نفت وزارة الكهرباء مؤخراً، أن تكون أصدرت تعرفة جديدة لأسعار الكهرباء، غير تلك التي أصدرتها في 1/11/2021.
وجاء هذا النفي في أعقاب لغط ترافق مع أداء إعلامي بهذا الشأن.
ولا نستطيع تبرئة ذاك الأداء من الافتقار إلى الخبرة والدقة والمتابعة، وإذا كانت بضدها تتميز الأشياء، فنحن في 20/3/2022 نشرنا في جريدة «الوطن» مقالة بعنوان: فواتير كهربائية قاتلة، تحدثنا في سياقها، عن تطبيق التعرفة الصادرة في 1/11/2021، على الدورة الأولى للعام الحالي، فإذا بأرقام العديد من الفواتير مرتفعة جداً جداً، ثم أشرنا في 27/3/2022 وفي مقالة بعنوان: أثمان الكهرباء.. انزياح في التسعير. إلى احتضان الوزارة لأوجاع المصدومين بالأسعار الجديدة وقبولها، الاعتراض عليها والقيام بتشريحها، وقدمنا مثالاً مفاده أن فاتورة بـ110 آلاف ليرة خفضت إلى 27،500 ليرة. وإن فاتورة بـ180 ألف ليرة سورية خفضت إلى 89 ألفاً.
ويمنحنا اللغط المشار إليه، فرصة ثالثة للمطالبة بإعادة النظر بهذه الأسعار المجحفة، فالكهرباء أكثر من ضرورة حياتية إنها الحياة ذاتها، وهي بهذا المعنى مثل الماء والهواء، ولاسيما الآن في زمن الإنترنيت والموبايل والأتمتة… الخ. لم تعد الحياة ممكنة من دون كهرباء وهي لم تعد ضوءاً بل تحولت إلى أداة تحريك وإنتاج وترفيه.
ولا يجوز لنمط من المديرين، سوق مبررات تقفز فوق كثير من الوقائع كأن يدافع أحدهم عن تلك الزيادة بقوله: إن تكلفة الكيلو واط الساعي من الكهرباء باتت 400 ليرة سورية، وإن أعلى سعر تتقاضاه الوزارة عن استهلاك المواطنين للكهرباء في منازلهم هو150 ليرة سورية للكيلوواط بعد الوصول إلى استهلاك مرتفع هو 2500…!! إن ذاك الاستهلاك يرتب مبالغ كبرى، تتوج بالـ:150 ليرة للكيو واطات التي ستأتي بعده. وهي فوق طاقة أغلب المشتركين بعدادات كهربائية. وإذ يقال إن 75 بالمئة من المستهلكين هم ضمن الشريحة الرخيصة جداً شريحة من يستهلكون 600 كيلو واط ساعي في الدورة الواحدة وسعر الكيلو ليرة سورية واحدة، فإن هذا القول ليس دقيقاً ولا يوصف حقيقة ما يترتب على كثير من ذوي الدخل الذي بات متدنياً جداً بسبب التضخم المالي، فثمة مئات ألوف البيوت المغلقة لأسباب متعددة وهناك مئات ألوف البيوت المدمرة، وثمة بيوت في الريف الاصطيافي لا يدخلها سكانها مرة في السنة، وبهذا المعنى فإن فواتير الاستهلاك الضئيل لا تجسد حقيقة الأعباء الناجمة عن أسعار الكهرباء الراهنة على العاملين بأجر والمتقاعدين. إن أغلبهم جاءتهم فواتير تقصم الظهر.
ندرك أن الموارد الحكومية محدودة بسبب نتائج الحرب على سورية لكننا نرى ضرورة البحث عن موارد لوزارة الكهرباء من النشاط الاقتصادي السوري العام، وتقديم الكهرباء للشعب بأسعار تتناسب مع الأجور في القطاعين العام والخاص، ورواتب المتقاعدين.
وإذ نعتب على الإعلام، فإننا ندرك أننا في مواجهة بدعةٍ سوريةٍ لا تحترم الأداء الإعلامي المعني بالشأن المحلي، وتغيب التعاون والتعاضد وحمل الرسالة ذاتها الصائبة، للوصول إلى الحق وإنصاف الناس.
ليس معيباً أبداً أن يستشير المبتدئون (فما خاب من استشار)، والتراجع عن الخطأ فضيلة، عبر مراجعة التعنت في إقصاء الإعلاميين بتهمة الستين وهم في أوج العطاء الماهر.