شددت على ضرورة احترام سيادةِ الدول.. ولفتت إلى تبني بعض الدول سياسات ترقى لمستوى الإرهاب الاقتصادي … سورية أمام مؤتمر للأمم المتحدة: أولوية الملكية والقيادة الوطنية لجهود مكافحة الإرهاب
| الوطن
أكدت سورية أمس على أولويةِ الملكيةِ والقيادةِ الوطنيةِ لجهودِ مكافحةِ الإرهاب، وشددت على ضرورة احترام سيادةِ الدول، وعدم تجاوزِ ولايتها القضائية الوطنية، ولفتت إلى لجوءِ حكوماتِ بعضِ الدولِ لتبنّي سياساتٍ ترقى لمستوى الإرهاب الاقتصادي، من خلالِ فرضِ تدابير قسرية انفرادية لا شرعية ضد شعوبٍ بعينها ومنها الشعب السّوري.
وقال رئيس بعثة سورية في مدريد السفير سمير القصير في بيان باسم سورية ألقاه أمام مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى تحت عنوان «من أجل مستقبل خال من الإرهاب بناء القدرة على الصمود مع المجتمع المدني من خلال سيادة القانون وحقوق الإنسان» وفق ما ذكرت وزارة الخارجية والمغتربين في صفحتها على موقع «فيسبوك»: «تؤكدُ الجمهورية العربية السورية على أن ظاهرةَ الإرهاب ظاهرة عالمية، ولا بدّ من مواجهتها من خلالِ تعاونٍ دوليّ حقيقي، ووضعِ جميعِ القراراتِ الدوليةِ ذات الصلة موضعَ التنفيذ، وعلى رأسها إستراتيجية الأمم المتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب، مع ضرورةِ التأكيد على أولويةِ الملكيةِ والقيادةِ الوطنيةِ لجهودِ مكافحةِ الإرهاب، والتشديدِ على ضرورة احترام سيادةِ الدول، وعدم تجاوزِ ولايتها القضائية الوطنية».
وأوضح القصير، أن الحكومة السورية تعمل على تطويرِ التشريعاتِ الوطنية ومواءمتها مع التحدياتِ التي شهدتها بلادنا خلال الأعوام العشرة الماضية، للوقوف في وجهِ الأشكالِ المتعددةِ للجرائم التي ارتكبتها المجموعات المصنّفة إرهابية على قوائمِ مجلسِ الأمن، وعلى رأسها تنظيمُ داعش و«جبهة النصّرة» الإرهابيان والكيانات المرتبطة بها، كما تبذلُ السلطة القضائية ومؤسساتِ إنفاذ القانون في سورية جهود حثيثة لضمانِ احترامِ حقوقِ الإنسان عند تطبيقها لتشريعاتها الوطنية في مكافحة الإرهاب، وإجراءات المحاكمةِ والملاحقةِ القضائيةِ.
وأشار إلى أن إحدى مفرزاتِ الحربِ الإرهابيةِ المستمرّة ضد سورية انتشار ظاهرةِ استقدامِ المقاتلين الإرهابيين الأجانب وأفرادِ عوائلهم، بما في ذلك من خلال استخدامِ تقنياتِ الاتصال عبر الشبكة، ووسائلِ التواصلِ الاجتماعي لأغراضٍ جرميةٍ.
وأوضح أنه إلى اليوم، يوجد ما يزيد على 60 ألف منهم في عددٍ من مراكزِ الاحتجازِ غير الشرعيةِ الخاضعةِ لميليشيات انفصاليةٍ إرهابية، ضمنَ ظروفٍ إنسانية مروّعة، يتعرّض فيها الأطفال والنساء لأبشعِ أشكالِ الاعتقالِ، والاستغلالِ الجنسي، والتعذيبِ وغيرها من انتهاكاتٍ فاضحةٍ لحقوقِ الإنسان، ناهيكَ عن انتزاعِ الأطفال «بشكلٍ تعسّفي» من أمهاتهم على أساس الاشتباهِ في التطرفِ المُحتملِ.
وأشار القصير إلى أن مساعي الحكومة السورية لإعادة بسطِ سلطةِ الدولة، وإفراغِ مخيماتِ الاحتجازِ من المُعتقلين فيها، وإنهاءِ حالةِ المعاناةِ والظروف اللا إنسانية التي يعيشون فيها تتمُّ عرقلتها من خلالِ استمرارِ حكوماتِ بعض الدول بالتنصّلِ من التزاماتها القانونية باستعادةِ المقاتلين الأجانب وعوائلهم، ومساءلتهمْ، وإعادة إدماجِهم، واتخاذِ خطواتٍ انفراديةٍ كإلغاء الإقامة، أو نزعِ الجنسية، أو غيرها من السياسات التي تعقّد من هذه المشكلة ولا تُسهم في حلّها.
ولفت إلى أنه عند مناقشةِ موضوعِ الإرهاب الدوليّ وحقوقِ الإنسان لا بدّ لنا من الإشارة إلى لجوءِ حكوماتِ بعضِ الدولِ لتبنّي سياساتٍ ترقى لمستوى الإرهاب الاقتصادي، من خلالِ فرضِ تدابير قسرية انفرادية لا شرعية ضد شعوبٍ بعينها ومنها الشعب السّوري، تحرمُهُ من تأمينِ احتياجاتِه الأساسية، في انتهاكٍ واضحٍ لميثاقِ الأمم المتحدة، وصكوكِ حقوقِ الإنسان.
وقال: «عَمدتْ التنظيمات الإرهابية خلال السنواتِ العشرِ الماضيةِ إلى التغرير بأعدادٍ كبيرةٍ من الشباب السّوري، وتلقينهم الفكر التكفيريّ المُتطرف، مستغلةً أوضاعهم الماديةَ المتردّية، للتضليلِ بهم ليكونوا أدوات لتنفيذِ مخططاتها الإرهابية، وفي مواجهةِ ذلك بادرت الحكومة السورية لوضعِ خططٍ وبرامجَ لتجفيفِ منابعِ الفكرِ المتطرّف، ورفعِ مستوى الوعي بين الشباب السوري، بما في ذلكَ اعتمادِ التسوياتِ الشاملة والمصالحاتِ كوسيلةٍ لإعادة إدماجهم داخلَ المجتمع السوري، وإعادتهم لحياتِهم الطبيعية، حيثُ أصدرَ السيد رئيس الجمهورية العربية السورية 20 مرسومَ عفوٍ عام منذُ العام 2011 وحتّى اليوم، تم من خلالها إخلاءِ سبيلِ ما يزيدُ على 200 ألف مواطنٍ سوريّ من خلال تلك المراسيمِ ومن خلالِ عملياتِ التسويةِ والمصالحةِ في مختلف المحافظات السورية، وذلك بعد التأكدِ من عدم تورطهم في أي أعمال إرهابيةٍ أو أنشطةٍ إجرامية يعاقبُ عليها القانونُ السوري».
وذكر القصير أنه بعد أن أثبتت هذه السياسة نجاعتها، توّجَت هذه المراسيم بالمرسومِ الرئاسي رقم /7/ والذي منحَ عفواً عاماً وشاملاً عن جميع الجرائمِ الإرهابيةِ المُرتكبةِ من قبل السورييّن قبل تاريخ 30 نيسان 2022، ما عدا التي أفضتْ إلى موتِ إنسانٍ، حيثُ شَملَ العفوُ تلقائياً المئات من المحكومين، والموقوفين، وقضى بالإفراجِ عنهمْ من دونِ مراجعةِ أي جهةٍ رسميةٍ، وبأن تُطوَى المُلاحقة العدلية والقضائية بحقّهم.
وجدد القصير تأكيد سورية ضرورة دعم أنشطة بناء القدرات والمساعدةِ التقنيّةِ في مجالِ مُكافحةِ الإرهاب، وتعزيزِ الجهودِ الوطنيةِ الراميةِ إلى تكريسِ سيادةِ القانون، وتحقيقِ أولوياتِ التنميةِ المستدامةِ، بما يُحققُ التوصّلَ إلى نهجٍ مجتمعي شاملٍ يُسهم في مكافحةِ الإرهاب والأسبابِ الجذريةِ المؤديةِ إليه.