ثقافة وفن

سلافة معمار والإبداع بتجسيد دور الأم … «أم العز» بين الأم المتزنة والرصينة والتصرفات العشوائية الخاطئة

| مايا سلامي

سنوات طويلة من التميز والتجدد خطتها الفنانة سلافة معمار في صفحات مسيرتها الإبداعية حبكتها مجموعة من الأدوار المتعددة والمتنوعة التي انتقتها بدقة عالية لتقدمها على مستوى رائع ومبهر من الحرفية والإبداع، فحجزت لنفسها مكانة في صفوف عمالقة الفنانين على الصعيدين المحلي والعربي، وكان لها تأثير وحضور كبيران عند المشاهدين.

وفي هذا الموسم الرمضاني استمرت النجمة سلافة معمار بتأدية شخصية «أم العز» في الجزء الثاني من مسلسل «حارة القبة» تأليف أسامة كوكش، إخراج رشا شربتجي الذي قدمت فيه منذ الجزء الأول أحد أهم الخطوط الرئيسة في العمل وجسدت فيه وللمرة الأولى شخصية الأم الموقرة صاحبة المكانة الاجتماعية العالية والتي تتعرض لجملة من الاختبارات والتحديات الصعبة بسبب التصرفات الطائشة لإحدى بناتها فتواجه وحدها خطوط الشر الحاضرة في العمل لحفظ كرامة أسرتها، إلا أن هذه الشخصية شهدت تطورات وتحولات مهمة في الجزء الثاني من المسلسل جعلتها تبدو مختلفة كلياً عن شخصيتها المتزنة والرصينة التي أحبها الجمهور في الجزء الأول.

الصلبة والصبورة

حيث أبدعت الفنانة سلافة معمار في الجزء الأول من مسلسل «حارة القبة» الذي عرض في الموسم الرمضاني السابق بتقديم دور الأم الصلبة والصبورة التي تحمل أوزار أولادها لمفردها وكانت عمود ثقل هذه الأسرة لتحفظ كينونتها وكرامتها التي اتخذت جملة من القرارات المصيرية والحكيمة جعلاها تفقد أغلى وأثمن ما تملك في سبيل سعادة بناتها فكانت مثالاً للأم المضحية.

تقمصت سلافة شخصية الأم بكل جوارحها وقدمتها بجرعة عالية من التفاني والإخلاص من خلال أدواتها التمثيلية الاحترافية التي طوعتها بشكل مدروس لتتماهى مع هذا الدور وتقدمه على أكمل وجه، فأعطت الشخصية حقها وجعلت الكثيرين يتفاعلون ويتأثرون معها.

لغة العيون والجسد إيماءات وجهها، حركاتها، ودموعها السخية زادت من واقعية وصدق أدائها وأقنعت المشاهد بأن تسمية شخصيتها بـ «أم العز» لم يكن مصادفة وأنه كان لها من هذا الاسم نصيب فمثلت كل معاني العز والفخر والجبروت لأم ثكلى فقدت صغيرها المدلل في مشهد أسطوري أدمى قلب كل من شاهده ويستحق أن يدخل بجدارة موسوعة سلافة معمار الإبداعية.

تضاد كبير

لم تستمر شخصية «أم العز» على الوتيرة نفسها في الموسم الثاني من العمل، وأظهرت تضاداً كبيراً مع شخصيتها المتزنة والحكيمة التي أدتها سابقاً، وباتت كفتاة مراهقة لا تحسب حساباً لتصرفاتها وقراراتها العشوائية التي تتخذها بناء على عاطفتها أحياناً ورغبتها بالانتقام في أحيان أخرى من دون أدنى تفكير مسبق بعواقب أفعالها وأثرها في أولادها وأسرتها الذين شكلوا محور حياتها وسعادتها في وقت سابق.

فيشهد دورها في هذا الجزء جملة من الخطوط والمواقف الجديدة أبرزها محاولة «طبنجة» الذي يشكل أهم أطراف الشر في العمل، وكان له يد في كل المصائب التي لحقت بعائلتها وفي التقرب منها وطلبها للزواج، لتتعامل «أم العز» مع هذا الموقف بشكل لا يخلو من السذاجة بسبب خوفها غير المبرر من «طبنجة» إضافة إلى الانتقام من زوجها « أبو العز» الذي يسعى للزواج من شقيقة قاتل صغيرهما «رضوان»، بأسلوب خاطئ أبعد ما يكون عن العقل والمنطق ومن دون الالتفات إلى مصير ابنتيها اللتين كرست حياتها في سبيل سعادتهما.

هذا التحول الكبير أثار جملة من الانتقادات اللاذعة، حيث اعتبر الكثيرون بأن شخصية «أم العز» لم تعد ترقى إلى المستوى المنشود، وأنها بعد أن كانت بمنزلة بصمة فخر لسلافة معمار باتت اليوم نقطة سوداء لمسيرتها الغنية، وأنها أيضاً أصبحت تكرر نفسها في كل الحلقات من دون تقديم شيء جديد، وهذا لا يناسب إبداعها الذي اعتاد عليه جمهورها طوال تاريخها الفني العريق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن