قضايا وآراء

ضجة عن الحقوق الاجتماعية في أميركا

| دينا دخل الله

هل هي «الشعرة التي ستقصم ظهر البعير»؟

بعيداً عن الصراعات الأميركية الخارجية ومشكلات مد النفوذ الأميركي في العالم، تواجه أميركا مشكلة مهمة في الداخل قد تكون سبباً في حدوث انقسام حاد داخل المجتمع الأميركي، حيث ينتظر الأميركيون صدور حكم من المحكمة العليا قد يؤدي إلى منع الإجهاض، وهو أمر انشغل به الشارع والإعلام الأميركي منذ شهور، إلا أن تسريباً جديداً لمعلومات مهمة من داخل أروقة المحكمة أدى إلى زيادة الاحتقان في الشارع، إذ نُقل عن القاضي سامويل أليتو أن «قرار المحكمة لعام ١٩٧٣ الذي أعطى حرية الإجهاض للنساء في الولايات المتحدة دون الحصول على موافقة من السلطات المختصة، مسؤول عن إشعال خلاف وطني أثر بشكل سلبي على الثقافة السياسية للمجتمع على مدى نصف قرن».

لكن ما هذا القرار الذي صدر عام ١٩٧٣؟

هو قرار أصدرته المحكمة الدستورية العليا ينص على أن دستور الولايات المتحدة يحمي حق المرأة في الإجهاض دون قيود من الحكومة ويدعى «رو ضد وايد»، ويرى الكثير من الباحثين أن اعتبار قرار عام ١٩٧٣ الذي كان سبباً في الخلافات السياسية في أميركا أمر مجحف، فعندما تم التصويت على القرار الذي حصل على سبعة أصوات من تسعة لم يكن يمثل انقساماً سياسياً كما يحصل الآن، لم يوافق الكاثوليك على القرار لكن الكثير من الإنجيليين المحافظين وافقوا عليه، كما وافق المجمع البابوي الجنوبي على إمكانية الإجهاض قانونيا ضمن شروط معينة عام ١٩٧١، ثم عاد التأكيد عليه عام ١٩٧٤.

قالت أستاذة القانون في جامعة هارفارد ماري زيلر: «إذا كنتم تعتقدون أن ما يحصل الآن هو انقسام، فأنتم لم تروا شيئاً بعد».

يعتقد محللون أنه في حال حكمت المحكمة الدستورية العليا ضد قانون عام ١٩٧٣ سيكون في أميركا نظامان مختلفان للإجهاض، أي إنه سيكون هناك اختلاف في حقوق المواطن الأميركي بين الولايات. من المتوقع أن تمنع أغلب الولايات حرية الإجهاض حسب معهد غوتماتشر، في ١١ ولاية لن يكون هناك استثناءات للاغتصاب أو سفاح القربى، حتى إن ولاية لويزيانا تعمل على إصدار قانون يتهم كل من يقوم بالإجهاض بالقتل العمد.

بالمقابل ستقدم الولايات الزرقاء، أي الليبرالية الديمقراطية، ملاذاً آمناً للراغبين في الإجهاض، حتى إن ولاية أوريغان صدّقت مؤخراً على قانون لتأسيس صندوق بخمسة عشر مليون دولار للمساعدة في تكاليف الإجهاض، وهذا كله سيحول الولايات إلى مناطق عداء قانوني لبعضها بعضاً، ما سيزيد من الانقسام.

لكن لعل الشيء المقلق هنا أنه في حال نجح المحافظون في إلغاء قرار المحكمة فهذا قد يفتح الباب أمام إنهاء قرارات أخرى أصدرتها المحكمة العليا كالقرار الذي سمحت فيه المحكمة بالزواج بين العرقين الأبيض والأسود عام ١٩٦٤ وغيرها من القرارات التي لها علاقات بالحقوق المدنية.

قد تكون معركة «قانونية الإجهاض» صورة واضحة للتنافس الداخلي بين الليبراليين والمحافظين، والمنتصر في هذا التنافس هو الذي سيرسم الواقع الجديد للمجتمع الأميركي ما قد يؤثر في التوجهات السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، وبالتالي على العالم أجمع نظراً للتدخل الأميركي في الشؤون العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن