قضايا وآراء

الضربة الاستباقية

| تحسين الحلبي

في 19 أيار الجاري نشر الكاتب الأميركي رونالد اينتسفايلير، وهو طيار متقاعد من سلاح الجو الأميركي وخريج جامعة هارفارد ومؤلف كتاب «متى سنتعلم ولو لمرة واحدة» مقالاً في مجلة «انتي وور» المعارضة لسياسة الحروب الأميركية بعنوان «من أخطأ في فهم الآخر في الحرب في أوكرانيا» جمع فيه اقتباسات موثقة لإثبات حقيقة أن «واشنطن وحلف الأطلسي أعدا مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي مخططاً لشن الحرب على روسيا في 11 شباط 2022 لاستعادة شبه جزيرة القرم الروسية ومنطقة الدونباس».

وفي عرضه للمقال يستشهد اينتسفايلير بمعلومات موثقة كان العقيد المتقاعد من الجيش السويسري جاك بود، قد نشرها في تحليل يؤكد فيه وجود هذا المخطط الأميركي الأطلسي منذ سنوات، ويذكر أن بود، كان برتبة عقيد في سلاح المخابرات العسكرية السويسري وضابط ارتباط مع القيادة العسكرية للحلف وضابط تدريب عسكري ميداني في منطقة الدونباس للجيش الأوكراني منذ عام 2014.

يقول بود: «لقد ارتكب الإعلام الغربي ذنبا حين تكيف مع الانضمام إلى تأييد ما يريده الغرب بدلاً من اتباع طريق آخر، فقام بتحريف الحقيقة وأصبح هذا التحريف يشكل خطراً غالباً على الأوكرانيين أنفسهم، لأنه يسمح لواشنطن وحلف الأطلسي بإساءة استخدامهم واستغلالهم من أجل مقاتلة روسيا بدلاً من مساعدة أوكرانيا».

ويكشف بود أن «الجميع يعرف أن القرم أصبحت روسية بفضل الاستفتاء الديمقراطي بعد انقلاب مايدان عام 2014 وأن الجيش الروسي لم يطلق طلقة واحدة لاستعادتها بل إن عشرين ألفاً من الجنود الأوكرانيين الذين انتشروا فيها قبل عام 2014 قاموا بنزع شعار بزاتهم العسكرية الأوكرانية ووضعوا بدلاً منها شعار الجيش الروسي» مفضلين الانضمام إليه، ويضيف بود إن «زيلينسكي كان قد أعلن على لسان مدير حملته الانتخابية عام 2019 ومستشاره بعد فوزه بالرئاسة والناطق الحربي له اوليكسي أرسيتوفيتش، في شريط فيديو، أنه سيغزو القرم والدونباس في آذار 2021 وفي الفيديو ذاته يقول أريستوفيتش: وبعد شن الحرب على روسيا سيوافق حلف الأطلسي على عضوية أوكرانيا فيه، لكن أخطر ما جاء في الفيديو هو أن زيلينسكي حدد للقادة العسكريين يوم 16 شباط 2022 موعداً لبدء الحملة العسكرية الأوكرانية لاستعادة القرم والدونباس والدليل على صحة هذه المعلومات في الفيديو أن الجيش الأوكراني قام بقصف الدونباس في 11 شباط تمهيداً لما سيفعله في 16 شباط، وهذا ما رآه المراقبون الأوروبيون هناك، ويضيف بود: أن زيلينسكي كان يتوقع أن يرد الجيش الروسي في يوم 11 شباط ذاته أو بعده بأيام لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ بعمليته العسكرية في 24 شباط، والكل يذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدين كرر في 11 شباط قبل أسبوعين من بدء العملية العسكرية الروسية أن بوتين سيرد بعد أيام ثم قال بعد أسبوع وهذا ما يدل على وجود خطة معدة بين كييف وواشنطن في 11 شباط، ويتوقع بود أن ينتهي حلف الأطلسي ويتفكك بعد العملية العسكرية الروسية المتواصلة ويؤكد أن معظم الأسلحة والمعدات الحربية التي يرسلها حلف الأطلسي وواشنطن إلى الجيش الأوكراني يتعرض معظمها للتدمير من الجيش الروسي ولا يصل منها إلى الجيش الأوكراني إلا القليل.

لكن هذه الحقيقة لم تمنع مجلس الكونغرس عن الموافقة على تخصيص 40 مليار دولار لتسليح الجيش الأوكراني قبل أيام، وكأن الولايات المتحدة بموجب ما يقوله محللون فيها، تريد تجربة أسلحتها واختبار الأسلحة الروسية على الأراضي الأوكرانية، مع أنها يجب أن تعرف أن نهاية العملية العسكرية الروسية لن تتيح بعد وقت قريب وجود طرق تتسلل إليها واشنطن لإرسال السلاح الأميركي إلى الجيش الأوكراني، فالقيادة العسكرية الروسية، بموجب ما يتوقعه بود، ستوجه عملياتها العسكرية لإغلاق كل حدود أوكرنيا البحرية وغير البحرية لكي تلحق الهزيمة بخطة الغرب الهادفة إلى شن حرب استنزاف طويلة على الجيش الروسي.

وفي ختام تحليلهما يؤكد بود، واينتسفايلير، أن العالم سيدخل من بوابة العملية الروسية العسكرية إلى ساحة تتعدد فيها أقطاب القوى العظمى وتفقد واشنطن نظامها العالمي الأحادي القطب وستكون أوروبا الخاسر الأكبر إلى جانبها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن