) لمختلف الاختصاصات العلمية، وإجراء اختبارات السنة التحضيرية لكليات (الطب- الأسنان- الصيدلة)، والامتحانات الوطنية الموحدة، وامتحانات تعادل الشهادات العلمية، وقواعد الاعتماد العلمي لمؤسسات التعليم العالي، وقواعد الاعتماد العلمي وشروط منحه وإلغائه للجامعات الخاصة، ونظام ضمان الجودة وتقويم الأداء وقواعد الاعتماد العلمي للكليات التطبيقية والمعاهد التقانية الصادر عن المجلس الأعلى للتعليم التقانية.

لاشك أن الإجراءات السابقة في مجال جودة واعتمادية التعليم العالي هي الركيزة الأساسية التي ستعتمد عليها الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية في عملها المستقبلي، وبالتالي سيكون بناء وتشكيل الهيئة على قاعدة صلبة من تراكم الخبرات على مدى عقود من الزمن، والأمل معقود في متابعة الهيئة عملها بمهنية عالية للوقوف أمام التحديات التي تواجه التعليم العالي، وأبرز تلك التحديات الحاجة الماسة لضبط جودة العملية التعليمية والبحثية، واللحاق بركب التطورات العالمية المتسارعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن