ثقافة وفن

وجدانيات أقلامنا

| منال محمد يوسف

وعندما ننثرُ شيئاً من «وجدانيات أقلامنا» التي تكتبُ فلسفات تخصُّ ذواتنا وتُنثرُ الحروف وكأنّها لغات الوجدان أو مشاعر عاقلة يُرادُ لها أن تُكتبُ على شكل كلماتٍ مرصّعة الجمال.. وجدانيات قد يُختصرُ نور جمالها بين قابي «النون والقلم» نور الوجد الذي يأتي ويجعلنا نكتبُ، «ووجدانيات في عشقنا للأرض السمراء» أو لكل ما هو موجود حولنا، ولكل ما يخطر على الوجدانِ، وما يختلج في ثنايا أرواحنا وما يُنثر على شكل الشيءِ الذي يُسمّى «وجدانيات الأدب»، هذه الوجدانيات التي تُصاغُ على وقع تلك المقولة التي تقول: (وتُلقى أقلامهم) تُلقى محبةً، ونرى بعضها يُلقى ويُنثرُ على شكل «وجدانيات» نراها تهربُ من شغاف القلبِ، من شغافِ الشيء الوجدانيّ وما يُنثر على ضفاف جماله أو ضفافِ الرؤى التابعة له..

وما يتشكّل من عزفٍ قد نراه يُعزفُ ونقرأ به ما يُجيدُ به «ناي جبران ومعزوفته» أو ما يُذكّرنا «بقلم المتنبي والبيداء» وما نُثرَ من وجدانيات لم تهرم وإنما بقيتْ رسائل وجدها الإنسانيّ هي خير من يخبرنا عن حالها عبر الأزمنة، وخيرُ ما يُفتي لنا بأن الوجدانيات هي «كلمات الروح والعقل معاً» وتلك الألحان الصادقة التي تدلُّ على ما نفكرُ به، وعلى صوت الوجدان «وبعض لغاته» التي لا تزالُ تُنثر على وقع الشفافيّة الخالصة..

وعندما ننثرُ شيئاً من «وجدانيات قد تقادم بها الزمن» فإنها تبقى الشراع الأجمل، والمحبرة الأصدق الذي يُرادُ الكتابة بها وصرخة الرُّوح التي تتشكّل في مداد حزنها، في مداد ِ كلّ ما تشعرُ به «الرُّوح العاقلة» التي تنثر بعض وجدها على شكل وجدانيات، وأبجديات «قد تتشابه مع الياسمين وما ينثره من عطرٍ».

وعندما ننثرُ شيئاً «من وجدانيات ما تنثره أقلامنا» فنكون على أمل أن تذهب بعض الحروف إلى «بلاطات العصر الجاهلي» وكلّ ما سبقه وكلّ ما لحق به.

وننثرُ من نزف الرُّوح وإن سالَ حبراً، ونبتَ قمحاً، وأبجديات لا تُختصر وإنما يشعُّ نورها في حضرة كلّ ما يقوله «الوجدان» وما ينطق به وما ينثره من حكاياتٍ قزحيّة الألفاظ.

حكايات قد تُشبه «زبد الشيء المجتبى» وقد زُرعَ في روض «الشجون العاقلة» التي تُعزفُ على شكل روحانيات مسترسلة الشجن، وهذه الروحانيات قد تنسكبُ على وجدانيات، يُذكّرنا بما كُنا نقرأ ما يُسمّى «وجدانيات الأدب» أي صدق ما كُتبَ وما سيُكتبُ من دون أي تكلف يُذكر وبما سيترجم استحضار الشيء الذي يُشبه «شفافية الرُّوح» وإن بُعثر جمال أمرها، وقيل في عظيم صدقها وشفافية قولها ما يُرادُ أن يُقال حقاً.

وما تنثره محبرة الرُّوح، محبرة الشيء الوجدانيّ وكلاميات جماله الذي يُقالُ بلاغة، ويُنطقُ أقاويل يمرُّ الدهر عليها وتبقى كما هي تشبه شعاع الأبجدية الذي يبرقُ في تفاصيل الوجد الإنسانيّ، يُبرقُ تواريخ مُصاغة الانتباه الوجدانيّ، وتبدو كالأثر والفراشة، تبدو كحلمٍ وجدانيّ الصراخات يُقال على شكل مُعلّقات لا يزال عطر وجدها يفوح.. وكأنّه يسردُ لنا حكايات ما يسمّى «وجد الرُّوح أو الوجدانيات» وما يخضع لسلطة العقل أو يخرج «بالفطرة.. فطرة القول المرتجى» وما يُكتبُ وينثرُ في آن معاً.. ويكتبُ لنا حكايةً تُسمّى «وجدانيات أقلامنا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن