أنقرة تسابق الزمن لتأمين لقاء لأردوغان مع بوتين … عشية قمة المناخ.. سفارة روسيا تتسلم جثمان بيشكوف وبرلمانيون روس يؤكدون: العلاقات الروسية التركية تجاوزت «نقطة اللاعودة»
وكالات :
تسابق تركيا الزمن قبل انعقاد قمة المناخ في باريس اليوم، لعلها تستطيع أن تقتنص لقاء لرئيسها رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي رفض حتى الرد على مكالمات الأول المتكررة بعد إسقاط الطائرات التركية للمقاتلة القاذفة الروسية «سو 24» في الأجواء السورية.
في هذا السياق سلمت السلطات التركية جثة الطيار الروسي الذي قتله المسلحون المدعومون من تركيا، أثناء هبوطه بالمظلة بعد تدمير طائرته، إلى الملحق العسكري في سفارة بلاده في أنقرة. لكن الحكومة التركية واصلت رفضها تحمل المسؤولية عن فعلتها ملقية عبأها على من انتهك حدودها. ودعت إلى التنسيق بين التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، وروسيا.
ولا توحي التصريحات والأجواء في روسيا أن بوتين، الذي فرض مساء أول من أمس عقوبات قاسية على تركيا، سيقبل بلقاء أردوغان قبل أن يعتذر الأخير رسمياً، عن فعلته. وأبعد ما وصل إليه الرئيس التركي هو التعبير عن الأسف وتمني لو لم يحصل ما وقع، وتلميحه إلى عدم تكرار فعلته مستقبلاً.
فأحد أرفع البرلمانيين الروس، أعرب عن خشيته من أن تكون العلاقات الروسية التركية قد تجاوزت «نقطة اللاعودة»، واعتبر أن العقوبات الروسية المفروضة على تركيا يجب أن توضح لأنقرة عدم جواز مغازلة الإرهاب، في حين أوضح برلماني رفيع آخر أن إسقاط تركيا للقاذفة الروسية أدى إلى ضرب 4 قطاعات من الاقتصاد التركي.
أنقرة تسرع إجراءات تسليم جثمان بطل روسيا
وعشية انعقاد قمة المناخ في العاصمة الفرنسية باريس، هبطت في مطار أنقرة ليل أمس طائرة عسكرية تقل على متنها جثمان قائد القاذفة الروسية «سو-24»، المقدم أوليغ بيشكوف.
واصطحب جثمان الطيار الملحق العسكري في السفارة الروسية من مطار لواء اسكندرون السليب إلى مطار أنقرة، وسيتم نقل جثمانه إلى روسيا في موعد سيحدد لاحقاً.
وسارع الرئيس الروسي بعد الحادثة إلى منح بيشكوف وسام «بطل روسيا الاتحادية» تخليداً لذكراه ودفاعه عن روسيا ومصالحها.
وفي وقت سابق أمس نقلت وكالة «تاس» للأنباء الروسية عن الملحق الإعلامي في السفارة، قوله: «أبلغونا (الأتراك) أنه سيتم نقل جثمان بطل روسيا إلى أنقرة من (لواء إسكندرون السليب)، على أن ينقل الجثمان على متن طائرة الملحق العسكري الروسي لدى السفارة الروسية»، ولفت إلى أن «العمل مستمر في الوقت الراهن لتحديد تاريخ وموعد نقل الجثمان إلى روسيا».
وبين رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن بلاده تسلمت فجر أمس جثمان بيشكوف، من دون أن يوضح كيف جرى ذلك علماً أن فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أظهر جثمان الطيار بين يدي المسلحين في أحد جبال اللاذقية المحاذي للحدود السورية التركية. وأضاف في مؤتمر صحفي قبل سفره إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، لحضور اجتماع بشأن الهجرة مع زعماء الاتحاد الأوروبي، أنه تمّ تسليم الجثمان إلى رجال الدين الأرثوذكس في ولاية هتاي (لواء إسنكدرون)، من أجل إقامة المراسم الدينية له، وسيتم تسليمه إلى روسيا لاحقاً بناءً على طلبها.
ويبدو أن أنقرة تريد أن يفتح تسليم جثمان الطيار الروسي أبواب اللقاء بين بوتين وأردوغان في باريس اليوم على هامش قمة المناخ. وكان الرئيس الروسي رفض الرد على اتصالات نظيره التركي وربط حصول اللقاء الباريسي باعتذار تركي رسمي عن إسقاط المقاتلة الروسية. وهو أمر رفضته أنقرة مراراً وتكراراً.
داود أوغلو ينتقد روسيا
وبحسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، انتقد داود أوغلو، التصريحات الروسية الأخيرة، التي تحمل بلاده مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية، واعتبرها «باطلة وغير مشروعة حسب القانون الدولي، وتضر بروابط الصداقة والجوار الوثيقة بين البلدين». وأضاف إنه «إذا كان لا بد من مسؤول عن الحادثة، فعلى الطرف الذي انتهك المجال الجوي التركي مراراً، أن يراجع نفسه أولاً».
وتابع قائلاً: إن «قواتنا المسلحة نفذت التعليمات التي وصلتها، في إطار موقف مشروع وقانوني، إلا أن تلك التعليمات ليست موجهة ضد دولة ما. وعلى أية حال لا أحد يرغب بأن يكون مجالنا الجوي أشبه بالغربال أو المصفاة، داخل حلقة النار هذه».
من جهة أخرى دعا داود أوغلو للتنسيق بين التحالف الأميركي والتحالف الروسي اللذين يشنان هجمات على الإرهابيين في سورية. ووفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، قال إن تكرار حوادث مشابهة لإسقاط الطائرة الروسية أمر محتمل في ظل وجود تحالفين لهما أهداف مختلفة في سورية ما لم يتم التنسيق وتبادل المعلومات بينهما.
بيشكوف ساخراً: أردوغان قصف الاقتصاد التركي بصاروخ جو جو
في موسكو، لا تزال النبرة عالية ضد الحكومة التركية وسط مساع لعزل التوتر عن العلاقة بين الشعبين التركي والروسي. وفي هذا السياق، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي ألكسي بوشكوف أن بلاده لا تحاول الثأر من مواطني تركيا لتصرفات قيادتها.
وليل أول من أمس، وقع بوتين مرسوماً باتخاذ إجراءات اقتصادية ضد تركيا «من أجل حماية المصالح والأمن القومي للاتحاد الروسي، ومن أجل حماية مواطنيها من الجرائم والأعمال الأخرى، التي تهدد مصالحهم». وتضمنت العقوبات حظر استيراد عدد من البضائع التركية وحظر عمل المؤسسات التركية، داخل الأراضي الروسية، ومنع استقدام الأيدي العاملة التركية.
كما أمر الرئيس الروسي كافة شركات السياحة والسفر الروسية الامتناع عن تنظيم الرحلات السياحية إلى تركيا، وحظر على النقل الجوي «تشارتر» بين روسيا وتركيا.
وعلق بوشكوف على إجراءات بوتين، مبيناً أنه تم بذل جهود خاصة ضمن هذه الإجراءات لتقليص مستوى الضرر الذي قد يلحق بالمواطنين الأتراك العاديين إلى أقل ما يمكن. وأوضح، وفقاً لموقع «روسيا اليوم»، أن نظام التأشيرات الجديد الذي تم فرضه على المواطنين الأتراك «لا يشمل (أولئك) الذين يملكون تصريح إقامة مؤقتاً أو دائماً في روسيا»، مشيراً إلى أخذ العامل الإنساني بعين الاعتبار فيما يتعلق بالإجراءات الاقتصادية.
وأكد أن قرار القيادة التركية إسقاط القاذفة الروسية فوق سورية بصاروخ جو جو أدى إلى توجيه ضربة للاقتصاد التركي! وقال ساخراً: «بات من الواضح الآن، أن أردوغان قصف بصاروخ جو جو، الاقتصاد التركي، حيث ستضرر 4 قطاعات» منه، هي السياحة والشركات التركية سواء العاملة في روسيا أم المصدرة لها، وأخيراً تداعيات ذلك على الميزان التجاري التركي.
يروفيا: العقوبات ضرورية لأن تركيا تقع في حضن الإرهاب
وألقت رئيسة لجنة الأمن ومكافحة الفساد في مجلس الدوما إيرينا يروفيا الضوء على جانب آخر يتعلق بالعقوبات الروسية على تركيا. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن يروفيا، قولها للصحفيين: إن بوتين «اقترح اتخاذ هذه التدابير لحماية روسيا من سياسة «الطعن في الظهر». وهذه تدابير ضرورية لأن تركيا تقع في حضن الإرهاب، أما نحن فنقوم بحرب على الإرهاب لا هوادة فيها».
وأشارت يروفيا إلى أن تمويل الإرهاب جريمة دولية. وأضافت قائلةً: «فلذلك، العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها روسيا بحق تركيا الهدف منها منع تمويل الإرهاب»، وبينت أن الحكومة الروسية «ستقيم وترد على أي تهديد محتمل، قادم على البلاد، من الدول التي أصبحت مرتعاً صديقاً» للإرهاب.
كوساتشوف واثق من أن العقوبات ستعيد الأتراك إلى رشدهم
من جانبه أعرب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف عن ثقته في أن العقوبات الروسية «ستعيد جيراننا الأتراك إلى رشدهم»، لكنه بين أن «سرعة هذه العملية تتعلق إلى حد بعيد بالموقف الشخصي لأردوغان». ولفت بحسب موقع «روسيا اليوم»، إلى أن الرئيس التركي في أول أيام كارثة القاذفة الروسية أظهر «الحد الأدنى لا الأقصى» من المسؤولية السياسية، وعبر عن الأمل في أن «تصحو تركيا الآن وتفهم عدم جواز مغازلة الإرهاب».
واعتبر كوساتشوف أن مرسوم بوتين ليس مجرد رد على حادثة الطائرة، بل هو رد على إدراك جديد لتركيا بوصفها «بلداً وجد نفسه في صفوف داعمي الإرهاب»، ورأى أن المرسوم يجمع التدابير الضرورية لحماية روسيا ومواطنيها من هذا التهديد الإضافي. وحذر قائلاً: «بعد الحادثة المأساوية تركنا الباب مفتوحاً أربعة أيام، لكننا لم نسمع أي إيضاحات معقولة، والآن أخشى أنه تم تجاوز نقطة اللاعودة».