رياضة

الدوري الكروي الممتاز.. المشهد الأخير … جبلة.. المال أفقده بوصلة الطريق والكرامة: تخبط أضاع سمعة الفريق … الفتوة: ومن الحب ما قتل وحطين: عاش على الماضي بانتظار الأمل

| ناصر النجار

في عدد سابق تم استعراض النقاط الأبرز في مسيرة الفرق التي احتلت المراكز الستة الأولى في الدوري الممتاز لكرة القدم، ونستمر اليوم في استعراض أهم العناوين مع بعض التفاصيل ببقية الفرق.

وحسب جدول الترتيب فإن فرق جبلة والكرامة والفتوة وقد احتلت المراكز من 7 إلى 9 برصيد واحد من النقاط وهو 35 نقطة والفارق بينها بالترتيب هو جداء لقاءات الفرق الثلاثة فيما بينها.

وللأسف أن هذه الفرق العريقة كانت مهددة بالهبوط ولم تبتعد عنه إلا بفارق نقطتين فقط، وهذا يدل على أن موسمها لم يكن جيداً، ومثل الكلام ينطبق على فريق حطين الذي جاء عاشر الترتيب بـ34 نقطة.

الهابطون كانوا أربعة هم: الشرطة 33 نقطة، حرجلة 27 نقطة، النواعير 14 نقطة، عفرين خمس نقاط.

العوائق المالية

أكثر شيء أزعج فريق جبلة هذا الموسم السيولة المالية والدعم، وقبل بداية الدوري وجد النادي نفسه يسير وحيداً بعد أن انسحبت الشركة الراعية، وصار هم النادي البحث عن مصادر تمويل لتسير عجلات الفريق بشكل جيد بالدوري، أمام هذه الأزمة لم يتمكن النادي من استقدام ما يتمناه من اللاعبين، ولكنه كسب بالمقابل العديد من اللاعبين الشباب الذين قدموا ما عليهم وظهر بعضهم بمستوى جيد جعل الجميع يؤمن بضرورة العناية بمواهب النادي ومنحهم الفرص الكاملة للتفوق.

أكثر شيء عانى منه الفريق نتيجة التعادل التي تكررت إحدى عشرة مرة، وكان متوازناً بين الفوز الذي تحقق ثماني مرات مقابل سبع خسارات.

التعادل الذي أرهق الفريق جعل البعض ينظر إلى مدربه زياد شعبو بعدم الثقة والقدرة على تطوير الفريق لتحقيق الفوز، لكن الإدارة لم ترضخ للطلبات وحافظت على مدربها من ثقتها بضرورة الحفاظ على الاستقرار الفني ومنح المدرب كل الفرص.

لكن المدرب عرف أن طريقه مسدود فاستقال فكان المدرب البديل مساعده علي بركات الذي أثبت بعض النجاح، وكانت إدارة النادي تعاقدت مع المدرب ماهر بحري لفترة بسيطة لكن الأمور لم تسر على ما يرام، فانتهى شهر العسل بالتراضي سريعاً.

يمكننا القول إن فريق جبلة عانى أيضاً من مزاجية بعض اللاعبين ومن الإصابات المتكررة لأهم لاعبي الفريق، ومن اللعب خارج ميدانه أو بلا جمهوره في العديد من المباريات، وخلاصة القول: على فريق جبلة أن ينسى هذا الموسم وأن يفكر أولاً ببطولة الاتحاد الآسيوي، ويعدّ بعدها العدة لمسابقة كأس الجمهورية والموسم الجديد.

في منتصف الطريق

من المعيب جداً أن يُقال إن نادي الكرامة حقق إنجازاً ببقاء فريقه ضمن الدوري الممتاز هذا الموسم، ومن ينظر إلى مثل هذه الأفكار بعين الصدق فإنه لا يعرف نادي الكرامة وتاريخه وإنجازاته، والمواهب والنجوم التي يزخر به النادي.

ومن المعيب من أهل البيت أن ينتظروا المباراة الأخيرة ليهبوا لنجدة فريقهم، ولو كانت هذه المباراة طرفها فريق مهدد فربما انتهت إلى ما لا يشتهي عشاق النسر الأزرق.

والمضحك المبكي في كرة الكرامة أنه دخل الدوري منافساً على البطولة واللقب، وها هو يخرج منه منافساً على الهروب من الهبوط وقد فاز بهذا الرهان!

مثل فريق جبلة تماماً فقد كان الكرامة ثاني اثنين حصلا على المركز الأول بعدد التعادل إذ تحقق في إحدى عشرة مباراة مقابل ثمانية انتصارات وسبع خسارات، وابتعد عن الشرطة رابع الهابطين بفارق نقطتين فقط!

ويعتبر فريق الكرامة من أسوأ الفرق على صعيد التسجيل ولولا أهدافه الستة في الإياب على عفرين لاحتل المركز الأخير بين الفرق بنسبة التسجيل، وللأسف فإن فريقاً مثل الكرامة لا يقدم للدوري السوري هدافاً، فهو فريق مريض وضعيف ويعاني من أزمات فنية عديدة، ويكفينا أن نذكر أن أفضل المسجلين كان المدافع (إبراهيم الزين) والمهاجم (عماد الحموي) والمخضرم (أحمد العميّر) ولكل منهم أربعة أهداف، وعندما تم الزج بهداف فريق الشباب مهند فاضل سجل في مباراة واحدة ثلاثة أهداف، وهنا تكمن المفارقة العجيبة.

قاد الفريق المدرب عبد القادر الرفاعي حتى الأسبوع التاسع من الذهاب، ثم أكمل الموسم المدرب أيمن الحكيم، ولم يحقق النجاح المطلوب، ولم يحقق الإجماع على توليه زمام الأمور فحورب من البعض، لكن الكلمة الفصل أنه فشل في مهمته، وما كان يجب أن يستمر ضمن هذه الظروف التي لم تسانده.

أكثر المنغصات التي رافقت الفريق هي التخبط الإداري، فاستقالت الإدارة بشكل مبكر أول الموسم وأعلنت أنها (أمنّت) الفريق مالياً ولم تتركه يصارع الأزمة المالية، وتوالت بعدها الاستقالات، وكانت الإدارة على دوام الموسم تشهد استقالة عضو، ثم يتم الترميم، وهكذا دواليك.

عدم الاستقرار الإداري والتخبط الذي حدث كان له انعكاس سلبي على كرة القدم، وخصوصاً أن (الطباخين) كانوا كثراً.

الحال السيئ الذي وصل إليه فريق كرة القدم في هذا النادي العريق يتحمله أبناء النادي كلهم، من هم بداخله ومن هم خارجه، وإن لم يقف أبناء النادي على قلب رجل واحد في دعم ناديهم ومؤازرته واختيار الأفضل لقيادة الفريق والأنسب من اللاعبين لتمثيله مع دعم المواهب الشابة لتأخذ فرصتها الكاملة بالفريق لتكون عماده في المستقبل، فلن يعود الكرامة إلى سابق عهده، وسيبقى متخبطاً ومترنحاً، وربما لاقى مصير الهبوط الذي نجا منه بمعجزة هذا الموسم.

الخبرة والثقة

أكثر مشاكل نادي الفتوة أن هناك من يعملون ضد نجاح النادي، وهناك أيضاً من يعمل لمصلحته الشخصية والقليلون هم الغيورون على مصلحة النادي والفريق، وإذا أنعم الله على النادي بمن يدعمه مالياً ومعنوياً ويتبنى أبناءه بالرياضة وغيرها، فإن البعض لم يقدر هذه النعم، ويُخشى أن يمل المحبون والداعمون.

قد تكون مشكلة فريق الفتوة بمستوى التعاقدات التي لم تكن ملبية في الكثير منها، فإما أن من تعاقد مع اللاعبين كان له مصلحة بهذه التعاقدات، وإما أنه لا يمتلك الخبرة المطلوبة فجاءت تعاقداته عشوائية تعتمد على الاسم بعيداً عن الفعل.

المشكلة الأخرى كانت فنية، بتعاقدات مع المدربين لم تكن موفقة إلا بأحمد جلاد وغير ذلك غير موفقة، الفريق بدا مع أنور عبد القادر وانتهى معه، وشيخ المدربين للأسف لم يحصل إلا على نقطتين من خمس مباريات قادها.

والتعاقد الأفضل كان لأحمد الجلاد الذي نال 27 نقطة في 15 مباراة قادها لكن على ما يبدو أن هناك من يحفر للمدرب فاستقال في الأسبوع العاشر وعاد، ثم استقال قبل نهاية الدوري بثلاث مباريات.

التعاقد غير المدروس كان مع المدرب أحمد عزام وكان كردة فعل متعجلة بعد استقالة الجلاد وقاد الفريق في أربع مباريات نال فيها ثلاث نقاط، وبعد استقالة المدرب أحمد الجلاد الثانية استعانت الإدارة بالمدرب ياسر مصطفى فكان مدرب طوارئ في مباراتين نال منهما ثلاث نقاط.

وهنا ندرك أن مشكلة الفريق فنية بالدرجة الأولى ولو لم يتم الاتفاق على مدرب واحد لاستوى الأمر، إلا أن كل مدرب له مؤيدون ومعارضون، وهذه مشكلة حقيقية، وعلى ما يبدو أن إدارة نادي الفتوة لم تستفد من درس الموسم الماضي عندما كانت أكثر إدارة غيرت وبدلت مدربيها، ولو كان الهبوط في الموسم الماضي لأربعة فرق لهبط الفتوة.

حل مشاكل الفتوة تكمن بالاتفاق والتوافق، ودون ذلك فإن الفريق سيبقى يعاني ولن يصل إلى مراده ليكون بين الكبار ويستعيد مجده الكروي الذي حققه قبل ثلاثة عقود.

شيء آخر فإن الفريق يتعرض لضغوط كبيرة من جماهيره، كانت هذه الضغوط تساهم في بعض الأحيان بزعزعة الفريق أو جلب عقوبات قاسية بحقه، والأمل هنا أن يكون الجمهور نعمة لا نقمة، حتى لا نقول: ومن الحب ما قتل.

زمان يا حوت

حطين نجا بأعجوبة من الهبوط، وكان قدر جمهوره أن يعيش على أعصابه لآخر الوقت مستنجداً بالنقطة التي تفصله عن فريق الشرطة أن تبقى بحوزته، حتى جاءت صافرة الحكم النهائية ليتنفس جمهور الحوت الصعداء.

وأي مصير أسود تعرض له حطين منذ أكثر من موسمين بقي غارقاً في شبر ماء يتخبط يمنة ويسرة، ولا يهتدي إلى حل، بل إن أبناء النادي كلهم عزفوا عن الدخول بمجلس الإدارة، والمحبون أداروا ظهرهم للفريق، فعاش النادي وحيداً بين إدارة مستقيلة ولجنة مؤقتة ومحبين قلة ومشجعين كثر حائرين حزينين على فريقهم.

التخبط الذي سار عليه حطين هذا الموسم كان استمراراً للمواسم السابقة حيث عاش التخبط والفوضى بأحلك ألوانه، ولم تستطع أي إدارة تسيير أمور النادي لإفلاسه وعدم وجود الداعم الذي يتحمل نفقات الاحتراف التي لا ترحم.

المقدمات الخاطئة تؤدي إلى مثل هذه النتائج، فبداية حطين لم تكن سارة، ولم يجد أولئك الذين عرفوه بالسراء أن يتحملوا ضراء الفريق، فغادره الكثير من اللاعبين بحثاً عن مستقبلهم وبقي القليل، ولجأ القائمون على الفريق إلى دفاترهم العتيقة، وإلى بعض اللاعبين الشباب الموهوبين.

كل المراقبين أو جلّهم راهنوا على أن الفريق لن يستطيع الصمود بالدوري وسيكون مصيره الهبوط، وذلك استناداً إلى معطيات كثيرة وبعضها جلي وواضح.

إلا أن المخلصين على قلتهم استطاعوا الإبحار في بحر هائج، وصمدوا أمام (تسونامي) المال وقلة الوفاء، واستطاعوا البقاء (ولو في الرمق الأخير) بالدوري الممتاز، لينجح الفريق بعد طول معاناة وصبر وألم.

توافد على الفريق ثلاثة مدربين أنهم عبد الناصر مكيس الذي استقال بعد نهاية المرحلة السابعة، وتولى المهام سليم جبلاوي كمدرب طوارئ لأسبوعين، ثم كان أحمد هواش المدرب الذي سار بالفريق من الأسبوع الحادي عشر حتى النهاية.

الفريق استفاد كثيراً من تجربة هذا الموسم، وشاهدنا أكثر من لاعب شاب موهوب فرض بعضهم اسمه على المنتخب الوطني، ومن هؤلاء مصطفى جنيد ومثنى عرقاوي ومحمد زين خديجة وبطرس فيوض، وغيرهم كثير، ونحن نعلم تماماً أن حطين مملوء بالمواهب الشابة الكثيرة، وأعتقد أن الفكرة اليوم يجب أن تتجه إلى الاستفادة من هؤلاء المواهب الشابة والعناية بهم ودعمهم ليكونوا نواة فريق حطين، فلن يخدمه إلا أبناء النادي، ولن يدفع عنه قصص الهبوط إلا أبناؤه القادرون على إعادة فريقهم إلى سابق عهده حوت الأندية السورية.

الأمور الأخرى يمكن لإدارة النادي العمل على حلها وخصوصاً السيولة المالية عبر قنوات متعددة، منها الاستثمارات الرياضية والإعلانات، والمشاريع الصغيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن