شؤون محلية

حملة ضد كورونا

| ميشيل خياط

لم تصدق تلك العروس الصبية أن زوجها قد مات، وكان ممن يقال فيه أنه يقوى على أن يهد الجبال.

وكاد صراخها يهد المشفى، أما دموعها فكانت تنفر من عينيها بغزارة، وسمعناها تتمتم: قال لي ونحن في الطريق إلى المشفى، حملك سيكون صعباً لكن أولادنا يستحقون.

مثله كثر رحلوا بذاك الوباء الخطير وتركوا في حياتنا ألماً مضنياً وأنزل رحيلهم بعائلاتهم فواجع مضنية، خسرهم الوطن، وتلك خسارة فادحة جداً.

أما وقد اكتشف اللقاح الحامي من كورونا فإن تلك المآسي لم تعد تتكرر.

نعم كل من ماتوا بهذا الوباء لن يحالفهم الحظ بالحصول على اللقاح – عالمياً.

وتقبل سورية اليوم على حملة مكثفة للتطعيم الشامل ضد فيروس كورونا، حملة مكثفة تضطلع بها وزارة الصحة، بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، لمن هم فوق 18سنة.

تستمر من 22 أيار الجاري وحتى 2 حزيران القادم، في 37 مشفى و986 مركزاً صحياً وبمشاركة 386 فريقاً جوالاً.

أدرك أن ضخاً مسموماً لمعلومات كاذبة، أخر حصول الكثير من السوريين على لقاح ضد كورونا، فثمة كتابات على وسائل التواصل الاجتماعي لهاربين من مصحات الأمراض النفسية، شنعت باللقاح الحامي من هذا المرض- الفتاك، والقاتل في كثير من الأحيان-.

وعلى الرغم من أن اللقاح وصل إلى سورية منذ عام ونصف العام تقريباً فإن عدد المطعمين مايزال ضئيلاً بالمقارنة مع عدد السكان (3،4) ملايين نسمة و51 ألفاً فقط حصلوا على الجرعة الداعمة (الثالثة).

وفي نيسان الماضي نشر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في غرب آسيا وشرق المتوسط، أرقاماً عن اللقاح، في 22 دولة أوضحت أن النسبة العامة للمطعمين كلياً في ذاك الإقليم بلغت 42 بالمئة.

ومن المؤسف جداً أن النسبة السورية متدنية بالمقارنة مع باقي دول الإقليم إذ وصلت إلى 8 بالمئة فقط، في حين أنها في إيران 67، وفي المغرب 63، وفي تونس 53، وما من شك أن للحرب دورها الكبير في انخفاض النسبة، ويتبدى ذلك بحدة في اليمن الشقيق إذ وصلت النسبة إلى 1 بالمئة فقط..!

لن يتخلص العالم من كورونا إلا إذا حصل على اللقاح جميع سكانه، التطعيم الجماعي، تحصيناً للوطن ضد هذا الوباء الخطير، وهذا يتطلب على الصعيد السوري، حشداً قوياً للتوعية من مختلف المنابر الموثوقة، لإيضاح أن اللقاح آمن ومفيد ويحمي ضد المرض وضد الموت بسببه على الأقل وهذا كثير جداً.

وإذ نستغرب الشطط في أنماط التفكير الغيبية، والاتكاء على أوهام، عفا عليها الزمن، في شرقنا تحديداً، منذ مطلع القرن الماضي. وإذ نعرف أن اللقاحات أنقذت البشرية من نزيف غزير في مواردها البشرية، فوفيات الرضع كانت 400 بالألف قبل اللقاحات الستة الأساسية، وبها انخفضت إلى 4 بالألف في الدول المتقدمة صناعياً وفي سورية انخفضت إلى 18 بالألف قبل الحرب، نجد أنفسنا أمام حقيقة ساطعة، تؤكد أهمية اللقاح ودوره الفعال في حماية الناس من الموت والإعاقة، ونطالب بالسعي إلى توسيع الدائرة ليشمل التطعيم من هم تحت الـ 18سنة وحتى 5 سنوات أسوة بالدول الأوروبية.

وما من شك أن المكافحة الشاملة لكورونا، تتطلب إلى جانب التطعيم، اهتماماً استثنائياً بسلامة البيئة، ذلك أن التلوث البيئي سبب أغلب الأمراض، ولنا فيما أنجزته الصحة المدرسية في سورية على هذا الصعيد، مثال قيم نسترشد به ونستفيد من آلياته ونتائجه الإيجابية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن