اقتصاد

هل ينفع مؤشر سكوفيل لقياس حدة تعـامل المدير؟

| د. سعـد بساطـة

كثير من الإداريين يفخرون أنهم يثيرون الذعـر في مرؤوسيهم؛ وتتم تسميتهم بألقاب من قبيل (قرن الفليفلة الحارة)!

والعـديد من المدرسين يشعـرون بسعـادة عـندما ترتسم معـالم الرعـب عـلى قسمات وجوه طلابهم!

فهل هذا طبيعـي؟ أم مبالغ به؛ ولاسيما أننا نشارف عـلى نهايات الربع الأول من القرن 21…

أجد من المفيد هنا – بغـية توضيح عـنوان المقال- أن أن أستعـرض مقياس سكوفيل Scoville scale ؛ فهو وسيلة مخصصة لتحديد شدة لذوعة وحرقة الفلفل والأطعمة الحارة؛ ويعتمد على تركيز المادة الفعالة في الفلفل الحار (مادة الكابسيسين) التي تسبب إحساساً بالحرقان عندما يلمس الفلفل اللسان. وقد تمت تسميته نسبة للصيدلاني ويلبر سكوفيل الذي ابتكره قبل قرن من الزمن.

تعتمد آلية هذا المقياس على مبدأ تخفيف مستخلص الفلفل الحاوي مادة الكابسيسين بمحلول من الماء والسكر. يستمر ذلك إلى أن تنعدم القدرة على الإحساس بحرارة الفلفل، وتصبح غير قابلة للكشف من مجموعة من المتذوقين. الفلفل الحلو الذي لا يحتوي على مادة الكابسيسين على الإطلاق وتصنيف سكوفيل له يساوي صفراً، أي لا يمكن الشعـور بحرارته حتى من دون تخفيف. في حين أن أقوى أنواع الفلفل الحار وأكثرها تسبيباً للحرقان والحرارة يأتي من كالابريا/ إيطالية؛ وله أصناف، الفلفل الكرزي على شكل عـنقود، والمعروف كذلك باسم فلفل سوفيراتو أو الشيطان الصغـير (يصل إلى 30 ألف وحدة سكوفيل)!

وتبادر لذاكرتي للتو ما قرأته لصديق (أقتطع من كلامـه – بتصرف-) أنه يفخر بنفسه قائلاً: بدأت خبرتي في العـمل وأنا في العشرينات من عمري؛ وفوراً بدأت أرسم شخصية الشخص الجاد جداً الذي لا يبتسم أو يضحك وأتعمد استخدام كلمة يا بني خلال العـمل مراراً وتكراراً ولا أستخدم الأسماء مطلقاً. وكنت دائماً وفي أثناء تدريسي في الجامعة ذلك المحاضر الجدي الحاد والصارم والذي لا يضحك أو يبتسم بل يؤدي حصته بكل أدب واحترام لنفسه ولطلبته.

وهنا أطرح تساؤلاً: هل من صفات المدير الناجح «الشدة – الغلظة» أم إن اللين يكفى؟ وهل احترام المسؤول لنفسه لا يتم إلا بوضع قناع من الغـلظة عـلى وجهه؟!

المدير الناجح من يجعل مرؤوسيه يحبونه يخافون على زعله وليس (يخافون من زعله)، من يجعل كلمة (لأجل خاطري) لها قيمة لدى مرؤوسيه فقد نجح كقائد مجموعة.

أن توجد لديه كل الصفات المذكورة ولكنه يستخدمها بحكمة (بالقطارة)!

الصفتان (الشدة – اللين) يجب أن يتوفرا فيه ولكن الأهم أن يعرف الوقت المناسب لاستخدامهما.

لا تكن يابساً فتكسر ولا ليناً فتعصر وخير الأمور أوسطها!

المدير الناجح هو صاحب فكر إداري يستطيع من خلاله تحقيق أفضل الأهداف بالإمكانيات المتاحة له.

قال تعالى: «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».

ومما لا شك فيه أن الإفراط باللين. نهايته التسيب والتساهل بأمور ستضر بمصلحة العمل.

ما بين الشدة الغلظة واللين، هناك القائد الحازم. وهو الذي يعرف متى يكون شديداً ومتى يكون ليناً.

هاكم مثال ضاحك عـن المدير الذي يتصور أنـّه منزّه! قال لمرؤوسيه [لا تعـاملوني كرئيس؛ بل كصديق.. لا ميـّزة لي عـنكم سوى أنني.. «لا أخطئ»..!].

سألوا ذاك المدير المتعـجرف: كم من الموظفين يعـملون في مؤسستك؟ أجاب بتؤدة: حوالى النصف!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن