الوزير ذاته، وحول الموضوع ذاته، وربما بالقلم ذاته، وقّع خلال أقل من شهر قرارين: الأول إحداث غرفة صناعة طرطوس، والثاني، (وعلى أهون سبب) إلغاء إحداث غرفة صناعة طرطوس، لأن «القانون» حسب القرار يقول: (يقوم المحافظ بدعوة الهيئة العامة في الغرف التي صدر قرار بإحداثها إلى اجتماعها الانتخابي الأول خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبلغه القرار الوزاري المتضمن الدعوة إلى الاجتماع والشروع بانتخاب مجلس إدارة الغرفة. وبما أن هذا الإجراء يعتبر أحد الأركان الأساسية لاستكمال إجراءات إحداث الغرفة فقد تعطّل تنفيذ قرار الإحداث قانوناً).
وهنا لم نعلم ما الذي حصل؛ هل قام المحافظ بدعوة الهيئة العامة ولم تستجب؟ أم إنه انشغل لدرجة أنه نسي أن يدعوها، أم تناسى؟
القصة لم تنتهِ تفاصيلها هنا، وهي ليست ببساطة إصدار قرار والتراجع عنه، فهذا وارد لأسباب ما، لكن ما حدث، هو أنه وبعد 12 يوماً من إحداث غرفة صناعة طرطوس، وتحديداً خلال اجتماع الهيئة العامة لاتحاد غرف التجارة، فوجئنا – وعلى لسان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك – بأن قرار إحداثها مخالف للقانون رقم 8 الذي يعتبر الغرف المشتركة هي غرف محدثة بموجب القانون حكماً، وبالتالي لا يسمح بإنشاء غرفة صناعة بوجود غرفة مشتركة، أي بوجود غرفة تجارة وصناعة! وزاد على ذلك بمطالبة النائب الثاني لرئيس اتحاد الغرف ورئيس غرفة تجارة وصناعة طرطوس بإلغاء قرار إحداث الغرفة في طرطوس أو أي غرفة صناعة في أي محافظة أخرى، لأن في ذلك – أيضاً – مخالفة للقانون 8 لعام 2020 الناظم للغرف في سورية.
وعلى سيرة القانون، فإن قرار إحداث الغرفة الذي ولد ميتاً، جاء مملوءاً بأرقام القوانين الناظمة، والمراسيم، وبتواريخ تحدد مواعيد الاجتماعات والانتخابات، وبأعداد دقيقة يجب أن يتشكل منها مجلس الإدارة، والكثير من الحديث حول سنوات من الانتظار، والكثير من المطالبات من اتحاد غرف الصناعة السورية ومن صناعيي محافظة طرطوس، وما إلى هنالك.
هنا، يصير الاستفهام الاستنكاري مبرراً، بل واجب: هل يعقل أن وزير الصناعة، واتحاد غرف الصناعة، ورئيس الاتحاد الذي وجّه كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء قبل قرار الإحداث بأسابيع، تحدث فيه عن ضرورة دعم صناعات القيمة المضافة الغذائية والتصديرية التي تعتمد على المنتج الزراعي المتوفر، وعن ضرورة دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في محافظة طرطوس، وعن ضرورة تنفيذ رغبة العديد من صناعييها بإحداث غرفة صناعة مستقلة في المحافظة، كل هؤلاء، ما كانوا يعلمون بأن إحداثها مخالف للقانون؟
عموماً، ما لدينا الآن هو أن غرفة صناعة طرطوس التي أحدثت بموجب القانون، ألغيت أيضاً بموجب القانون الذي لم يكن يعرفه من أحدثها بموجب القانون السابق.. أيضاً.