في إطار مخططاتها الانفصالية وبهدف إحداث تغيير في التركيبة السكانية في المناطق ذات الأغلبية العربية وتكريدها، واصلت ميليشيات « قوات سورية الديمقراطية – قسد» الموالية للاحتلال الأميركي، أمس، ما سمته «عملية إحصاء» للسكان في ريف محافظة الحسكة، إذ باشرت بالعملية في مدن الدرباسية وتل تمر وأبو راسين.
وذكرت وكالة «هاوار» الكردية، أن ما يسمى «مكتب التخطيط والتنمية والإحصاء في الجزيرة» التابع لميليشيات «قسد»، باشر بالتنسيق مع معلمين ومعلمات من «هيئة التربية والتعليم» و«الرؤساء المشتركين» لـما تسميه الميليشيات «الكومينات»، جمع بيانات السكان في نواحي الدرباسية وأبو راسين وتل تمر بعد إنهاء العملية الإحصائية في مدن وبلدات وقرى ريف القامشلي.
وسبق، أن فرضت ما تسمى «الإدارة الذاتية» الكردية التي تسيطر عليها ميليشيات «قسد»، في السادس والعشرين من الشهر الماضي، قيوداً على النازحين في مناطق سيطرتها بمحافظة الرقة وطالبتهم باستخراج «بطاقة الوافد» وربطت عملية استخراجها والوثائق الرسمية الأخرى لفئة الشباب بـ«واجب الدفاع الذاتي».
وفي تصريح سابق لـ«الوطن»، أوضح محافظ الحسكة اللواء غسان خليل رداً على سؤال حول هذا الإجراء الذي اتخذته «قسد» في الحسكة قبل الرقة، والمتمثل بمصادرة البطاقات الشخصية للأشخاص من مواليد المحافظات الأخرى، لإجبارهم على استصدار ما تسمى «بطاقة وافد»، أن هذا الإجراء موجه بالدرجة الأولى لأبناء محافظة دير الزور والذين يقيمون في الحسكة، وأضاف: «هم يحاولون تطويق كل من أجرى مصالحة مع الدولة مؤخراً في دير الزور كي يضبطوا هذه الأسماء ويتم توقيفهم، وخاصة أن قسماً من هؤلاء كانوا يقاتلون تحت إمرة «قسد» وقد رموا سلاحهم وعبروا نهر الفرات سباحة ووصلوا إلى دير الزور وأجروا المصالحة واستفادوا من هذه الفرصة التي منحها لهم الرئيس بشار الأسد».
وذكرت «هاوار»، أن المعلمين والمعلمات تجمعوا صباح أمس في المجمعات التربوية في النواحي الثلاث، ومنها توزعوا على «الكومينات» لبدء عملية الإحصاء السكاني.
ويتألف كل فريق وفق الوكالة من معلمين ورئيس «كومين»، إضافة إلى مشرفين من المجمعات في النواحي الثلاث، ومشرفين من «مكتب التخطيط والتنمية والإحصاء في الجزيرة» ومن المقرر أن تستمر عملية الإحصاء ليومين متتاليين بالتزامن مع تعطيل المدارس في النواحي المذكورة.
وتشمل «العملية الإحصائية» تسجيل عدد أفراد الأسرة المقيمين والمسافرين، والأسر الوافدة والنازحة من مناطق أخرى، وطبيعة عمل كل شخص فيها. ويتم التحقق من الاسم والعنوان الحالي والظروف المعيشية والحالة الاجتماعية للشخص من خلال دفتر العائلة وعدد الموظّفين الحكوميين، فضلاً عن إحصاء الأملاك من عقارات وأراضٍ ومحالّ تجارية.
ومنذ أكثر من عام دأبت ميليشيات «قسد» على الترويج لهذا الإحصاء الذي باشرت فيه بداية أيار الجاري، بزعم أنه يستهدف أغراضاً «تنموية» متعدّدة، لكن يسود اعتقاد واسع في أوساط معارضيها بأن الميليشيات تريد من خلال ذلك، تحوير هويّة المنطقة، وتكريدها على حساب المكوّنات الأخرى، بما يخدم مشروعها الانفصالي.
وحسب تقارير صحفية، لاقى الشروع في إجراء الإحصاء رفضاً شعبياً، لاعتبارات عديدة على رأسها النظر إليه بوصْفه إحصاءً سياسياً، وهو ما يطعن في نتائجه.
وتتّهم مصادر أهلية وعشائرية، «الإدارة الذاتية»، بـ«تنفيذ الإحصاء لغايات سياسية، على رأسها إبراز الهوية الكردية لمحافظة الحسكة، بعكس الواقع، حيث تشكّل العشائر العربية نحو ثلاثة أرباع سكّان المنطقة»، على ما ذكرت التقارير. وتستند المصادر في اتّهاماتها إلى «معاملة جميع السكان الذين ينحدر قيدهم من خارج المحافظة، على الرغم من إقامتهم فيها منذ عشرات السنوات، معاملة الوافدين، بمَن فيهم أولئك الذين غُمرت أراضيهم بمياه سـدّ الفرات في الرقّة، ويقطنون في الحسكة منذ سبعينيات القرن المنصرم».
وتضيف: إن «الإدارة الذاتية لا تُعامل سكان عفرين وعين العرب ومناطق أخرى في ريف حلب على أنهم وافدون، ولا تطالبهم بأي وثائق، وهو ما يُعتبر ازدواجية في المعايير، وتمييزاً واضحاً»، مطالبةً هذه «الإدارة» بـ«عدم القيام بخطوات تؤدّي إلى شرخ اجتماعي بين السكّان».