ثقافة وفن

مع انتهاء الموسم الرمضاني.. ماذا تبقّى من الأعمال الدرامية لهذا العام؟

| مايا سلامي

مع انتهاء الموسم الرمضاني عرضت الحلقات الأخيرة من الأعمال الدرامية التي جذبت أنظار المشاهدين وتصدرت اهتماماتهم طوال الشهر الكريم، وتنوعت نهايات هذه الأعمال بين الحزينة والسعيدة، الواقعية والخيالية، منها ما نال إعجاب الجماهير وحقق رضاهم ومنها ما خيب آمالهم ولم يكن على قدر توقعاتهم.

كسر عضم

منذ الانطلاقة الأولى لعرضه لاقى مسلسل «كسر عضم» تأليف علي معين صالح، إخراج رشا شربتجي جملة من الأصداء الإيجابية بين الجماهير المحلية والعربية التي تابعته بشغف وتفاعلت مع أحداثه بكل شفافية وبقيت متشوقة لمعرفة مصير شخصياته ولمن سوف ترجح كفة الانتصار للخير أم للشر.

وحملت الحلقة الأخيرة من هذا العمل النهاية العادلة التي تستحقها شخصياته حيث تكللت بانكسار قوة وجبروت « الحكم» الذي مثل أهم خطوط الشر والفساد في العمل وكان له اليد في كل الجرائم والانتهاكات التي حدثت في البداية من دون وجود أي قوى تجرؤ على مجابهته أو محاكمته، لتنقلب الآية في النهاية بوجود رجال الدولة الصالحين ويكون مصير «الحكم» في قبضة العدالة.

الحلقة العاشرة من العمل التي شكلت حالة صدمة كبيرة بموت أحد أبرز أبطال العمل «ريان» لم تنذر بنهاية مكررة ومعهودة كهذه، وكان من المتوقع أن تكسر الحلقة الأخيرة نمطية الأعمال الأخرى بالنهايات السعيدة التي تحل فيها كل القضايا العالقة وتفرج هموم وأحوال شخصياتها ودائماً ما ينتصر فيها الخير على الشر.

هذه النهاية وإن كانت مجرد ضرب من الخيال اعتدنا عليه في الحكايات القديمة التي قصت علينا ونحن في سن مبكرة، إلا أن هذا النوع من الخواتم السعيدة لا يزال هو المحبب والأقرب إلى قلوب الجماهير التي تجد فيه ابتعاداً عن قسوة الواقع المؤلم كما أنه يخلق في نفوسهم ولو بشكل معنوي أملاً وتفاؤلاً بالمستقبل بأن الخير قد يكون آتياً.

مع وقف التنفيذ

يعتبر مسلسل «مع وقف التنفيذ» تأليف يامن الحجلي- علي وجيه، إخراج سيف سبيعي واحداً من أهم الأعمال الاجتماعية التي عرضت في الموسم الرمضاني الحالي والتي لامست بشدة قضايا المجتمع وهمومه، حيث استعرض العمل مخلفات الأزمة السورية في حي صغير يعود إليه سكانه بعد انتهاء الحرب، وأظهر المفارقات النفسية الواضحة لكل من شخصياته قبل وبعد الخروج من «حي العطارين» وكيف كان لتلك الأوقات الصعبة دور كبير في تشويه نفوس وأخلاق الكثيرين.

وحازت الحلقة الأخيرة من هذا العمل على إعجاب ورضا الجماهير لما حملته من نهاية منطقية لأحداثه ومصير شخصياته وإن بالغت أيضاً في الإصرار على انتصار الحق والخير، إلا أن هذه الخاتمة كانت ملائمة لحبكة وأحداث المسلسل ومتماشية معه وصورت بالتفصيل مصير كل شخصية وما آلت إليه وأوردت إجابات عن إشارات الاستفهام التي كانت قد وضعت سابقاً، إضافة إلى خلوها من الرمزية المبهمة التي دائماً ما تترك الكثير من الثغرات والفجوات في حال لم تصل بشكل صحيح إلى المشاهد، الأمر الذي جعل هذه النهاية ناجحة وموفقة وخاتمة لقصة العمل بكل أطرافه.

وللمرة الثانية أبدى الثلاثي يامن الحجلي، علي وجيه، سيف السبيعي إبداعاً مميزاً ومبهراً في تصوير التفاصيل الدقيقة للواقع الاجتماعي الصعب الذي نعيشه، فنجحت أعمالهم في استمالة قلوب المشاهدين السوريين لكونها جاءت من صلب آلامهم ومعاناتهم وكأنها مرآة تعكس على الملأ كل ما يختلج في خبايا النفوس بصمت.

حارة القبة

على الرغم من الإثارة والتشويق الكبيرين اللذين افتتح بهما الجزء الثاني من مسلسل «حارة القبة» تأليف أسامة كوكش، إخراج رشا شربتجي إلا أن الحلقات الأخيرة من هذا العمل كانت مخيبة لآمال بعض المشاهدين بسبب برودة الأحداث والمبالغة في مشاهد الحزن والبكاء، حيث اعتبر الكثيرون أن الحلقة الأخيرة لم ترق إلى المستوى المنشود الذي رسموه في أذهانهم وأن الدخول المفاجئ لشخصيات جديدة لا يعتبر عنصراً تشويقياً للجزء المقبل، بل يشير إلى خلق أحداث جديدة من أجل المماطلة فقط وتعبئة الحلقات لأن العمل مقسم إلى أجزاء.

وكان الجزء الأول من العمل قد حقق نجاحات كبيرة وواسعة لكونه قدم البيئة الشامية من منظور جديد ومختلف بعيداً عن استعراض الرجولية المصطنعة والتقليل من شأن المرأة، فعالج قضايا اجتماعية في زمن السفربرلك وأوضح الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في تلك الحقبة، كما تميز بأداء أسطوري من جانب الممثلين الذين أبدعوا بشكل لا يوصف في تقمص شخصياته وأدوها على مستوى عالٍ من الحرفية والإتقان، الأمر الذي ساهم في خلق الكثير من الأصداء الإيجابية حول العمل التي شوقت المشاهدين لترقب استكمال أجزائه.

يبدو أنه دائماً ما تكون فكرة الأجزاء المتعددة للعمل بمنزلة تمويت لفكرته الأساسية التي شكلت خطه الرئيسي في عرضه الأول وغالباً ما تؤدي هذه الأجزاء إلى استنفاد إبداع شخصياته إلى الحد الذي لا يبقى لديهم شيء جديد ليقدموه، إضافة إلى استبدال بعضهم وإعطاء الأدوار لممثلين آخرين ما يضعف العمل ويثير موجة من الانتقادات اللاذعة حوله، ومع ذلك لا يمكننا الآن إعطاء أي حكم مطلق قبل عرض الجزء الثالث فمن الممكن أن يحوي بعض الإضافات والخطوط المهمة والمثيرة التي تعيد ألق موسمه الأول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن