قوات للاحتلال في إعزاز ومارع بعد مساعي إعادة تأهيل قاعدة «خراب عشك» بعين العرب … إشارات متناقضة للتحرك الأميركي شمال حلب.. وروسيا تردّ في درباسية الحسكة
| حلب- خالد زنكلو
على الرغم من غياب التصريحات الرسمية الأميركية التي تشير إلى تبدل سياسة واشنطن في سورية بعد العملية العسكرية الروسية ضد النازيين في أوكرانيا، إلا أن تحركاتها العسكرية في اليومين الأخيرين بريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي تومئ إلى غير ذلك من خلال الرسائل المتناقضة التي توجهها في أكثر من اتجاه لأطراف الأزمة السورية وللاعب الرئيسي فيها روسيا، في مسعى للضغط عليها بسبب أوكرانيا ومن ملعب الملف السوري.
وبدا أن إدارة الرئيس جو بايدن بصدد طي سياسة سلفه دولاند ترامب، الذي اتخذ قراراً بالانسحاب من سورية قبل العدول عنه، وذلك من خلال دعم بقاء قوات الاحتلال الأميركي فيها والبدء بعملية إعادة تموضع تحقق أهداف الإدارة الراغبة بممارسة أقصى الضغوط العسكرية على روسيا ليس فقط في الميدان الأوكراني، وإنما في باقي مناطق العالم التي لموسكو نفوذ فيها، ومنها الساحة السورية.
وفي التفاصيل، فقد قالت مصادر معارضة مقربة من ما يسمى «الجيش الوطني»، الذي شكله النظام التركي من مرتزقته الإرهابيين في المناطق التي يحتلها شمال وشمال شرق سورية، لـ «الوطن»: إن قوات تابعة للاحتلال الأميركي دخلت على متن مصفحات تحمل العلم الأميركي بعد منتصف الليلة ما قبل الماضية من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا شمال حلب إلى مدينة إعزاز المحتلة من قبل النظام التركي، في تحرك هو الأول من نوعه، وتحت حراسة مشددة من جيش الاحتلال التركي.
وبينت، أن قوات الاحتلال الأميركي، التي تزامن دخولها إلى ريف حلب الشمالي مع تحليق مروحية وطائرات مسيّرة في أجواء الشريط الحدودي مع تركيا، توجهت إلى القاعدة العسكرية التركية في مدخل إعزاز الغربي بالقرب من المشفى الوطني، ثم زارت قاعدة الاحتلال التركي في بلدة مارع إلى الجنوب من إعزاز.
وكشفت المصادر، أن ضباط عسكريين أميركيين دخلوا عبر المصفحات، اجتمعوا بشكل مغلق مع نظرائهم الأتراك في قاعدتي الاحتلال التركي في إعزاز ومارع دون معرفة فحوى المناقشات التي دارت بين الطرفين، والتي نأى الإعلام التركي أو المعارض عن الخوض في تفاصيلها.
ولفتت إلى أهمية هذا الإجراء العسكري للاحتلال الأميركي كونه استهدف زيارة قاعدين عسكريتين للاحتلال التركي سبق وأن تعرضتا مرات عديدة خلال الأشهر الماضية إلى هجمات صاروخية مما تسمى «قوات تحرير عفرين»، التي تدور في فلك ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية الموالية لواشنطن، وهو تطور بارز يعني الاحتلال التركي ومرتزقته من جهة، و«قسد» من جهة أخرى، نظراً للصراع العسكري الدائر بينهما في المنطقة وفي عموم مناطق شمال وشمال شرق البلاد.
مراقبون للوضع في مناطق شمال وشمال شرق سورية، أعربوا في تصريحات لـ «الوطن» عن اعتقادهم بأن التحرك العسكري الأميركي شمال حلب، يندرج في إطار مساعي إدارة بايدن للتوسط بين طرفي النزاع، أي النظام التركي و«قسد»، لتحقيق انفراج سياسي بينهما ينعكس إيجاباً على جهود واشنطن للتقريب بين الميليشيات ومرتزقة أنقرة بغية دمجهما تحت راية معارضة واحدة.
وأكد المراقبون، أن النشاط العسكري الأميركي في إعزاز ومارع، هو استكمال للتحرك الذي بدأته وبشكل مفاجئ قوات الاحتلال الأميركي الأحد الماضي في عين العرب شمال شرق حلب، حيث استقدمت آليات هندسية ومعدات حفر إلى قاعدة «خراب عشك» العسكرية، التي انسحبت منها في تشرين الأول 2019، وباشرت برفع السواتر الترابية في محيطها تمهيداً لإعادة تأهيلها بهدف إعادة التمركز فيها ثانية.
ورأوا أن عودة الاحتلال الأميركي إلى «خراب عشك» وإلى عين العرب مزعج لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان كونه يضع حدا لاعتداءاته المستمرة ضد «قسد» التي تسيطر على المنطقة، بدليل القصف الصاروخي الذي نفذه أمس جيش الاحتلال التركي على بلدتي زور مغار وشيوخ تحتاني بريف عين العرب الغربي أول من أمس.
واستدركوا بالقول: إن تحرك واشنطن الموازي نحو إعزاز ومارع من شأنه تقليل حدة الاعتراض التركي من خطوة الإدارة الأميركية في عين العرب، إذ من المفترض أن تعمل واشنطن على لعب دور الضامن لاتفاقية وقف إطلاق النار، التي قادتها موسكو في «سوتشي» في تشرين الأول 2019، بين الطرفين المتحاربين، كي تحل محلها.
في موازاة ذلك، دخلت أمس قوات روسية، برفقة قوات من «قسد»، إلى مدينة الدرباسية الحدودية مع تركيا بريف الحسكة الشمالي، وتوجهت عرباتها العسكرية بعد جولة في وسط المدينة إلى ريفها الجنوبي، حسب قول مصادر أهلية في الدرباسية لـ «الوطن»، والتي عزت التحرك الروسي إلى الرد على التحرك الأميركي في عين العرب والقول إن موسكو عازمة هي الأخرى على الاحتفاظ بوجودها العسكري الوازن في مناطق شرق الفرات.
وعلى الصعيد ذاته، دخلت أمس قافلة عسكرية للاحتلال الأميركي، قوامها 4 سيارات «همر» تحمل العلم الأميركي و15 شاحنة عسكرية محملة بمواد لوجستية قادمة من الأردن، إلى قاعدة التنف عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني والتابعة لـ «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن التي تحتل المنطقة هناك، وفق قول مصادر معارضة.